غزة (أ ف ب)
شهد قطاع غزة، الأحد، يوماً من الهدوء النسبي بعد إعلان الجيش الإسرائيلي أنه سيلتزم «هدنة تكتيكية في الأنشطة العسكرية» يومياً في قسم من جنوب القطاع خلال ساعات محددة من النهار للسماح بإدخال المساعدات الإنسانية، فيما عبر عدد من السكان عن قلقهم من هذا الهدوء المفاجئ، وقالوا: «لعلها تكون بادرة وقف دائم للقتال».
وأوضح الناطق باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل: «اليوم ساد الهدوء غالبية مناطق قطاع غزة إلا من بعض الاستهدافات في مدينة غزة بحي الشجاعية والزيتون ومناطق أخرى وفي مدينة رفح جنوب قطاع غزة كان قصف مدفعي من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي».
وأضاف «مقارنة مع الأيام الماضية يعتبر هذا اليوم أول أيام عيد الأضحى المبارك شبه هادئ، والهدوء عمّ كل قطاع غزة».
وأفاد مراسلون بأنّه لم تُنفّذ أيّ غارة جوية أو عملية قصف أو قتال في وسط قطاع غزة وفي أجزاء أخرى منه الأحد، لكن عمليات إطلاق نار وقصف استهدف رفح (جنوب).
وقال حايطي الغوطة (30 عاماً) في مدينة غزة (شمال) «أصبح الوضع هادئاً فجأة منذ هذا الصباح، لا إطلاق نار، لا قصف. إنه أمر غريب» معرباً عن أمله في أن يكون ذلك مؤشراً إلى وقف دائم لإطلاق النار. لكن الجيش الإسرائيلي حرص على تأكيد أنه رغم «الهدنة التكتيكية، لا يوجد وقف للأعمال القتالية في جنوب قطاع غزة والعمليات العسكرية في رفح مستمرّة».
وجاء إعلان هذا القرار غداة مقتل 11 جندياً إسرائيلياً في القطاع، ثمانية منهم في انفجار قنبلة.
وقال الجيش في بيان إنّ «هدنة تكتيكية محلية في النشاطات العسكرية لأهداف إنسانية ستطبق من الساعة 8,00 إلى الساعة 19,00 كل يوم وحتّى إشعار آخر» انطلاقاً من معبر كرم أبوسالم وحتى طريق صلاح الدين ومن ثم شمالاً.
وأضاف أنّه تمّ اتخاذ هذا القرار في سياق الجهود «لزيادة حجم المساعدات الإنسانية التي تدخل قطاع غزة» إثر محادثات مع الأمم المتحدة ومنظمات أخرى.
– «كلفة باهظة» –
ورحّبت الأمم المتحدة بإعلان إسرائيل هدنة يومية في العمليات العسكرية في جنوب القطاع، مع مطالبتها بأن «يؤدي ذلك إلى إجراءات ملموسة أخرى» لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية.
وتؤكد الأمم المتحدة أنّ المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبوسالم، يصعب نقلها وتوزيعها على السكان الذي يفتقرون إلى الماء والغذاء والدواء، بسبب القصف والقتال.
وتعليقاً على ذلك، قال وزير الأمن القومي اليميني المتطرّف إيتمار بن غفير عبر منصة «إكس»، إنّ «الذي اتخذ قراراً بشأن هدنة تكتيكية لنقل (مساعدات) إنسانية، خصوصاً في وقت يسقط خيرة جنودنا، هو (شخص) شرير وأحمق».
وأفاد الجيش الإسرائيلي عن مقتل ثمانية من عناصره السبت في رفح (جنوب)، موضحاً أنّ العربة المدرّعة التي كانوا يستقلّونها «أُصيبت بانفجار قنبلة»، وفي وقت لاحق، أعلن مقتل اثنين من عناصره في شمال قطاع غزة، مشيراً إلى أنّ عنصراً آخر توفي متأثّرا بجروح أُصيب بها.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن «الأمة الإسرائيلية بكاملها تحتضن العائلات العزيزة في هذه اللحظة الصعبة»، بحسب بيان صادر عن مكتبه. وأضاف أنه «رغم الكلفة الباهظة» يجب «التمسك بأهداف الحرب»، مشيراً خصوصاً إلى تدمير قدرات حماس العسكرية والحكومية وإعادة الرهائن.
ويتوجّه وزير دفاعه يوآف غالانت قريباً إلى واشنطن بناء على دعوة من نظيره الأمريكي لويد أوستن، لبحث الحرب في غزة، حسبما أفاد البنتاغون.
– «عيد مختلف تماماً» –
وبينما يحتفل المسلمون في العالم بعيد الأضحى، يعاني الفلسطينيون في غزة نقصاً حاداً في المواد الأساسية.
والأحد، أدى عشرات المصلين صلاة العيد أمام المسجد العمري في مدينة غزة الذي تضرر جراء القصف الإسرائيلي. وتجمع فلسطينيون آخرون قرب قبور أقارب لهم قتلوا في الحرب.
وقالت أم محمد القطري وهي من سكان مخيم جباليا «هذا العيد مختلف تماماً. لقد فقدنا الكثير من الناس، وهناك الكثير من الدمار. جئت إلى صلاة العيد حزينة، فقد فقدت ابني البكر».
ويشهد القطاع المحاصر من قبل إسرائيل أزمة إنسانية كبيرة، فقد شرّدت الحرب 75 في المئة من سكّانه البالغ عددهم نحو 2,4 مليون نسمة، وبات هؤلاء مهدّدين بالمجاعة وفقاً للأمم المتحدة.
– مطالبات متناقضة –
في هذه الأثناء، تتلاشى الآمال في التوصل إلى وقف لإطلاق النار، في ظلّ المطالب المتناقضة لإسرائيل وحماس، الأمر الذي يعني أنّ هناك فرصة ضئيلة لتحقيق هدنة بناء على الخطة التي طرحها الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل أسبوعين.
وقدّم بايدن هذه الخطة معلناً أنّها مقترحة من قبل إسرائيل. غير أنّ نتنياهو اعتبر أنّها غير مكتملة، مكرّراً تصميم حكومته على مواصلة الحرب حتى هزيمة حماس.
وأرسلت حماس إلى الدول الوسيطة رداً أولياً يتضمّن، بحسب مصدر مطلع على المحادثات، «تعديلات» على الخطة، بما في ذلك «جدول زمني لوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية» من غزة. وهي مطالب رفضتها إسرائيل باستمرار.