«الخليج» – وكالات
أعلنت روسيا، السبت، أنها سيطرت على قرية قرب فوفشانسك في منطقة خاركيف بشمال شرق أوكرانيا؛ حيث بدأت هجوماً برياً جديداً، الأسبوع الماضي، فيما طالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بنظامَي باتريوت مضادّين للطائرات؛ من أجل الدفاع عن سماء المنطقة والجنود.
وقالت وزارة الدفاع الروسية: «حررت وحدات من مجموعة القوات الشمالية قرية ستاريتسيا في منطقة خاركيف، وواصلت تقدمها في عمق الدفاعات الأوكرانية».
ومن جانبه أعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن خشيته من أن يكون الهجوم البري الذي بدأته روسيا في منطقة خاركيف مجرد تمهيد لهجوم أوسع نطاقاً في الشمال والشرق، محذراً من أن كييف ليس لديها سوى ربع أنظمة الدفاع الجوي التي تحتاج إليها لتصمد على الجبهة.
في العاشر من أيار/مايو، شنت القوات الروسية التي حققت تقدماً طفيفاً في الأشهر الأخيرة في الأراضي الأوكرانية، هجوماً مفاجئاً على منطقة خاركيف الأوكرانية، محققة أكبر مكاسبها منذ 18 شهراً.
وفي أول مقابلة مع وسيلة إعلام أجنبية مذ بدأت موسكو هجومها في خاركيف، قال زيلينسكي، إنّ القوّات الروسيّة توغّلت ما بين خمسة إلى عشرة كيلومترات على طول الحدود الشماليّة الشرقيّة قبل أن توقفها القوّات الأوكرانيّة.
وأضاف، «لقد أوقفناهم، لن أقول إنّه نجاح (روسي) كبير، لكن علينا أن نقرّ بأنّهم هم من يتوغّلون في أرضنا، وليس العكس».
وأشار إلى أنّ الوضع لم «يستقرّ» بعد، متابعاً، «رغم ذلك فإنّ الوضع تحت السيطرة وأفضل من اليوم الأوّل» للهجوم، وذلك بفضل التعزيزات المنتشرة.
واعتبر زيلينسكي أنّ الأمر بات بالنسبة إلى أوكرانيا وحلفائها الغربيّين متعلّقاً بعدم إظهار ضعف، مطالباً بنظامَي باتريوت مضادّين للطائرات؛ من أجل الدفاع عن سماء المنطقة والجنود الذين يدافعون عنها.
وقال زيلينسكي، إنّ أوكرانيا ليس لديها سوى ربع أنظمة الدفاع الجوّي التي تحتاج إليها، مضيفاً أنّها تحتاج أيضاً 120 إلى 130 طائرة مقاتلة من طراز إف-16 لمواجهة القوّة الجوّية الروسيّة.
«قتال عنيف»
وسبق لموسكو أن سيطرت على أجزاء واسعة من هذه المنطقة في المراحل الأولى للحرب، قبل أن تستعيدها كييف، وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، أن هدف الهجوم الجديد هو إقامة «منطقة عازلة» في مواجهة هجمات أوكرانية على الأراضي الروسية، مشيراً إلى عدم نية قواته غزو مدينة خاركيف.
وسيطرت روسيا على 278 كيلومتراً مربعاً بين 9 أيار/مايو والخامس عشر منه في شرق أوكرانيا، ولا سيما في منطقة خاركيف، في أكبر اختراق لها منذ سنة ونصف السنة، على ما أظهر الخميس، تحليل أجرته وكالة فرانس برس استناداً إلى بيانات للمعهد الأمريكي لدراسة الحرب (ISW).
وأوضح حاكم المنطقة أوليغ سينيغوبوف، السبت، أن القوات الأوكرانية صدّت ليلًا محاولتين روسيتين لخرق خطوط التماس، مؤكداً أن الوضع «تحت السيطرة».
واتهم مسؤولون أوكرانيون الجيش الروسي باعتقال عشرات المدنيين واستخدامهم «دروعاً بشرية» لحماية مقرّ عسكري، وهو ما لم تتمكن وكالة فرانس برس من التحقق منه على الفور.
وقال سينيغوبوف: «في منطقة مدينة فوفتشانسك (الواقعة على مسافة خمسة كم من الحدود)، تقوم القوات الأوكرانية بتعزيز دفاعاتها».
واضطر نحو 10 آلاف شخص للفرار من منازلهم في منطقة خاركيف بشمال شرق أوكرانيا مذ بدأت روسيا هجوماً برياً مباغتاً قبل أكثر من أسبوع، وفق ما أفاد مسؤول محلي السبت.
ويرى محللون عسكريون أن الهجوم على خاركيف قد يهدف إلى استنزاف القوات والموارد الأوكرانية بشكل أكبر، مع حشد روسيا المزيد من قواتها البشرية وذخائرها.
وقال قائد الجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي، إن روسيا تحاول إجبار أوكرانيا على سحب المزيد من القوات من احتياطياتها.
وأوضح: «ندرك أنه سيكون هناك قتال عنيف في المستقبل، وأن العدو يستعدّ له».
«ملء الاحتياطات»
أقرّ زيلينسكي بأنّ ثمّة نقصاً في عديد القوات الأوكرانيّة، وبأنّ هذا يؤثّر في معنويّات الجنود، في وقت يدخل قانون جديد للتعبئة حيّز التنفيذ، السبت، لتعزيز صفوف الجيش.
وقال زيلينسكي: «علينا ملء الاحتياطات، ثمّة عدد كبير من الألوية الفارغة».
ومع عدم وجود نهاية للحرب في الأفق، يكافح الجيش الأوكراني في التجنيد فيما يشعر الجنود بالإرهاق والغضب بسبب عدم التناوب.
ويحارب الكثير من الجنود الأوكرانيين منذ أكثر من عامَين دون إمكانية تسريحهم.
وفي نيسان/إبريل، وقّع زيلينسكي قانوناً مثيراً للجدل يدخل حيز التنفيذ السبت، ويخفض سن التعبئة من 27 إلى 25 عاماً، مما يرفع عدد الرجال المؤهلين للقتال.
وتسبّب القانون الذي يشدّد بشكل ملحوظ العقوبات على الذين يتهرّبون من التجنيد، في غضب بسبب حذف بند في اللحظة الأخيرة ينصّ على تسريح الجنود الذين أمضوا 36 شهراً في الخدمة، وهي ضربة قاسية لمن يقاتل على الجبهة منذ أكثر من عامين.
وبعد التأخير المطوّل في تسليم معدات عسكرية أمريكية وأوروبية، رأى الرئيس الأوكراني أن الدول الغربية الحليفة لكييف «تخشى» أن تخسر موسكو هذه الحرب بقدر خشيتها أن تخسرها كييف.
وأوضح أنّ «الغرب يخشى أن تخسر روسيا الحرب، و(في الوقت نفسه) هو لا يريد لأوكرانيا أن تخسرها؛ لأنّ انتصار أوكرانيا النهائي سيؤدّي إلى هزيمة روسيا، ولأنّ انتصار روسيا النهائي سيؤدّي إلى هزيمة أوكرانيا».