في الأوقات الصعبة، تتطلب القيادة الفعالة من المديرين مهارات استثنائية واستراتيجيات خاصة للتعامل مع التحديات المختلفة.
تتنوع الأوقات الصعبة بين الأزمات الاقتصادية وتقلبات السوق والمشكلات الداخلية، وجميعها تتطلب من القادة التحلي بالحكمة والمرونة لتحقيق النجاح والاستمرارية.
وفي ظل هذه الظروف، يصبح من الضروري أن يتبنى المديرون نهجاً يمكنهم من توجيه فرقهم بفعالية والحفاظ على الروح المعنوية والتزامهم بالهدف المشترك.
من أهم النصائح التي عادة ما تتردد في هذا السياق، هي التواصل الواضح والمستمر، ففي الأوقات الصعبة، يمكن أن يسبب الغموض وعدم وضوح الأهداف والقرارات قلقاً كبيراً بين أعضاء الفريق، بالتالي يتعين على المديرين أن يكونوا شفافين في تواصلهم، وأن يقدموا المعلومات الضرورية بشكل منتظم.
كذلك ينبغي للمديرين أن يتحلوا بالمرونة والقدرة على التكيف مع التغيرات السريعة، ذلك أن الأوقات الصعبة غالباً ما تكون غير متوقعة، مما يستدعي قدرة على تعديل الاستراتيجيات والخطط وفقًا للمستجدات. كما يجب على القادة أن يكونوا مستعدين لإعادة تقييم الأهداف وتكييفها بما يتناسب مع الظروف الجديدة، مع الحفاظ على التوازن بين الاستجابة للتحديات الفورية وتخطيط المستقبل بعيد المدى.
في هذا السياق، قدّمت مجلة INC الأميركية المتخصصة في الأعمال، سبعة نصائح للقيادة في الأوقات الصعبة، تتضمن محاور لتعزيز صحتك العقلية، وبالتالي تعزيز فريقك.
أولاً- تقبل الضعف
غالباً ما يعتقد القادة بأن فرقهم تتوقع منهم إظهار الثقة في أوقات العاصفة. وفي حين قد يكون هذا صحيحاً في بعض الأحيان، إلا أن هناك أيضاً قيمة في الضعف، كما يقول التقرير.
“إن كوننا ضعفاء مع فريقنا بشأن صراعاتنا الخاصة يجعلنا نبدو أكثر إنسانية، ويمكّن فريقنا من مناقشة مشاكلهم الخاصة، ويقربنا من بعضنا البعض”.
- يمكن أن يعزز هذا الانفتاح بيئة عمل داعمة حيث يشعر الجميع بالأمان لمشاركة تحدياتهم وطلب المساعدة.
- كما أنه يضع سابقة للشفافية والصدق، وهما عنصران أساسيان في بناء فريق مرن وجدير بالثقة.
- يمكن أن يوفر مشاركة التحديات الخاصة أيضاً تجارب تعليمية قيمة لفريق العمل، مما يساعدهم على فهم كيفية التعامل مع صعوباتهم الخاصة.
ثانياً- التركيز على الانتصارات الصغيرة
“في بعض الأحيان، نكون أبطالًا خارقين ننجز كل شيء. وفي بعض الأحيان لا نكون كذلك. إن كونك قائداً واعياً يعني أن تمنح نفسك بعض الوقت عندما تصبح الأمور أكثر من اللازم”. وهذا يعني أن تسمح لنفسك بيوم سيء. وأن تمنح نفسك وقتاً لإعادة شحن طاقتك. وأن تحتفل بالانتصارات الصغيرة والتقدم المحرز، مهما بدا بسيطاً. فهذه الانتصارات الصغيرة يمكن أن تعزز الروح المعنوية وتحافظ على الزخم.
- إن الاعتراف بهذه الانتصارات والاحتفال بها لا يساعد فقط في الحفاظ على نظرة إيجابية، بل يعزز أيضاً فكرة إحراز التقدم، حتى لو كان بخطوات صغيرة.
- بالإضافة إلى ذلك، فإن الاعتراف بهذه الإنجازات الصغيرة يمكن أن يخلق ثقافة التقدير والتحفيز داخل الفريق، مما يشجع الجميع على السعي لتحقيق أفضل ما لديهم.
ثالثاً- تفويض وتمكين الآخرين
“لا يمكننا القيام بكل شيء بأنفسنا. إن التفويض والتمكين مهارات جيدة يجب أن نتمتع بها بغض النظر عن الموسم”، فعندما نواجه صعوبات، فإن هذا هو الوقت المثالي للثقة في فريقنا لتعويض النقص.
