متابعة: علي نجم
عاد الوصل إلى مكانه القديم على منصات التتويج، حين دخل نادي الأبطال في عصر المحترفين، بعدما توّج للمرة الثالثة في تاريخه بلقب بطولة كأس صاحب السمو رئيس الدولة لكرة القدم بعد غياب دام 17 عاماً عن الإنجازات.
لأنه الوصل، فإن العودة لم تكن من دون بهرجة وأرقام خاصة، حيث إن فوزه في النهائي على النصر 4-0، كان النتيجة الأغلى على مر التاريخ بالتساوي مع نتيجة الجزيرة على حساب الوحدة موسم 2010-2011، كما أن لاعبي «الإمبراطور» حملوا أول نسخة من التصميم الجديد للكأس المطرزة بكلمات النشيد الوطني الإماراتي.
عادت شمس البطولات لتشرق من جديد فوق استاد زعبيل، بعدما خيم «غيم» سوء النتائج، وعدم النجاح في بلوغ منصات التتويج على فترات طويلة، مر بها «الأصفر» بمراحل من الصعود والهبوط، قبل أن يجد طريق النجاح في ظل إدارة النادي الحالية برئاسة احمد الشعفار.
حقق الوصل اللقب الثالث لأغلى البطولات، في ليلة ستبقى خالدة في الذاكرة، وفي ليلة لن تمحى من ذكريات كل من يعشق القميص الأصفر.
كان السابع عشر من مايو 2024، يوم تحولت به مدينة العين البنفسجية والتي تستعد لاحتضان نهائي دوري أبطال آسيا السبت المقبل، إلى مدينة فيها خليط من اللونين الأصفر والأزرق، لكن المد الأصفر كان الأبرز والأكثر حضوراً.
مفاجأة تكتيكية
خاض الهولندي شرودر المدير الفني لفريق النصر حرباً إعلامية في المؤتمر الصحفي قبل ساعات من بداية النهائي، حين وضع كل الضغوطات على عاتق المنافس المرشح للفوز، والمؤهل للفوز بالكأس قياساً إلى إمكانات الفريق، ووضعيته في الدوري، بخلاف «العميد» الذي تقدم من المراكز المتأخرة، إلى الخماسي الأول في الترتيب، كما بلغ النهائي الكبير بعدما أقصى شباب الأهلي أحد ابرز المرشحين لنيل الكأس.
أما في ليلة العرس، فقد بدا أن الصربي ميلوش مدرب الوصل ترك للهولندي «المعركة الكلامية» وبحث عن الفوز ب«الحرب الفنية» على حساب شرودر الذي بدا للمرة الأولى عاجزاً عن إنقاذ الفريق من الغرق في رمال الفريق الأصفر المتحركة فوق العشب الأخضر.
قرر ميلوش لعب دور «المغامر»، بدلاً من أسلوب لعب الفريق المعتاد في «الليلة الكبرى»، حين راهن على ثلاثي من أجل تأمين العمق الدفاعي، وضمان الحد من خطورة مفاتيح لعب النصر على الجانبين بعيداً عن المربع الأصفر، إلى جانب زيادة الضغط على دفاع «العميد»، والأهم كسب معركة الوسط.
منح ميلوش علي سالمين القيادة لوسط الميدان، فكان عقدة الوصل بين الدفاع والهجوم، وكلف علي صالح بدور دفاعي- هجومي على الجانب الأيمن، والضغط على الظهير راشد محمد عمر، وهو ما أسفر عن أكثر من فرصة للفهود ليتألق «الغولدن بوي» فصنع الهدف الثاني وسجل الرابع ليمنح جماهير الإمبراطور ليلة للتاريخ لن تُنسى.
أجمل الألحان
في المقابل، كان نيكولاس خيمينيز هو«المايسترو» الذي عزف الفريق على أوتاره أجمل الألحان الفنية، أطرب بلمسات فنية وأبدع بتمريرات ساحرة واستعرض بلمسات قاتلة ومهاراته العالية.
وفي الوقت الذي كان فيه لاعبو الشق الهجومي بخطفون الأضواء بالصناعة والتسجيل، لعب«أهل الدفاع» دورهم الفني على أكمل وجه، حتى شعر من تابع المباراة بأن المغربي عادل تاعرابت ساحر النصر وصانع الإبداعات في«إجازة» وبأن الهداف الإيطالي غابياديني يعيش ليلة هانئة، بعدما استسلم لرقابة الكماشة بوفتيني- جونغ.
