إعداد محمد كمال
عندما منحه والده هدية عبارة عن كاميرا من نوع روليكورد، لم يكن يتخيل ابن ال26 عاماً وقتها أنه سيوثق بها لحظات خالدة في تاريخ دولة الإمارات، ليسطر المصور الهندي راميش شوكلا قصة نجاح في بيئة أصلت لاحتضان المواهب ورعايتها، ويستمر مشواره المهني الحافل على مدار عشرات السنين، ويجلس الآن وهو بعمر ال85 عاماً راوياً قصته الدرامية لمغامر شجاع أبحر بحثاً عن أحلامه العريضة.
ويقول شوكلا إنه ليس مشهوراً، لكن الشهرة تعود لكاميرته التي غادر بها الهند عام 1965؛ وهي نفسها التي التقط بها صوراً تاريخية للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والقادة المؤسسين لدولة الإمارات.
وتبدأ الحكاية عندما استقل المصور الشاب سفينة من مومباي، إلى الإمارات، حيث وصل إلى ميناء الشارقة وفي جيبه دولاراً واحداً فقط وبضع لفات من الأفلام، ومنها توجه إلى دبي، بحسب ما روى لسي إن إن.
ويقول المصور الهندي: «في منزلي لم يكن هناك ماء ولا كهرباء.. كان الأمر صعباً للغاية.. لكن ذلك لم يمنعني من الخروج وتوثيق صيادي اللؤلؤ وغيرها من مظاهر الحياة وقتها»، لكن التغيير كان يلوح في الأفق، على حد قوله.
ثم جاءت النقلة الكبيرة عندما حضر شوكلا سباق الهجن في الشارقة عام 1968، حيث كان شيوخ من مختلف الإمارات حاضرين في ذلك اليوم، والتقط صورة للشيوخ وكان من بينهم المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وفي اليوم التالي عاد إلى مضمار السباق وقدم الصورة للشيخ زايد، وعندها تغير كل شيء، قائلاً: «عندما رأى الشيخ زايد الصورة، قال لي أنت فنان».
بعد سباق الهجن، وجد شوكلا نفسه مدعواً إلى المناسبات الرسمية كمصور فوتوغرافي، حيث تمكن من الوصول إلى الأماكن والشخصيات التي لم يحلم حتى برؤيتهم، على حد قوله.
ويقول شوكلا إنه «حظي بتشجيع من المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، على البقاء في الإمارات»، وبعدها قرر إحضار زوجته وابنه إلى دبي عام 1970.
ويتذكر المصور الهندي أن زوجته تارو لعبت دوراً حيوياً في عمله: «فبينما كان يصور الأحداث، سجلت هي ملاحظات فنية من شأنها أن تساعد على تطوير الصور لاحقاً، مثل الإضاءة والتعرض وغيرها»، ويقول: «بدون أسرتي وزوجتي وابني، ربما لم يكن بإمكاني فعل أي شيء».
وفي الثاني من ديسمبر/كانون الأول عام 1971، دُعي شوكلا للانضمام إلى لحظة ذات أهمية تاريخية كبيرة للمنطقة، وهي «لحظة إعلان تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة». والتقط واحدة من أشهر الصور، والتي توثق توقيع الشيخ زايد، طيب الله ثراه، لإعلان التأسيس. وهي ذاتها الصورة التي تم استخدمها بعد 50 عاماً على الورقة النقدية الجديدة فئة 50 درهماً، والتي طبعت في عام 2021 للاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس الدولة.
كاميرا مشهورة عالمياً
واصل شوكلا توثيق المشاهد في الإمارات خلال عقود السبعينات والثمانينات والتسعينات، وفي محاولة لمواصلة إرثه، أنشأ بمساعدة ابنه نيل مختبراً لتعليم الجيل القادم من المصورين الإماراتيين المهارات التقنية للتصوير.
ويقول إن دورة «الدروس المتقدمة» التي تستمر لمدة عام، والتي ستبدأ في سبتمبر من هذا العام لعشرة طلاب، مجانية من خلال مؤسسة دبي للثقافة، ويأمل شوكلا أن يمنح المصورين الشباب فرصة لاكتساب المهارات التي فقدوها منذ ظهور التصوير الرقمي، ويقول ابنه: «سوف يتخرجون تحت إشراف والدي، وسيحظون بهذه المكانة من تعليمهم من قبل مصور الآباء المؤسسين».
وعلى مر السنين، تم تجميع صور شوكلا الفوتوغرافية في كتب وعرضها في المعارض كشاهد حيوي على تطور دولة الإمارات، وعلى الرغم من أن اسمه أصبح مسطوراً في العديد من الكتب، لكنه يصر على أن كاميرا Rolleicord هي بطلة الحكاية برمتها. ليلتقط منه ابنه خيط الحلم قائلاً: «أسعى إلى جعل هذه الكاميرا ذات يوم مشهورة عالمياً». ويبدو أن كثيراً من هذا الحلم قد تحقق بالفعل.