تسابق الحكومة الفرنسية الزمن لإخلاء باريس من آلاف المهاجرين المشرّدين قبل انطلاق الألعاب الأولمبية، في الوقت الذي كشفت تقارير عن وجود أكثر من 5000 مشرّد حالياً في أوضاع مأساوية بعد نقلهم خارج العاصمة، رغم وعد الحكومة بتوفير مساكن بديلة لهم.
ووضعت الحكومة الفرنسية آلاف المشردين في حافلات وأخرجتهم من باريس، فيما أكد مهاجرون أن الحكومة الفرنسية وعدتهم بإسكان في مكان آخر، لكن انتهى الأمر بهم إلى العيش في أماكن غير مألوفة أو تم وضعهم على قائمة الترحيل.
وفي الوقت الذي وعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن الألعاب الأولمبية ستعرض عظمة فرنسا، فإن القرية الأولمبية بُنيت في واحدة من أفقر ضواحي باريس، حيث يعيش الآلاف من الناس في مخيمات الشوارع أو الملاجئ أو المباني المهجورة، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز.
وعلى مدار العام الماضي طردت الشرطة والمحاكم نحو 5000 شخص من باريس، عن طريق دفعهم لركوب الحافلات إلى مدن أخرى مثل ليون أو مرسيليا.
ويقول عدد من المطرودين إنهم كانوا يقيمون في مصنع أسمنت مهجور بالقرب من القرية الأولمبية لكنهم تعرضوا للطرد إلى مبنى شاغر جنوب باريس في إبريل/نيسان، وقادتهم حافلة لمسافة ساعتين إلى الجنوب الغربي حيث إحدى البلدات خارج أورليانز، فيما أكد آخرون أنه تم إعطائهم «تذاكر حافلات عشوائية».
ويشير التقرير إلى أن مسؤولين فرنسيين رفضوا التعليق على هذه الأوضاع، لكنهم قالوا إن هذا برنامج تطوعي يهدف إلى تخفيف نقص الإسكان الطارئ في باريس.
- ـ 100 ألف مشرد ـ
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أنه لا توجد مساحة كافية لإيواء 100 ألف مشرد يعيشون في باريس وحولها، وهو نصف العدد الإجمالي في فرنسا، لذلك أنشأت الحكومة 10 ملاجئ مؤقتة في جميع أنحاء البلاد العام الماضي. فيما نفت الحكومة أن النقل بالحافلات مرتبط بالألعاب الأولمبية. لكن مسؤولاً حكومياً اعترف أن الهدف هو «تحديد المشردين قرب الأماكن الأولمبية ونقلهم قبل انطلاق الألعاب.
ويقع مركز الألعاب الأوليمبية في منطقة سين سان دوني، حيث يعيش نحو واحد من كل ثلاثة أشخاص من المهاجرين ـ وهي أعلى نسبة في البلاد. وقد أنفقت الحكومة مليارات الدولارات لإعادة تطوير المنطقة.
- ـ مداهمات مستمرة ـ
ورفعت الشرطة الفرنسية معدلات مداهماتها مخيمات المشردين والمباني المهجورة العام الماضي. وبالتعاون مع مسؤولي المدينة، قاموا بإخلاء الناس وقالوا إنهم سيساعدون في نقلهم. لكن الكثيرين لم يكونوا على علم بأنهم أُدرجوا في برنامج حكومي لفحصهم بحثاً عن اللجوء المحتمل ــ وربما ترحيلهم.
وبعد وصولهم إلى مدنهم الجديدة، يعيش المشردون في الملاجئ لمدة تصل إلى ثلاثة أسابيع ويتم فحص أهليتهم للجوء. ويمكن لأولئك المؤهلين الحصول على سكن طويل الأجل أثناء تقديمهم طلب اللجوء. ولكن نحو 60% من الأشخاص في الملاجئ المؤقتة لا يحصلون على سكن طويل الأجل.
كما صدرت أوامر ترحيل للعديد منهم، ولهذا السبب يحث بعض المحامين الناس على عدم ركوب الحافلات والمجازفة في الشوارع. وقال إيمانويل بيريرا، وهو محامٍ يعمل بالقرب من باريس، «إنها بمثابة غرفة انتظار للترحيل». وعادة ما يتم إخلاء المهاجرين المتبقين مرة أخرى، وفي ظل نقص المساكن الطارئة، ينتهي الأمر بمعظم الناس إلى التشرد مرة أخرى في مدينة جديدة.
قالت أودري غارينو، نائبة عمدة مرسيليا: «لا توجد أموال لإيجاد أماكن للمشردين في مرسيليا، ولكنّ هناك أموالاً لإحضار المشردين من باريس؟».
ويشير مهاجرون إلى ملجأ أورليانز إنهم تركوا وظائفهم في باريس وركبوا حافلة على أمل الحصول على سكن طويل الأمد وخدمات اجتماعية، لكن عندما وصلوا لم يكن هناك أي شيء، ويقول أحد المهجرين: «كذبوا ليجعلونا نستقل الحافلة»، ثم بعد بضعة أسابيع، طُلب منهم المغادرة، ما اضطر بعضهم للعودة إلى وظائفهم مرة جديدة في باريس، واقتحام أماكن مهجورة للعيش فيها.