يرى معظم الاقتصاديين أن خيارات بنك الشعب الصيني باتت أصعب لمعالجة بطء النمو الاقتصادي، خاصةً في ما يتعلق بخفض أسعار الفائدة في ظل التضخم المستمر في الصين، إلا أن هناك اختلافا جوهريا بين التضخم في الصين ونظيره في الولايات المتحدة.يأتي ذلك، فيما ارتفعت المؤشرات الرسمية لأسعار المنتجين والمستهلكين في الصين في مارس بأكثر من توقعات المحللين.وقال كبير الاقتصاديين الصينيين في شركة نومورا، تينغ لو، إن “ارتفاع تضخم أسعار الغذاء والطاقة يحد من المجال أمام بنك الشعب الصيني لخفض أسعار الفائدة، على الرغم من تدهور الاقتصاد بسرعة”.
وأشار لو إلى تقرير سابق من هذا الشهر والذي أظهر أن سعر الإيداع القياسي في الصين لمدة عام واحد كان أعلى بصورة طفيفة من معدل ارتفاع أسعار المستهلك، وهو ما يقلل من القيمة النسبية للودائع المصرفية الصينية.وعلى المستوى الدولي، يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية إلى تضييق الفجوة بين عائد سندات الخزانة الأميركية القياسي لأجل 10 سنوات ونظيره الصيني، مما يقلل من الجاذبية النسبية للسندات الصينية.كما أن تخفيض الفائدة في الصين من شأنها أن تقلص هذه الفجوة أكثر.السندات الحكوميةووفقاً لما ذكرته وكالة رويترز، فقد انخفض العائد على السندات الحكومية الصينية لأجل 10 سنوات عن مثيله في الولايات المتحدة للمرة الأولى منذ 12 عاماً يوم الاثنين، يأتي ذلك بالمقارنة مع المتوسط الطبيعي بين المؤشرين عند 100 إلى 200 نقطة أساس.ويرى رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي والاستراتيجية في رينيسانس تشاينا، بروس بانغ، أن شهر أبريل قد يكون الفرصة الأخيرة للصين لخفض سعر الفائدة في المدى القريب قبل أن يبدأ الفيدرالي الأميركي تقليص ميزانيته العمومية، وبالتالي زيادة جاذبية السندات الأميركية وتحول السيولة إلى أسواقها.ويأتي ذلك، فيما ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوى منذ يناير 2019 يوم الاثنين الماضي إلى 2.793%، فيما استقر عائد السندات الحكومية الصينية لأجل 10 سنوات حول 2.8075%.الاحتياطي الفيدراليودعم محضر اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي الذي صدر الأسبوع الماضي هذا الارتفاع بعد أن أظهر اتفاق صانعي السياسة بشكل عام على تقليل حيازات البنك المركزي من السندات، والتي من المحتمل أن تبدأ في مايو.ويدعم وجهة النظر هذه البيانات الصادرة مساء أمس الثلاثاء عن مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة، والتي أظهرت ارتفاع التضخم على أساس سنوي خلال شهر مارس إلى أعلى مستوياته منذ عام 1981، عند 8.5%.وقال بانغ: “إذا استمر ارتفاع التضخم، يمكن أن يحد من المجال أمام صانعي السياسة النقدية في الصين”.وعلى الجانب الآخر، ارتفع مؤشر أسعار المنتجين بنسبة 8.3% في مارس، والذي جاء أبطأ من زيادة 8.8% في فبراير والأدنى منذ أبريل 2021، وفقاً للبيانات التي جمعتها شركة ويند.أسعار المستهلكينوأظهرت بيانات “ويند” أن مؤشر أسعار المستهلكين في الصين ارتفع بنسبة 1.5% في مارس، مرتفعاً من 0.9% في فبراير، وهو الأسرع منذ أن ارتفعت أسعار المستهلكين بنفس الوتيرة في ديسمبر.بدوره، قال الرئيس التنفيذي لشركة Esoterica Capital لإدارة الأصول، بروس ليو، إن “ديناميكيات التضخم في الصين تشير إلى استمرار الضغط على هوامش ربحية الشركات الصينية”.وأضاف أن التضخم خلال مارس لم يكن القوة الوحيدة التي أدت إلى هبوط أسواق الأسهم الصينية، إذ إن المخاوف من زيادة تفشي فيروس كورونا في المقاطعات الصينية أثرت أيضاً على معنويات السوق.وتوقع محللو سيتي بنك، أن يقوم بنك الشعب الصيني، بخفض معدل الفائدة على الأقل أو نسبة متطلبات الاحتياطي في أقرب وقت من هذا الشهر، خاصةً مع تفشي فيروس كورونا والتي تطلب المزيد من التيسير النقدي.وقال المحللون: “التضخم لن يقيد السياسة النقدية في الوقت الحالي، من وجهة نظرنا، ولكن يمكن أن يصبح مصدر قلق في النصف الثاني من العام”.