بيروت: «الخليج»، وكالات
اشتدت وتيرة التحرك الدبلوماسي، أمس الأحد، في محاولة لنزع فتيل التوتر المتصاعد في ضوء تهديد إيران و«حزب الله» الصريح بالرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في طهران والقائد العسكري للحزب فؤاد شكر في بيروت الأسبوع الماضي. وبينما أعلنت الولايات المتحدة زيادة انتشارها العسكري في «مهمات دفاعية»، تتالت الدعوات لإجلاء الرعايا من لبنان خشية تفجر الوضع وانزلاقه إلى حرب شاملة.
ودعا العاهل الأردني عبدالله الثاني، أمس الأحد، في اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى «تهدئة شاملة» في المنطقة، لتجنيبها «المزيد من الفوضى».
ووفقاً لبيان الديوان الملكي، بحث الملك عبدالله مع ماكرون «التطورات الخطيرة» في الشرق الأوسط. وأكد العاهل الأردني «أهمية وقف التصعيد الإقليمي والإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب»، محذراً من «تداعياتها التي قد تؤدي إلى تأجيج العنف والتوترات في الإقليم»، وفق البيان ذاته.
وشدّد على «ضرورة التوصل إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة وإنهاء المعاناة الإنسانية لأهالي القطاع».
ومع تزايد المخاوف من تصعيد بين إيران وإسرائيل بعد اغتيال هنية، وصل وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى طهران، في زيارة نادرة، تهدف إلى نقل رسالة إلى المسؤولين الإيرانيين، وفق ما ذكرت وزارة الخارجية الأردنية، بينما أفادت وكالة «إيسنا» الإيرانية بأن الصفدي التقى القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري «وناقش الجانبان آخر التطورات في المنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين».
وأعلن مسؤول أمريكي، أمس الأحد، أن الولايات المتحدة تستعد «لكل الاحتمالات» وسط مخاوف من تصعيد عسكري بين إيران وإسرائيل، مكرراً القول إنه من «الضروري» التوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.
وقال نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي جون فاينر «نستعد لكل الاحتمالات»، وذلك بعد يومين من الإعلان عن تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط. وأضاف لشبكة «إيه بي سي» الأمريكية أن «البنتاغون ينشر إمكانات مهمة في المنطقة للاستعداد لحاجة محتملة مرة أخرى للدفاع عن إسرائيل من هجوم»، موضحاً أنه «في الوقت نفسه، نعمل على تهدئة الوضع دبلوماسياً لأننا لا نعتقد أن حرباً إقليمية هي في مصلحة أي كان في الوقت الراهن».
وفي ظل هذا الوضع المتفجر، تتزايد دعوات الدول لرعاياها إلى مغادرة لبنان فوراً. وبعد الولايات المتحدة وبريطانيا والأردن، دعت فرنسا والسعودية خلال الساعات الماضية رعاياهما إلى مغادرة بيروت بأسرع وقت.
وطلبت وزارة الخارجية الفرنسية من الرعايا الفرنسيين مغادرة لبنان «فور الإمكان»، كما أوصت رعاياها المقيمين في إيران «بمغادرة البلاد مؤقتاً»، بعدما طلبت الجمعة الماضية من الفرنسيين الذين يزورون البلد مغادرته «في أسرع وقت».
بدورها، ذكرت السفارة السعودية في بيروت في بيان على منصة «إكس» أنها «تتابع عن كثب تطورات الأحداث في جنوب لبنان وتجدّد السفارة دعوة المواطنين السعودية لمغادرة الأراضي اللبنانية بشكل فوري التزاماً بقرار منع السفر إلى لبنان».
في الأثناء، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، تقديرات مسؤول إسرائيلي كبير بأن إيران و«حزب الله» اللبناني قادران على إبقاء إسرائيل في حالة تأهب لفترة طويلة، وأنه يمكن استخدام هذا الأمر للترويج لصفقة تؤدي إلى إغلاق جميع الساحات، وهو الأمر الذي تريده الولايات المتحدة أيضاً بحسب التقديرات.
وأضافت يديعوت أحرونوت، أنه على خلفية التوترات الأمنية التي من شأنها أن تؤدي إلى حرب في المنطقة، تزيد إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الضغط على إسرائيل للتوصل إلى صفقة تبادل للأسرى والرهائن مع حركة «حماس» الفلسطينية بغزة، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى وقف إطلاق النار في الساحة الشمالية أيضاً.
ولم يصدر عن «حزب الله» ولا عن ايران ما يساعد على رصد توقيت الرد المتوقع من قبلهما على اغتيال اسرائيل للقيادي، فؤاد شكر، ولرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» اسماعيل هنية، لكن موقع «اكسيوس» نقل أمس عن ثلاثة مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين إنهم يتوقعون أن تهاجم إيران إسرائيل صباح اليوم الاثنين. ورجح المسؤولون أن يستلهم الانتقام الإيراني نفس قواعد الهجوم الذي شنته إيران في 13 إبريل/نيسان عندما أغارت المسيرات الإيرانية على جنوبي إسرائيل وخاصة قاعدة سلاح الجو «بنيفاتيم»، مع احتمال توسيع نطاقه، كما يمكن للهجوم أن يكون منسقاً مع «حزب الله».
بدورها نقلت «القناة 12» الإسرائيلية عن مصادر أمنية أن رد إيران و«حزب الله» المحتمل قد يكون خلال أيام. وأن مستوى الاستنفار الإسرائيلي مرتفع، بينما أشارت هيئة البث الإسرائيلية إلى أن الموقف المنتظر من اسرائيل يتمثل في الرد على الرد دون الانجرار إلى حرب شاملة.
وفي الأثناء، انشغل لبنان الرسمي والشعبي برصد نتائج الحرب المحتملة بما حال دون إحياء الذكرى الرابعة لحادثة انفجار مرفأ بيروت الذي صنف بوصفه ثالث انفجار شهدته البشرية، وأسفر عن سقوط أكثر من مئتي ضحية وخمسة آلاف جريح. وبالرغم من فداحة المأساة لم يكن متاحاً فتح ملف التحقيق في الحادثة والكشف عن خلفياتها وتحديد المتورطين بها تمهيداً لمحاكمتهم. حيث تذرعت بعض الأطراف السياسية النافذة بتحيز القضاء لتمنع المحاكمة عن المتسببين بالكارثة.