القدس – أ ف ب
يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضغوطاً دولية هائلة للمضي قدماً، في اتفاق لوقف إطلاق النار، والإفراج عن الرهائن في غزة، لكن المعارضة داخل ائتلافه اليميني المتشدد تعني أن ذلك قد يكون له ثمن سياسي.
وهدد شركاء الائتلاف اليميني المتطرف بالاستقالة بسبب مقترح قدمه الرئيس الأمريكي جو بايدن الجمعة، ما قد يترك نتنياهو تحت رحمة أحزاب الوسط التي من المرجح أن تغتنم أول فرصة لإقالته من منصبه. لكن، محللون يرون أنه في مجتمع لا يزال يعاني صدمة هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، من السابق لأوانه استبعاد نتنياهو عن المشهد كلياً.
– لماذا يتعرض نتنياهو للضغوط؟
خرج عشرات آلاف الإسرائيليين إلى الشوارع، السبت، لمطالبة نتنياهو بالموافقة على اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة.
ومنذ أشهر، تنظم احتجاجات تطالب بالإفراج عن الرهائن في نهاية كل أسبوع، لكن السبت، كان مختلفاً، بعدما عرض بايدن ما قال إنها خطة إسرائيلية لوقف القتال.
لكن نتنياهو جدد تأكيد أن شروطه لوقف إطلاق النار لم تتغير، وأنها تشمل «القضاء» على حماس. وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس جدعون رهط: «هناك رهائن ينتظرون أن يتخذ نتنياهو قراره، وهذا أمر مروع».
ورأى رهط أن نتنياهو: «قد يقدم رداً سلبياً، لأن من مصلحته ضمان استمراريته السياسية»، معبراً بذلك عن مخاوف الكثير من المتظاهرين المناهضين للحكومة.
وتعتقد إسرائيل أن حركة حماس لاتزال تحتجز 120 رهينة إسرائيلية في غزة، منذ هجومها في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في وقت تسببت الحرب الإسرائيلية في مقتل أكثر من 36 ألفاً من المدنيين غالبيتهم أطفال ونساء في غزة.
ولوح المتظاهرون في تل أبيب السبت بالأعلام الأمريكية وقالوا: «بايدن هو أملنا الوحيد».
– هل يتخلى اليمين المتطرف عن نتنياهو؟
هدد حليفا نتنياهو اليمينيان المتطرفان، وزير الأمن إيتمار بن غفير ووزير المال بتسلئيل سموتريتش، بالانسحاب من الائتلاف الحاكم إذا قرر إنهاء الحرب قبل القضاء على «حماس». ويحكم الائتلاف بغالبية ضئيلة تبلغ 64 مقعداً، من أصل 120 في البرلمان الإسرائيلي، ويعتمد على أصوات اليمين المتطرف.
وقال الخبير السياسي في جامعة بار إيلان، إيلان غريلسامر، إن تنفيذ بن غفير وسموتريتش تهديداتهما يعتمد على اتفاق وقف إطلاق النار المطروح على الطاولة. وأضاف:«إذا كان الاتفاق يقضي بوقف الحرب على الفور، وإعادة القوات إلى البلاد، فمن الصعب تصور بقائهما في الحكومة».
واستدرك: «لكن إذا كان هناك اتفاق وسطي، فربما يبقيان». أما أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المفتوحة في إسرائيل دينيس شاربيت،، فأوضح أن ثمة «احتمالاً قوياً» لانسحابهما من الحكومة.
من ناحية أخرى، قال رهط، إنه من الممكن تشكيل حكومة أقلية بدون اليمين المتطرف، مع الاحتفاظ بنفوذ كبير في البرلمان.
– كيف سيكون شكل الائتلاف من دون اليمين المتطرف؟
وقال غريلسامر، إنه إذا انسحب اليمين المتطرف، فإن الطريق الوحيد أمام نتنياهو للعودة إلى حكومة تتمتع بالغالبية سيكون من خلال اتفاق مع حزب زعيم المعارضة يائير لابيد «يش عتيد» (يوجد مستقبل) الوسطي.
وكان لابيد عرض على نتنياهو دعم حزبه للتوصل إلى صفقة رهائن، لكن من المرجح أن يكون هذا الدعم لفترة محدودة، ما يثير تساؤلات حول مستقبل نتنياهو السياسي على المدى المتوسط.
وقال رهط: «أرى صعوبة في حدوث ذلك لأنه يفضل البقاء مع حلفائه من اليمين. لكن الأمر ممكن». ورأى شاربيت، أنه «من غير المستحيل» أن ينضم حزب الوحدة الوطنية الذي يتزعمه وزير الحرب بيني غانتس إلى الائتلاف، والعامل الرئيسي هو ما إذا كانت ستتم الدعوة إلى انتخابات مبكرة أم لا.
وفي بداية الحرب، انضم غانتس إلى حكومة نتنياهو الحربية، ولكن ليس إلى ائتلافه الحاكم. وهدد غانتس الشهر الماضي بالاستقالة من حكومة الحرب ما لم يوافق نتنياهو على خطة ما بعد الحرب في غزة. وقال حزبه الأسبوع الماضي، إنه قدم مشروع قانون لحل البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة.
– ماذا لو تمت الدعوة إلى انتخابات مبكرة؟
يتوقع محللون أن يخرج غانتس من الانتخابات في أفضل وضع، لتشكيل حكومة غالبية.لكن غريلسامر أضاف، أن قائد القوات المسلحة السابق كانت لديه مخاوف سياسية خاصة به.
وأوضح: «تراجع غانتس كثيراً في استطلاعات الرأي في الآونة الأخيرة، لأنه يُنظر إليه على أنه متساهل للغاية، ومتردد للغاية، ومتهاون للغاية تجاه نتنياهو».
ووفقاً لاستطلاع للرأي، فإن 38% من الناخبين يشعرون أن غانتس هو الأنسب كرئيس للوزراء، في مقابل 30 % لنتنياهو.
وتقلص الفارق بين الاثنين من 21 نقطة في يناير/ كانون الثاني الماضي إلى ثماني نقاط الآن.
وقال شاربيت: «يمكن لنتنياهو الترويج لنفسه بالقول: يمكنني أن أكون الشخص الذي يستطيع وقف إنشاء دولة فلسطينية، وإلا فإن دولة فلسطينية على أبوابنا ستتسبب يومياً بالسابع من أكتوبر». وأضاف، أنه من هذا المنطلق، فإن الناخبين «على الرغم من كرههم له، سيقدمون على التصويت له».