أبوظبي: عبد الرحمن سعيد
طور باحثان من «جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا» في أبوظبي، حلاً رائداً يعدّ الابتكار الأول ويتمثل بمستشعر مناعي كهروكيميائي للبروتينات، التي تتّسم بالنشاط المفرط في مختلف أنواع السرطان، منها سرطان المعدة، حيث يُعد سبباً رئيساً للوفيات المرتبطة بالسرطان في جميع أنحاء العالم. ويرجع ذلك في المقام الأول، إلى التشخيص في مراحل متأخرة، حيث يُعدّ الكشف المبكر أمراً بالغ الأهمية لتحسين نتائج المرضى، إلا أن الأساليب الحالية لتشخيصه تشكل قيوداً كبيرة.
وطورت الدكتورة شيماء عيسى، والدكتور باندياراج كاناجافالي، المستشعر المناعي للمؤشر الحيوي «كلودين 18.2»، باستخدام أقطاب كهربائية نانوية كربونية معدلة بمادة البولي ميلامين، حيث يعتمد على المواد النانوية الكربونية لإنشاء منصة كشف انتقائية شديدة الحساسية. ودرس الباحثان مختلف المواد الكربونية كالغرافين وأكسيد الغرافين والأنابيب الكربونية النانوية، لتحديد أفضل طبقة سفلية لأقطابها الكهربائية، حيث توصلوا إلى أن أنابيب الغرافين والكربون النانوية هي الأكثر ملاءمة. وقد نُشرت نتائج مشروعهما البحثي في المجلة العلمية «بايو سنسنرز آند بايو إلكترونِكس»، المعنية بالمستشعرات والإلكترونيات الحيوية.
ويكشف المستشعر المناعي عن وجود المؤشر الحيوي «كلودين 18.2» بسلسلة من التفاعلات الكهروكيميائية، وتعمل طبقة البولي ميلامين على المواد النانوية الكربونية سطح أكسدة نشطة وطبقة سفلية لربط الأجسام المضادة. وعندما ترتبط بروتينات المؤشر الحيوي «كلودين 18.2» بهذه الأجسام المضادة الثابتة، ينتج عنها تغيّر ملحوظ في الإشارة الكهروكيميائية، ما يشير إلى وجود المؤشرات الحيوية وتمركزها.
وهذه الطريقة شديدة الحساسية وغير جراحية، حيث يمكنها توفير النتائج في غضون 30 دقيقة، مقارنة بكثيرمن الساعات اللازمة لإجراء فحوص المناعة التقليدية المرتبطة بالإنزيمات.
ويمثل هذا الابتكار نقلة نوعية، فغالباً ما يشخّص سرطان المعدة في مرحلة متقدمة، بسبب محدودية طرائق الفحص الحالية، ويمكن أن يسهم تطوير أداة تشخيصية سريعة حساسة وغير جراحية في تحسين معدلات الكشف المبكر بشكل كبير، ما يسمح بالتدخل في الوقت المناسب وتحسين نتائج المرضى.
ويتيح استخدام أنابيب الغرافين والكربون، المعدلة بالبولي ميلامين في الاستشعار الحيوي، فرصاً جديدة لتطوير مستشعرات مشابهة لغيرها من المؤشرات الحيوية والأمراض. وتتميز المواد النانوية الكربونية بمزايا عدّة تشمل النسبة العالية ما بين السطح والحجم والقدرة على التوصيل الكهربائي والقوة الميكانيكية، ما يجعلها مثالية للاستخدام عبر مجموعة واسعة من التطبيقات التي تشمل التشخيص الطبي وغيرها.
وقالت الدكتورة شيماء «أظهرت نتائج مستشعرنا المناعي نسباً ممتازة للتعافي مقارنة مع التقنيات التقليدية. ويسهم المستشعر الذي لا يحتاج إلى جزيء أو مركب يشارك في عملية الأكسدة والاختزال لتسهيل انتقال الإلكترونات، في توفير مزايا كبيرة بإلغاء الحاجة إلى وسطاء خارجيين، ومن ثم تسهيل عملية زيادة الإنتاج».
وأضافت: تشمل الخطوات التالية لهذا البحث إثبات صحة نتائج المستشعر المناعي باستخدام عيّنات حقيقية من المرضى ومقارنة أدائه بالطرائق التشخيصية الحالية، ويمكن مستقبلاً أن يتم دمج هذه التكنولوجيا في الممارسة العلاجية الروتينية، الأمر الذي سيُحدث تحولاً جذرياً في مجال الكشف عن سرطان المعدة وعلاجه.