صدر حديثاً عن دار نشر كنوبف كتاب «مواطن: حياتي بعد البيت الأبيض» للرئيس السابق بيل كلينتون 2024، وهو عبارة عن سيرة ذاتية تمتد على 464 صفحة، تعدّ تكملة لسيرته الأكثر مبيعاً، «حياتي»، ويتناول فيها عقدين من حياته بعد تركه الرئاسة. يروي كلينتون انتقاله الفوري من أعلى منصب في الولايات المتحدة إلى كونه مواطناً عادياً في سن الرابعة والخمسين، متحمساً لمواصلة خدمته.
يبدأ الكتاب بلحظة درامية، وهي أن كلينتون يتلقى مكالمة لمساعدة ضحايا زلزال في الهند، ليحدد نغمة التزامه المستمر بالقضايا العالمية. ويتطرق إلى مختلف الأزمات العالمية الكبرى، بما في ذلك هجمات 11 سبتمبر، حرب العراق، زلزال هايتي، الركود الكبير، اقتحام مبنى الكونغرس الأمريكي في السادس من يناير 2021، وجائحة كورونا، مقدماً منظوراً لهذه الأحداث من خلال عيون زعيم سابق.
لا يتجنب كلينتون التأملات الشخصية؛ إذ يناقش دوره كرجل عائلة، وكيف أنه يدعم زوجته هيلاري خلال مساعيها السياسية وخيبات أملهما المشتركة، خاصة في انتخابات عام 2016. تتخلل رؤاه حول المشهد السياسي المتطور، والاستبداد المتزايد، وتغير المناخ، وعدم المساواة في الدخل مع حكايات شخصية، ما يكشف عن وجهة نظر متعددة الأبعاد لحياته بعد اعتزاله السياسة.
يؤكد الكتاب أيضاً إعادة تعريف كلينتون لما يعنيه أن تكون رئيساً سابقاً؛ فمن خلال عمله مع مؤسسة كلينتون ومختلف المبادرات العالمية، شكّل إرثاً يضاهي فترات رئاسته. تسلط الفصول الضوء على جهوده في الصحة العامة، التنمية الاقتصادية، وبناء السلام في مناطق مثل أيرلندا الشمالية وجنوب إفريقيا.
هذه السيرة الذاتية بقدر ما هي سجل للنمو الشخصي وديناميكيات الأسرة بقدر ما هي انعكاس لحقبة تحولية في تاريخ العالم. والكتاب لا يخلو من العيوب؛ إذ إن أحد الجوانب السلبية فيه هو ميله نحو التفاخر بنفسه، لدرجة أنه قد يطغى أحياناً على سرده التحليلي. يبدو حديث كلينتون عن مبادراته وتدخلاته أحياناً أقل كتأمل موضوعي وأكثر كفرصة لتعزيز إرثه. وهذا بالتأكيد قد يترك القراء يتساءلون عن حيادية السرد وعمق التفكير الذاتي بخصوص إخفاقاته والانتقادات التي واجهها خلال فترة ولايته وبعدها.
علاوة على ذلك، يفتقر تغطية الكتاب للقضايا الدولية المعقدة والسياسات الداخلية أحياناً إلى العمق؛ إذ يظهر في مناقشته أحداثاً كبرى مثل حرب العراق والأزمة المالية العالمية لعام 2008، سطحياً بعض الشيء، متجاهلاً تعقيد التفاصيل السياسية والاقتصادية التي يمكن أن تقدّم فهماً أعمق لهذه الأحداث المفصلية.
أخيراً، يمكن انتقاده أيضاً على ذاكرته الانتقائية؛ بينما يتناول بعض الجدل والتحديات، نجده يغفل بشكل ملحوظ عن عدة فضائح شخصية وسياسية كان لها تأثير كبير في رئاسته والتصور العام تجاهه. قد يُنظر إلى هذا السرد الانتقائي كمحاولة للسيطرة على الرواية، مع إعطاء الأولوية لبعض الحقائق والتقليل من أهمية حقائق أخرى.