بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الثلاثاء، زيارة رسمية لمدة يومين إلى كوريا الشمالية هي الأولى له منذ نحو ربع قرن، تشهد توقيع اتفاق شراكة «استراتيجية شاملة»، ما يعكس التقارب المتسارع بين موسكو وبيونغ يانغ، فيما لم تخف القوى الغربية بزعامة الولايات المتحدة انزعاجها وقلقها من هذه الزيارة ومن معاهدة الشراكة المفاجئة.
وقبل مغادرته منطقة ساخا في أقصى شرق روسيا متوجهاً إلى كوريا الشمالية بعد توقف هناك لبضع ساعات، صدق بوتين على مسودة اتفاقية للشراكة الاستراتيجية الشاملة مع كوريا الشمالية قبل التوقيع عليها في لقائه المرتقب مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، وفق بيان للكرملين. والزيارة السابقة التي قام بها بوتين لبيونجيانج كانت في يوليو 2000.
ووصف المستشار الدبلوماسي للرئيس الروسي يوري أوشاكوف الزيارة بأنها لحظة مهمة للبلدين، ونقلت عنه وسائل إعلام روسية قوله: «سيتم توقيع وثائق مهمة للغاية»، وأضاف «هذه المعاهدة في حال التوقيع عليها ستكون بالطبع مشروطة بالتطور العميق للوضع الجيوسياسي في العالم وفي المنطقة وبالتغيرات النوعية التي حدثت أخيراً في علاقاتنا الثنائية».
ويرافق بوتين وزيرا الخارجية سيرغي لافروف والدفاع أندريه بيلوسوف ونائبان لرئيس الوزراء ورئيس وكالة الفضاء الروسية روسكوزموس.
وفي مقال نشرته صحيفة «رودونج سينمون» الكورية الشمالية، أكد بوتين أن روسيا وكوريا الشمالية تحافظان على علاقات صداقة وحسن جوار يقوم على أساس المساواة والاحترام والثقة المتبادلة بين البلدين، وأن العلاقات بينهما تعود إلى أكثر من سبعة عقود وتتسم بثراء التقاليد التاريخية المجيدة، بحسب ما أوردته وكالة «تاس» الروسية.
وبالمقابل، يشعر الأمريكيون والأوروبيون منذ أشهر بقلق من التقارب المتسارع بين موسكو وبيونغ يانغ، ويتهمون كوريا الشمالية بتسليم روسيا ذخيرة لشن هجماتها في أوكرانيا مقابل مساعدة تكنولوجية ودبلوماسية وغذائية. وتخشى القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة من تنامي العلاقات بين البلدين.
وأعرب البيت الأبيض عن قلق الولايات المتحدة إزاء العلاقات التي تزداد تعمقاً بين روسيا وكوريا الشمالية. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي للصحفيين الاثنين «لسنا قلقين بشأن زيارة» بوتين، مضيفاً «ما يقلقنا هو تعمّق العلاقات بين هذين البلدين».
وتزعم واشنطن أن كوريا الشمالية زودت روسيا بأسلحة لمساعدتها في القتال في أوكرانيا، لكن بيونغ يانغ وموسكو نفتا مراراً هذه الاتهامات. وبالنسبة إلى بوتين، الذي تخوض بلاده معركة وجودية مع الغرب حول أوكرانيا، فإن التقارب مع كيم يسمح له بإزعاج واشنطن والدول المتحالفة معها في آسيا. وتقول روسيا: إنها ستتعاون مع كوريا الشمالية وتطور علاقاتها معها بالطريقة التي تختارها، ولن تسمح لأي دولة بإملاء ما عليها أن تفعل،لا سيما الولايات المتحدة. (وكالات)