بيروت – «الخليج»، وكالات:
تصاعدت حدة التوتر مصحوبة بعمليات قصف متبادل عبر حدود لبنان الجنوبية، أمس الثلاثاء، وقالت إسرائيل إنها اغتالت بواسطة مسيّرة قيادياّ في «حزب الله»، في الضاحية الجنوبية لبيروت، لكن أوساطاً لبنانية نفت حدوث الاغتيال، وأكدت سقوط قتيلة، و20 جريحاً، فيما تستمر حركة دبلوماسية، دولية وإقليمية، ناشطة لاحتواء التصعيد، ومنع الحرب الشاملة، في وقت شدد «حزب الله» على أن رده سيكون حتمياً على الهجوم الإسرائيلي، بينما رأى وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، أن أي تصعيد بين لبنان وإسرائيل يمكن أن يفجر الوضع، لكنه لا يعتقد أن المواجهة بين إسرائيل و«حزب الله» حتمية، في حين اعتبر الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، في تجمع للمانحين الجمهوريين، أن إسرائيل في ورطة كبيرة، وأنه سينقذها إذا انتخب مجدداً، بينما نقلت وكالة «تاس» الروسية عن وزارة الخارجية قولها: إن الضربة الإسرائيلية على العاصمة اللبنانية بيروت «انتهاك صارخ للقانون الدولي».
وشنت مسيّرة إسرائيلية، مساء أمس الثلاثاء، غارة استهدفت منطقة حارة حريك، قرب مستشفى بهمن في الضاحية الجنوبية لبيروت، وسط أنباء عن وقوع إصابات، فيما ذكرت القناة «13» العبرية أن الجيش الإسرائيلي اغتال قيادياً كبيراً في «حزب الله»، في حين أشارت القناة «12» إلى أن الهجوم الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت انتهى. ونقلت شبكة «سي إن إن» عن مسؤول حكومي لبناني تأكيده أن القيادي في «حزب الله» فؤاد شكر الذي استهدفته إسرائيل نجا من الهجوم. وأفاد مجلس الوزراء اللبناني بأنه سيعقد جلسة للحكومة، صباح اليوم الأربعاء، للبحث في المستجدات الطارئة بعد الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، فيما قال وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، إنه يأمل في رد متناسب من «حزب الله» كي تتوقف «موجة القتل». وأعرب بوحبيب عن استنكاره للضربة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت، وقال إن لبنان يعتزم تقديم شكوى للأمم المتحدة.
وكان الجيش الإسرائيلي أعلن، أمس الثلاثاء، أنه قصف خلال الساعات الماضية «نحو 10 أهداف» لحزب الله، في جنوب لبنان، ما أدى إلي مقتل أحد عناصره، فيما قتل إسرائيلي بقذيفة صاروخية أطلقت من لبنان على مستوطنة هاغوشريم بالجليل الأعلى. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن صافرات الإنذار دوّت في «كريات شمونة»، وعدة مستوطنات في الجليل، بينما أكدت «القناة 14» الإسرائيلية مقتل إسرائيلي جرّاء سقوط صاروخ في «هاغوشريم»، في إصبع الجليل. كما اعلن «حزب الله» ان مقاتليه قصفوا مقر قيادة كتيبة السهل في ثكنة «بيت هلل» بصلية من صواريخ الكاتيوشا. واستهدفوا موقع «جل العلام» بقذائف المدفعية. وكان «حزب الله» أعلن أن وحدة الدفاع الجوي لديه تصدت للطائرات الحربية الإسرائيلية التي اخترقت حاجز الصوت فوق الأجواء اللبنانية، وأجبرتها على الانكفاء والتراجع خلف الحدود.
وفي سياق متصل، أكد النائب عن كتلة «حزب الله» في البرلمان اللبناني، علي عمار، أن الحزب لن يسكت عن أي استهداف يطاله. كما استبعد قيادي في «حزب الله» اجتياحاً برياً إسرائيلياً، ولو محدوداً، للبنان، مشيراً إلى أن «الحزب في حالة جاهزية كاملة، والاجتياح البري للبنان سيكون حافزاً لنضع أولى أقدامنا في الجليل». وقال في تصريحات صحفية «إننا سنرد حتماً على أي هجوم إسرائيلي، ونحن قادرون على قصف المنشآت العسكرية في حيفا، والجولان، ورامات ديفيد، بشكل قاسٍ وعنيف، وقيادة الحزب ستقرر شكل الرد، وحجمه، على أي عدوان محتمل». ونقلت وكالة رويترز عن مصادر لبنانية أن «حزب الله» رفض موفدين دوليين بشأن الامتناع عن الرد على الهجوم الإسرائيلي المحتمل، مؤكداً أن الرد سيكون حتمياً.
من جهته، واصل رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، اتصالاته، ولقاءاته الدبلوماسية المكثفة، اعتبر خلالها «أن التهديدات الإسرائيلية المستجدة ضد لبنان، والتهويل بحرب شاملة لن يثني اللبنانيين عن التمسك بحقهم في أرضهم، والدفاع عنها بكل الوسائل التي تقرها الشرائع الدولية»، مؤكداً أن «هذا الموقف تم إبلاغه إلى جميع أصدقاء لبنان في العالم، والى الاتحاد الأوروبي، كما سيتم الرد على المزاعم والاتهامات الإسرائيلية في رسالة مفصلة إلى مجلس الأمن الدولي». وتلقى وزير الخارجية عبدالله بو حبيب، اتصالاً من نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الذي عبّر عن وقوف الأردن إلى جانب لبنان في هذا الوقت الصعب، كما في كل وقت، مؤكداً حرص الأردن على أمن وسيادة لبنان، ورفضه للتهديدات الإسرائيلية.
من جهة أخرى، أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تمديد حالة الطوارئ الأمريكية المتعلقة بلبنان لمدة عام آخر، وقال إن «هناك أنشطة مستمرة في لبنان تشكل تهديداً استثنائياً، وغير مألوف، للأمن القومي والسياسة الخارجية الأمريكية».
من جهته، أشار وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، إلى أن «أي تصعيد بين لبنان وإسرائيل يُمكن أن يفجّر الوضع، ونودّ أن نرى حلاً دبلوماسياً»، وقال خلال مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، ونظيريهما الفلبينيين، إنريكي مانالو وجيلبرتو تيودورو، في مانيلا: «لا أعتقد أن نشوب حرب بين إسرائيل و«حزب الله» أمر حتمي». ونقلت وكالة «رويترز» عن رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، قولها إنّها تشعر بقلق بالغ إزاء ما يحدث في لبنان، وإزاء خطر التصعيد في المنطقة.
إلى ذلك، وصف ترامب، خلال كلمته أمام تجمع للمانحين الجمهوريين، الوضع في إسرائيل ب «الورطة الكبيرة»، مشيراً إلى أن الأوضاع الراهنة كانت ستختلف لو كان هو الرئيس حالياً. وقال ترامب: «لقد تحدثت إلى مجموعة من 25 من المؤيدين، وسألوني عن المشاكل التي لدينا مع الصين. وقلت إن لدينا مشكلة مع إسرائيل. ويجب أن يقال، إسرائيل في ورطة كبيرة. كل ما رأيناه يوم 7 أكتوبر لم يكن ليحدث لو كنت الرئيس ترامب».