رفح- أ.ف.ب
أسفر القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة عن مقتل أكثر من 80 شخصاً، في الساعات ال24 الأخيرة حتى صباح الثلاثاء، في وقت تسعى الولايات المتحدة إلى ثنيِ إسرائيل عن شنّ هجوم كبير على مدينة رفح التي نزح منها حوالي 450 ألف شخص، وفقاً للأمم المتحدة.
وفي القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمّر، استأنف المدنيون الذي كانوا قد نزحوا أكثر من مرّة منذ بداية الحرب، البحث عن ملجأ جديد في وقت تقول الأمم المتحدة إنّه «لا مكان آمن في قطاع غزة».
وفي الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، أفاد شهود في وكالة «فرانس برس» عن تنفيذ القوات الإسرائيلية غارات جوية على مناطق مختلفة من غزة في شمالها وجنوبها، بما في ذلك مدينة رفح الواقعة في جنوب القطاع على الحدود مع مصر والمكتظة بنحو 1.4 مليون فلسطيني، غالبيتهم من النازحين.
وفيما أعلنت وزارة الصحة في غزة مقتل 82 فلسطينياً على الأقل خلال الساعات ال24 الأخيرة، أشارت إلى ارتفاع حصيلة القتلى في القطاع منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من سبعة أشهر، إلى 35173 شخصاً غالبيتهم من المدنيين.
450 ألف نازح من رفح
في السادس من أيار/ مايو، أصدر الجيش الإسرائيلي أمراً إلى المدنيين بإخلاء مناطق في رفح، ما أدى إلى نزوح 450 ألف شخص حتى الآن، حسبما أفادت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» عبر حسابها على منصة «إكس».
ولم تحدّد الوكالة إلى أين توجّه هؤلاء النازحون، غير أنّها أشارت إلى «استمرار العائلات بالفرار بحثاً عن الأمان»، مضيفة أنّ «الناس يواجهون الإرهاق والجوع والخوف».
في الأثناء، دارت معارك عنيفة في شرق رفح حيث توغّل الجيش الإسرائيلي بدباباته في السابع من أيار/ مايو وسيطر على الجانب الفلسطيني من معبرها وأغلق بوابة مهمّة أمام دخول المساعدات الإنسانية إلى السكان المهدّدين بالمجاعة، وفقاً للأمم المتحدة.
كما طال القصف غرب رفح، بينما كانت الطائرات الإسرائيلية تحلّق فوق المدينة بشكل متواصل، وفقاً لشهود.
وقالت هديل رضوان (32 عاماً) التي نزحت من مدينة غزة: إنّ «القصف والغارات متواصلان. إنّه أمر مخيف للغاية. أنا خائفة على أطفالي».
وأضافت: «هربنا من شمال القطاع باتجاه رفح بسبب عمليات القصف والآن يتكرّر السيناريو ذاته. جهّزنا أغراضنا للفرار مجدّداً، ولكن لا نعرف إلى أين نذهب. ليس لدينا مكان نذهب إليه وليس لدي خيمة حتّى». وغداة إعلان الأمم المتحدة مقتل أحد عناصر الأمن التابعين لها في هجوم على مركبة في غزة، أكدت، الثلاثاء، أنّها أبلغت السلطات الإسرائيلية بتحرّك المركبة التي تعرّضت لإطلاق نار في رفح.
في شمال القطاع أيضاً، أُمر السكّان بمغادرة بعض المناطق في ظلّ استئناف المعارك، خصوصاً في جباليا ومدينة غزة، حيث يقول الجيش الإسرائيلي إنّ حركة حماس «تحاول إعادة بناء قدراتها العسكرية».
«خطأ»
وتعارض الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، هجوماً واسع النطاق في رفح، حتى أن مسؤولين أمريكيين شكّكوا في الأيام الأخيرة في إمكان القضاء على حركة حماس بالكامل.
والاثنين، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جايك ساليفان: «نحن نواصل العمل مع إسرائيل لإيجاد طريقة أفضل لضمان هزيمة حماس في كلّ أنحاء غزة، بما فيها رفح» بدلاً من «رؤية إسرائيل تنزلق في حملة مكافحة تمرّد لا نهاية لها».
وجدّد التأكيد أنّ الإدارة الأمريكية تعتبر «أنه سيكون خطأ شنّ عملية عسكرية كبرى في قلب رفح من شأنها أن تعرّض للخطر عدداً هائلاً من المدنيين من دون أيّ مكسب استراتيجي واضح».
من جهتها، اعتبرت الدوحة، الوسيط مع واشنطن والقاهرة في المفاوضات بشأن التوصّل إلى وقف لإطلاق النار والإفراج عن الرهائن، أنّ العملية العسكرية الإسرائيلية في رفع «أعادتنا إلى الوراء» في المحادثات التي وصلت إلى «حالة من الجمود تقريباً».
وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني: «ليس هناك وضوح حيال كيفية وقف الحرب من الجانب الإسرائيلي. لا أعتقد أنهم يفكرون في ذلك كخيار (…) حتى عندما نتحدث عن اتفاق والتوصل إلى وقف محتمل لإطلاق النار».
وفي وقت لاحق، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري في مؤتمر صحفي أسبوعي، إنّ «الأشقاء في قطاع غزة لم تصلهم أي مساعدات منذ التاسع من أيار/ مايو»، معتبراً أن «هذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على الإمعان في تكريس الكارثة الإنسانية في قطاع غزة».
مستوطنون ينهبون المساعدات
وبينما توقّف إيصال المساعدات إلى غزة بشكل شبه كامل منذ إغلاق معبر رفح، وفقاً للأمم المتحدة، فقد حذّرت وزارة الصحة في غزة، الاثنين، من «انهيار» المنظومة الصحية نتيجة عدم إدخال الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء في المستشفيات وسيارات الإسعاف ونقل الموظفين.
وفي سياق متصل، أعلنت الشرطة الإسرائيلية أنها فتحت تحقيقاً بعدما قام مستوطنون يمينيون بإيقاف ونهب ما لا يقل عن سبع شاحنات مساعدات إنسانية كانت متجهة إلى غزة.
وقالت المستوطنة هانا جيات: «لدينا رهائن في غزة ولا ينبغي تسليم أيّ مساعدات إنسانية حتى يعود الرهائن إلى منازلهم بأمان».
إلى ذلك، أعلنت محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، أنها ستعقد جلسات يومي الخميس والجمعة للنظر في طلب جنوب إفريقيا فرض إجراءات عاجلة على إسرائيل لسحب قواتها من رفح في جنوب قطاع غزة. وستستمع المحكمة ومقرها في لاهاي إلى محامين يمثلون جنوب إفريقيا، الخميس، وإلى رد إسرائيل في اليوم التالي، على ما جاء في بيان صادر عنها.