إعداد محمد كمال
رغم إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن انسحابه من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، كخطوة لرأب الصدع داخل المعسكر الديمقراطي، فإن انقساماً جديداً ظهر داخل أروقة الحزب، بشأن كيفية اختيار المرشح البديل لبايدن، حتى لو كان الأمر يتعلق بكامالا هاريس فقط، ما يؤشر إلى معركة عاصفة مرتقبة داخل الحزب.
وفي حين دعم بايدن ترشيح نائبته كامالا هاريس كبديلة له، فإن الديمقراطيين انخرطوا في جدل عبر وسائل الإعلام الأمريكية، طالب فيها البعض بإجراء سباق مفتوح داخل الحزب لاختيار المرشح المحتمل، فيما قال البعض، إنه يجب تزكيتها من مندوبي الحزب، دون خوض مثل هذا السباق وهو ما أطلق عليه البعض مصطلح «صفقة هاريس»، وفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال.
وإذا فاز المطالبون بإجراء السباق المفتوح، فإنه يتوقع أن يتم ذلك إما قبل أو أثناء المؤتمر الوطني الديمقراطي، الذي يبدأ في 19 أغسطس المقبل.
ويأتي قرار بايدن المهم بالانسحاب من السباق بعد حملة ضغط استمرت أسابيع من كبار الديمقراطيين وكبار المانحين، بالإضافة إلى العديد من استطلاعات الرأي التي تظهر أن العديد من الناخبين الديمقراطيين لا يريدون أن يظل بايدن مرشحهم.
- بيلوسي وصديقتها
قالت الديمقراطية البارزة ورئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، لمقربين، إنها تفضل المنافسة المفتوحة. وبينما تعتبر نفسها صديقة لهاريس، فقد قالت: إن نائبة الرئيس سيتم تعزيزها من خلال المنافسة.
كما قالت السيناتور السابقة هايدي هيتكامب، الديمقراطية عن داكوتا الشمالية: «أفضل شيء بالنسبة لكامالا هاريس هو الفوز في معركة المؤتمر العام للحزب المتنازع عليها؛ لأن ذلك من شأنه أن يضفي الشرعية على ترشيحها. وإذا كانت صفقة خلف الكواليس فإن ذلك سيؤثر في حظوظها أمام دونالد ترامب، أما إذا خاضت المنافسة الداخلية أولاً فستحصل على مردود انتخابي كبير».
أما حاكم ولاية كاليفورنيا، إيليني كونالاكيس، الحليف الديمقراطي لهاريس، فقال: إنها قد مرت بالفعل بعملية اختيار تنافسية بصفتها نائبة للرئيس بايدن. وأضاف: «خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، صوّت الناخبون في جميع أنحاء البلاد بأغلبية ساحقة لصالح بطاقة بايدن-هاريس.. لذا، إذا تنحى بايدن، فمن الصعب للغاية تخيل مبرر لاختيار المندوبين أي شخص آخر غيرها».
كما قال النائب جيك أوشينكلوس، الديمقراطي عن ولاية ماساتشوستس، «إنه يؤيد بقوة عملية التنافس خلال المؤتمر والتي تسمح للعديد من المرشحين باستغلال فرصهم»، وأضاف: «من المفترض أن تجري الأحزاب محادثات نشطة حول من يمكنه الفوز في الانتخابات».
كما أعرب السيناتور جو مانشين، وهو مستقل عن ولاية فرجينيا الغربية ولا يزال يعقد اجتماعاته مع الديمقراطيين، عن دعمه لمثل هذه العملية.
وفي استعراض للمعركة المحتملة المقبلة، انفصل مانشين أيضاً عن بعض الديمقراطيين الآخرين ودعا إلى عملية مفتوحة لاختيار مرشح جديد، وهي علامة أخرى على أن الحزب ليس لديه إجماع واضح بشأن ما سيفعله.
