باريس (أ ف ب)
تعد مشاركة لاعب كرة الطاولة الدنماركي أندرس ليند في أولمبياد باريس 2024، هو انتصار على الشدائد، بعد إصابته بكسر فقرتين في حادث سيارة خطر، كان يخشى ألا يتمكّن من المشي مرة أخرى أبداً.
والآن، وبعد بلوغ دور ال 16 في الألعاب الأولمبية خلافاً للتوقعات، يحلم اللاعب البالغ من العمر 25 عاماً بميدالية من شأنها أن تُمثّل معركةً غير عادية ضد الصعاب.
وروى ليند بعد فوزه الأربعاء، أن الأطباء عندما أجروا فحصاً بالأشعة السينية لعموده الفقري بعد الحادث الذي تعرّض له عام 2021 «قالوا: ربّما لن أستطيع المشي مرة أخرى أبداً».
وأضاف «قالوا: ربما سأعاني بعض التلف في الأعصاب، وأنه مع العظام المكسورة، هناك احتمال بنسبة 70 إلى 80% أن أصاب بالشلل». وحتى لو تمكّن من المشي مرة أخرى، لم يقل أيٌّ من الأطباء الذين عاينوه: إنه سيكون قادراً على استئناف ممارسة الرياضة على أعلى مستوى، وهي الأخبار التي دفعته إلى دخول حالةٍ من الاكتئاب حسب قوله.
- إرادة فولاذية
وتابع «بكيت لمدة أسبوع على التوالي. كرة الطاولة كانت حياتي.. لا أريد العمل في مكتب، لدي الكثير من الطاقة، وأحتاج أن أكون نشطاً». لكن بمساعدة مشدّ وإطار مشي، بدأ ليند الطريق الطويل للتعافي الذي قاده إلى الأداء أمام جمهورٍ أولمبي مكتظٍ في باريس.
وقال، إنه مشى في البداية مسافة 20 متراً، ثم 40، ثم 50، وشعر وكأنه رجلٌ عجوزٌ يترنّح مع إطار المشي. وكان التقدّم أسرع مما كان يحلم به الأطباء، ومع ذلك، التقط مضربه المحبوب بعد ثلاثة أشهر. وأردف قائلاً: «ثم أدركت، حسناً، سأعود. لا أعلم إلى أي مدى سأكون بحال جيدة، لكن سأعود».
- – «فخورٌ جدّاً» –
على الرغم من زرع قضيب معدني في ظهره، قال ليند، إنه لا يعاني أي آثار جسدية سيئة من الحادث، مع أنه لا يستطيع الانحناء كما اعتاد. وقال ساخراً: «أعتقد أن مسيرتي كراقص ليمبو قد انتهت».
ومن الناحية الذهنية، منحته تجربة الاقتراب من الموت ما جعله يرى الأمور من منظور مختلف. واستطرد قائلاً: «إذا مررت بمباراة سيئة، بإمكاني النظر إلى الوراء والقول: إنها ليست سيئة كما كان الحال في ذلك الوقت». كما منحته الانتكاسة تصميماً قوياً جداً دفعه إلى التأهل في مباراته الأخيرة في دور ال32 ضد البولندي ميلوش ريدجيمسكي.
وكان متقدماً 3-2، وبدا أنه حسم المباراة، لكن البولندي قاوم وفرض مجموعة فاصلة. وشهدت المجموعة السابعة أيضاً مدّاً وجزراً مع بعض التبادلات الرائعة التي أثارت حماسة الجمهور المكتظّ والصاخب.
وعند التعادل بثلاث نقاط لكل منهما في المجموعة الفاصلة، أخذ ليند أسبقية التقدّم بفارق أربع نقاط، لكن ريدجيمسكي عاد مرّة أخرى بعد سلسلة من الأخطاء ارتكبها الدنماركي.
وأهدر البولندي ضربةً خلفيةً ثم ضربةً أماميةً في الشبكة، مانحاً ليند أربع نقاطٍ لحسم المباراة والنتيجة تشير إلى 10-6، ونجح بترجمة إحداها بعد تبادلٍ رائعٍ، فسقط على الأرض متأثراً، قبل أن يحيي الجمهور المبتهج.
وقال ليند: «هذا يعني لي الكثير. لا أستطيع وصفه. تتبادر المشاعر إلى ذهني بطريقةٍ لا أستطيع تفسيرها. أنا سعيدٌ للغاية. أنا فخورٌ للغاية». واعتبر الدنماركي نفسه مذنباً في المباريات السابقة لفقدانه التركيز في المواقف الصعبة وترك المباراة تفلت من بين يديه «لكنني ثابرت اليوم، وكنت ثابتاً، وانتهى بي الأمر منتصراً، وهو ما أنا فخورٌ به للغاية».
وأشار إلى أن الحصول على ميداليةٍ بعد الآلام التي عاناها سيكون أمراً مثيراً، لكن الهزيمة الصادمة للمصنّف الأول شوكين وانغ فتحت القرعة على مصراعيها.
وقال ليند: «مع خروج المصنّف الأول، أحلم بميدالية. لا يزال الأمر بعيد المنال، وهو أمرٌ ليس مرجّحاً بشكل كبير، لكن هناك فرصة، وإذا جاءت، سأغتنمها».