سيناريو اللقاء
وشهدت المباراة بعض التفاصيل الحاسمة التي رسمت ملامح المباراة، حسب التالي:
1- ضغط أصفر واندفاع هجومي من أجل تسجيل هدف مبكر، وهو ما تحقق لولا راية الحكم المساعد، وتأكيد الفار على صحة القرار.
2-إصابة البوسني سمير مميسيفيتش بالرأس، ومطالبة النصراوية بمنح علي صالح البطاقة الحمراء بعد تدخل على كعب قدم تاعرابت.
3- تدخل الحارس شامبيه البارع في الوقوف أمام انفراد السويسري هاريس ليمنع الفهود من تسجيل هدف التقدم.
4-كان قرار حكم «الفار» باستدعاء الحكم المغربي- الأمريكي إسماعيل الفاتح لمتابعة لمسة يد مميسيفيتش داخل المربع، ومن ثم احتساب ركلة جزاء للوصل في الوقت بدل الضائع، ليسجل منها ليما هدف التقدم، نقطة التحول الكبيرة في مسار ومصير المباراة.
5- تلقى الفريق «الأزرق» صدمتين في دقيقتين في الشوط الثاني، حين رفع الحكم البطاقة الحمراء في وجه موسى نداي لاعب وسط العميد بعد تدخل عنيف على رأس ووجه لاعب الوسط علي سالمين، قبل أن تهتز شباك شامبيه بالهدف الثاني من ليما.
تغيير مسار النهائي
حمراء، وهدف، أسهما في وضع نقطة النهاية بالنسبة لعودة «الأزرق» الذي افتقد كل مقومات النصر، والفريق الذي نال الاستحسان في الفترة السابقة مع شرودر.
وأمام المد الهجومي«الأصفر» قام خيمينيز بفاصل مهاري وعكس عرضية لرأس هاريس الذي سجل الثالث، بعدما وجد الثقة من المدرب ميلوش في الليلة الكبيرة بعد استبعاده من قائمة الأساسيين في المواجهات الأخيرة في الدوري.
وكان علي صالح يستحق أن يحفر اسمه في سجلات الهدافين في ليلة الذهب، فقام ب«ماراثون» من منتصف الملعب لكن بسرعة العدائين الكبار، ليدخل المربع ويسدد كرة أرضية منح بها فريقه الهدف الرابع، وأشعل مدرجات الإمبراطور فرحاً.
على أعتاب التاريخ
بات الوصل يقف على أعتاب التاريخ خاصة وأن الفريق فرصة التتويج بالثنائية للمرة الثانية بعد الأولى موسم 2006-2007.
وحسم الوصل اللقب الرسمي الأول، وعاد إلى منصات التتويج، ليحقق الكأس الغالية، وليصبح قريباً من تحقيق الحلم الكبير بالفوز بلقبي الدوري والكأس، خاصة مع تربع الفريق فوق قمة الترتيب لدوري أدنوك للمحترفين بفارق 6 نقاط عن شباب الأهلي الوصيف.
هاريس قمر 14 في النهائي
تمكن السويسري هاريس من العودة واللعب أساسياً في تشكيلة فريق الوصل، بعدما كان خياراً على الدكة وفق رؤية المدرب ميلوش في مباريات الفريق الأخيرة في الدوري التي راهن فيها على كل من كايو حيناً وآداما أحياناً أخرى.
وقام هاريس بأدوار تكتيكية عالية المستوى في المباراة، فمارس الضغط على ثنائي النصر الدفاعي ليما- غوستافو، ولعب دور المدافع الأول في الفريق.
تأثير النجم السويسري الذي كان زميلاً قديماً للمغربي تاعرابت في بنفيكا البرتغالي كان واضحاً خلال فترات المباراة، فسجل هدفاً ألغاه الحكم بداعي التسلل، وأهدر انفراد وجهاً لوجه أمام أحمد شامبيه، قبل أن ينال ما يستحق بتسجيل الهدف الثالث بكرة رأسية.
ونجح اللاعب السويسري في بلوغ الهدف رقم 14 له مع الوصل على صعيد كل البطولات، فكان الهدف في النهائي هو الثالث له في مسابقة الكأس، بينما سجل هدفين في مسابقة كأس مصرف أبوظبي الإسلامي، في وقت بلغت غلّته من الأهداف في الدوري حتى الآن 9 أهداف.