ورداً على سؤال عما إذا كانت نائبة الرئيس كامالا هاريس يمكنها التغلب على ترامب، قال مانشين: إنه يريد عملية مفتوحة، كما رشح أيضاً حاكم ولاية كنتاكي آندي بشير وحاكم ولاية بنسلفانيا جوش شابيرو. وقال: «إنهم لم يشيطنوا، ولم يقسموا بلادهم. لقد جمعوا الناس معاً».
وأشار ديمقراطيون آخرون إلى أنهم سيدعمون هاريس، وقالت السيناتور إليزابيث وارين: «إن هاريس مستعدة لتوحيد الحزب لمواجهة دونالد ترامب».
ومن المقرر أن يقوم الديمقراطيون بإضفاء الطابع الرسمي على مرشحهم في 7 أغسطس عبر نداء الأسماء، قبل مؤتمرهم في منتصف أغسطس.
- معضلة بايدن أوباما
تاريخياً، لم يكن من المسلّم به أن يؤيد الرئيس تلقائياً نائبه لخلافته، فقد قام هاري ترومان باختيار مرشح آخر ليحل محل نائب الرئيس، كما قال دوايت أيزنهاور: إنه يحتاج إلى أسبوع للتفكير في أي مساهمة مهمة قدمها ريتشارد نيكسون باعتباره الرجل الثاني. وكذلك لم يؤيد ليندون جونسون هيوبرت همفري إلا قبل أسابيع من الانتخابات العامة.
وظل رونالد ريغان محايداً رسمياً خلال الانتخابات التمهيدية، أثناء ترشح جورج بوش، في حين دعم بيل كلينتون آل جور، على الرغم من أن نائبه ابتعد عنه بسبب فضيحة مونيكا لوينسكي. ولعل الأمر الأكثر أهمية هو أن باراك أوباما دعم هيلاري كلينتون لخلافته، ما أدى إلى تثبيط عزم بايدن نائب الرئيس حينها عن الترشح، عن دخول السباق. ولم ينس بايدن ذلك، لكن من غير الواضح ما إذا كانت هذه التجربة المؤلمة تجعله أكثر أو أقل استعداداً لتأييد نائبته
- حملة هجوم منتظرة
- وفي الوقت الذي أعلنت حملة الرئيس السابق دونالد ترامب استعدادها بكتيبات ولافتات وإعلانات لمهاجمة المرشحة البديلة المحتملة كمالا هاريس، فقد قال ترامب: إنه يعتقد أن هزيمة نائبة الرئيس في انتخابات الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني ستكون أسهل من هزيمة بايدن الذي أعلن انسحابه من خوض سباق الرئاسة.
وقبل وقت قصير من انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في ميلووكي الأسبوع الماضي، ومع مطالبة عدد متزايد من الديمقراطيين بايدن بمغادرة السباق، أعد فريق ترامب لافتات ومقاطع فيديو مناهضة لهاريس، لكنهم ألغوا تلك الخطط بعد أن حاول شاب اغتيال ترامب في بتلر بولاية بنسلفانيا يوم السبت الماضي، قبل يومين من بدء المؤتمر.
- استطلاعات الرأي
وأظهر استطلاع رأي أن نحو ستة من كل 10 ديمقراطيين يعتقدون أن هاريس ستحقق نتائج جيدة. فيما أشار الاستطلاع الذي أجراه مركز AP-NORC، أن أغلب الديمقراطيين يعتقدون أن البلاد ستكون في أيدٍ أمينة إذا تولت هاريس السلطة.
ويعتقد ما يقرب من 58% من الديمقراطيين أن هاريس ستكون رئيسة جيدة، بينما يعتقد 22% أنها لن تكون كذلك، و20% لا يعرفون ما يكفي ليختاروا.
وعلى عكس نسب الديمقراطيين المرتفعة، فإن 87% من الجمهوريين قالوا: إن هاريس لن تكون رئيسة جيدة.