تواصلت مفاوضات صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، أمس الخميس، على وقع تجدد الانقسام الإسرائيلي وعودة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى التمسك ب«خطوطه الحمراء» وفي مقدمتها مواصلة الحرب، مدعياً أنّ احتفاظ إسرائيل بالسيطرة على المنطقة الحدودية بين مصر وغزة بذريعة منع «تهريب الأسلحة» هو أحد أربعة شروط وضعتها حكومته لوقف إطلاق النار في القطاع، وذلك في تناقض واضح مع وزير الجيش يوآف غالانت ورئيس الأركان هيرتسي هاليفي والمؤسسة العسكرية بمجملها، في وقت أكد مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان أن هناك تفاصيل كثيرة لا تزال بحاجة إلى الانتهاء منها، بينما قررت واشنطن استئناف شحن قنابل زنة 500 رطل إلى إسرائيل، في حين أعلنت حركة «حماس» أنها لم تُبلّغ من الوسطاء حتى الآن بأي جديد بشأن مفاوضات صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزة. ومع انتقال الوفد الإسرائيلي برئاسة رئيس الشاباك رونان بار، وانضمام ممثلين عن الجيش الإسرائيلي إليه، مساء أمس إلى القاهرة لمواصلة المفاوضات بشأن صفقة التبادل، تحدثت تقارير إعلامية عن المفاوضات ستتركز على استكمال المحادثات الأمنية المتعلقة بمعبر رفح ومحور فيلادلفيا. غير أن نتنياهو عاد لتكرار شروطه بشأن استمرار سيطرة الجيش الإسرائيلي على «ممرّ فيلادلفيا ومعبر رفح» وهو أحد «أربعة مبادئ» طرحتها حكومته في إطار المفاوضات الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة والإفراج عن الرهائن المحتجزين في القطاع. وفي خطاب تلفزيوني مقتضب، عدّد نتنياهو الشروط الثلاثة الباقية التي وضعتها حكومته في هذه المفاوضات غير المباشرة التي تجري بوساطة مشتركة قطرية-مصرية-أمريكية. وقال إنّ أيّ اتّفاق «يجب أن يسمح لإسرائيل باستئناف القتال (بعد انتهاء فترة الهدنة التي سينصّ عليها) حتى تتحقق أهداف الحرب». وأضاف أنّ «إسرائيل لن تسمح بعودة المسلّحين أو الأسلحة إلى شمال قطاع غزة»، كما اشترط أن يتمّ في المرحلة الأولى من الاتفاق الجاري التفاوض عليه «الإفراج عن أكبر عدد ممكن من الرهائن». وادّعى نتنياهو أنه لا يزال ملتزماً بإطار وقف إطلاق النار في غزة الذي يجري التفاوض عليه واتهم حركة حماس بتقديم مطالب تتعارض معه.
وفي هذا السياق، قال جيك سوليفان مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض أمس الخميس إن هناك تفاصيل كثيرة لا تزال بحاجة إلى الانتهاء منها للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن المحتجزين في قطاع غزة. وأوضح سوليفان للصحفيين «لا تزال هناك أميال يجب قطعها قبل أن نضع اللمسات النهائية إذا كنا قادرين على وضعها. لذا، لا أريد أن أقول إن الأمر بات وشيكاً، لكن ينبغي ألا يكون ذلك بعيد المنال؛ إذ جاء الجميع وهم عازمون على إتمامه»، مضيفاً أنه لا توجد تغييرات في السياسة المتعلقة بإرجاء واشنطن شحنة قنابل زنة ألفي رطل إلى إسرائيل. وتابع سوليفان أن الرئيس جو بايدن سيعلن قريباً مستجدات عن وضع محادثات وقف إطلاق النار.
من جهة أخرى، دعا وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت إلى إجراء تحقيق رسمي في الإخفاقات الإسرائيلية في هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وقال إن التحقيق يجب أن يشمله هو نفسه ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وكان غالانت أعلن أنه التقى بالمبعوث الأمريكي بريت ماكغورك أمس الخميس وناقشا التقدم في مساعي التوصل لاتفاق بشأن إطلاق سراح رهائن من المحتجزين في قطاع غزة. وأضاف غالانت في بيان صادر عن مكتبه أنهما ناقشا أيضاً «إيصال ذخائر مهمة، بعضها سيرسل إلى إسرائيل خلال الأيام القليلة المقبلة». وكان مسؤول أمريكي قال، في وقت سابق، إن إدارة الرئيس جو بايدن ستستأنف شحن قنابل زنة 500 رطل إلى إسرائيل، لكنها ستواصل إرجاء إرسال قنابل زنة ألفي رطل بسبب مخاوف إزاء استخدامها في قطاع غزة.
في غضون ذلك، قالت حركة «حماس» في بيان أمس الخميس إن الوسطاء لم يبلغوها حتى الآن بأي جديد بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى. وأضافت في بيان أن«إسرائيل تستمر في سياسة المماطلة لكسب الوقت بهدف إفشال هذه الجولة من المفاوضات مثلما فعل في جولات سابقة، وهذا لا ينطلي على شعبنا وفصائله». وكانت تقارير تحدثت عن أن حماس وإسرائيل توافقتا على ألا تحكم أي منهما غزة بعد الحرب. وقال مسؤول أمريكي إنه تم الاتفاق على إطار لمفاوضات تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، وأضاف أن الجانبين «يتفاوضان الآن على تفاصيل كيفية تنفيذه»، حسبما نقلت عنه صحيفة «واشنطن بوست»، أمس الخميس.
إلى ذلك، ادّعى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، أن اغتيال مقاتلي «حماس» و«حزب الله» يزيد احتمالات صفقة تبادل أسرى بشروط جيدة لإسرائيل.
(وكالات)