حُلّ البرلمان البريطاني رسمياً، الخميس، استعداداً للانتخابات المقررة في 4 يوليو/ تموز والتي قد تدشّن حقبة من التغيير في المملكة المتحدة، حيث يتصدر حزب العمال استطلاعات الرأي متقدماً على حزب المحافظين الحاكم.
وبعد 14 عاماً في المعارضة، يجد حزب العمال (يسار الوسط) نفسه في موقع قوة، قبل خمسة أسابيع من الانتخابات، ويبدو أن زعيمه كير ستارمر، وهو محام سابق متخصص في حقوق الإنسان، هو المرشح الأوفر حظا لرئاسة الحكومة.
ومع عجزه عن وقف تراجع حزبه في استطلاعات الرأي، حاول رئيس الوزراء، ريشي سوناك، استعادة زمام المبادرة الأسبوع الماضي، من خلال الدعوة إلى إجراء انتخابات في يوليو/ تموز، بينما لم يكن من المتوقع إجراؤها قبل الخريف.
ومنذ ذلك الحين، يتنقل المصرفي ووزير المالية السابق في بلاده، بوتيرة محمومة، لكنه واجه بداية صعبة لحملته الانتخابية، تميزت بالإعلان عن الانتخابات التشريعية وسط أمطار غزيرة، وبزيارة إلى منطقة تيتانيك في بلفاست أثارت مقارنات ساخرة بين مصيره السياسي، وغرق السفينة الشهيرة.
ولم يكن للمفاجأة تأثير كبير حتى الآن، ولم يغير الأسبوع الأول من الحملة الدينامية الحالية، إذ تشير استطلاعات الرأي إلى حصول حزب العمال على 45% من نوايا التصويت في المتوسط مقارنة بـ23% لحزب المحافظين، ما يشير في ضوء نظام التصويت بالأغلبية البسيطة، إلى فوز عريض لحزب العمال.
- انسحابات غير مسبوقة
تبدأ مرحلة جديدة من الحملة مع الحل الرسمي للبرلمان المنتخب عام 2019، بعد اقتراع فاز به المحافظون بقيادة بوريس جونسون، على العماليين بزعامة اليساري الراديكالي جيريمي كوربين.
وأصبحت مقاعد مجلس العموم البالغ عددها 650 مقعداً، شاغرة الآن، ويجري السباق على ملئها في الدوائر الانتخابية، وتنذر هذه الانتخابات التشريعية بأن تكون نهاية حقبة في قصر وستمنستر بعد 14 عاماً من هيمنة المحافظين.
وأعلن نحو 129 نائباً حتى الآن أنهم لن يترشحوا مرة أخرى، ومن بينهم 77 محافظاً، وهو أمر لم يسبق أن شهده حزب حاكم.
واختار بعض النواب عدم المخاطرة في مواجهة استطلاعات رأي تميل بشدة ضدهم، وأعلن آخرون تغيير مسارهم المهني، أو تخصيص المزيد من الوقت لعائلاتهم، بعد أن أنهكوا بسبب تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والفضائح السياسية في عهد بوريس جونسون، والعداء الشعبي المتزايد تجاههم بشكل عام.
في محاولة لتغيير الأمور، يأمل ريشي سوناك الاستفادة من المناظرات المقررة مع كير ستارمر، والتي ستكون أولاها مساء الثلاثاء، على قناة «آي تي في».
وحاليا، كان يستهدف أساساً الناخبين المحافظين، وهم عموما كبار في السّن، من خلال اقتراح خدمة وطنية للشباب اعتباراً من عمر 18 عاماً، وتخفيضات ضريبية للمتقاعدين.
في المقابل، يسعى حزب العمال إلى استغلال سأم الرأي العام من المحافظين، ضحايا خلافاتهم الداخلية المتواصلة، المرتبطة بانحدار الخدمات العامة (خاصة الصحة)، فضلاً عن الصعوبات الاقتصادية التي شهدها العامان الماضيان، مع تراجع القدرة الشرائية.
وفي مؤشر على نجاح التغيير الذي أدخله كير ستارمر، على حزب العمال منذ عام 2020، تلقى الحزب هذا الأسبوع دعماً من 120 رجل وسيدة أعمال، وهو أمر لم يكن مطروحاً في عهد سلفه، جيريمي كوربين.
لكن هذه الاستراتيجية واجهت أول عقبة، هذا الأسبوع، عندما نددت ديان أبوت، أول امرأة سمراء تنتخب لعضوية البرلمان، وأحد وجوه اليسار البريطاني، برغبة الحزب في منعها من الترشح لتمثيله.
لكن كير ستارمر، أكد أن الحزب لم يحسم بعد مصير هذه السياسية الذي تم تعليق عضويتها، العام الماضي، بسبب تعليقات أدلت بها حول العنصرية وأثارت جدلاً، لكن المعاملة التي تلقتها عضوة البرلمان البالغة 70 عاماً والتي تحظى باحترام كبير، أثارت انتقادات شديدة.