ويضيف التقرير: “بصفتنا قادة، من المفترض أننا كنا دائماً من يقوم بذلك للآخرين.. اسمح لهم بسداد دينك.. إنهم يريدون ذلك!”.
- تمكين فريقك لا يساعدك فقط في إدارة عبء العمل الخاص بك، بل إنه يطور أيضاً مهاراتهم وثقتهم.
- إنه يشجعهم على تحمل المسؤولية والمبادرة، مما قد يؤدي إلى حلول أكثر ابتكاراً وبيئة فريق أكثر ديناميكية.
- علاوة على ذلك، من خلال تفويض المسؤوليات، فإنك توفر فرص النمو لأعضاء فريقك، وتساعدهم في بناء قدراتهم والاستعداد لأدوار قيادية مستقبلية.
رابعاً: استفد من شبكة الدعم الخاصة بك
يحتاج كل قائد إلى أشخاص في صفه. يمكن أن يكون هذا الشخص صديقاً أو مرشداً أو معالجاً أو ربما آخرين، يعد بناء هذه الشبكة ورعايتها أمراً بالغ الأهمية.
- يمكنهم تقديم المشورة والأذن المستمعة والدعم العملي لمساعدتك في التنقل عبر الأوقات الصعبة.
- بالإضافة إلى ذلك، فإن وجود شبكة دعم متنوعة يضمن لك الوصول إلى وجهات نظر وموارد مختلفة، والتي يمكن أن تكون لا تقدر بثمن في المواقف الصعبة.
- يمكن أن تعمل شبكة الدعم الخاصة بك أيضاً كصندوق للأفكار الجديدة، مما يساعدك على اتخاذ قرارات أكثر استنارة.
خامساً: إعادة تقييم الأولويات وتعديلها
“عندما تلحق بك الحياة، من الضروري أن تتراجع خطوة إلى الوراء وتعيد تقييم أولوياتك”، وفق التقرير، الذي نصح بضرورة تحديد المهام والمسؤوليات الأكثر أهمية والتي يمكن تأجيلها أو تفويضها.
- إعادة التقييم هذه تساعد على تركيز طاقتك على ما يهم حقًا ويمنع الإرهاق.
- يمكن أن تساعدك مراجعة أولوياتك وتعديلها بانتظام أيضاً على البقاء منسجماً مع أهدافك طويلة الأجل، مما يضمن استمرارك في إحراز التقدم حتى في الأوقات الصعبة.
سادساً- اليقظة وإدارة التوتر
- يمكن أن يؤثر دمج تقنيات اليقظة الذهنية وإدارة الإجهاد بشكل كبير على رفاهيتنا، مما يساعدنا على البقاء على الأرض وتقليل التوتر.
- إن تخصيص وقت للعناية الذاتية ليس رفاهية؛ إنه ضرورة تسمح لك بالظهور بأفضل ما لديك لفريقك وعملك.
- يمكن لممارسات اليقظة الذهنية أيضاً أن تعزز تركيزك وقدراتك على اتخاذ القرار، مما يتيح لك الاستجابة بشكل أكثر فعالية لتحديات الحياة، وفق التقرير.
سابعاً- اطلب التوجيه المهني
لا تتردد في طلب المساعدة عندما تحتاج إليها؛ فالبحث عن التوجيه هو علامة على القوة وليس الضعف. ويمكن أن يوفر لك الدعم المهني الأدوات والمنظورات اللازمة للتغلب على التحديات والاستمرار في القيادة بفعالية.
كيفية الخروج من الأزمات
من جانبها، قالت الخبيرة الاقتصادية، حنان رمسيس، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:
- في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، يصبح دور المدير أكثر من مجرد “الإدارة”.
- يجب أن يكون القائد محفزا لفريقه، وأن يبذل قصارى جهده للتقرب من الموظفين، خاصة الكفاءات منهم، لإصلاح ما أفسدته الأزمة وتحقيق نمو مستدام للشركة.
- كل موظف يمتلك أفكاراً قيمة يمكن أن تسهم في إنقاذ الشركة.. لذا، يجب على المدير أن يكون حكيماً ومتزناً، وأن يتخذ قراراته بعقلانية متجاوزاً العواطف.
- يجب أن ينظر إلى الأزمة كفرصة لتطوير الذات والشركة، وتحديد نقاط الضعف ومعالجتها.
- كما يمكن الاستفادة من هذه الأزمة من خلال إعادة تقييم الأنشطة الحالية، وتحديد المجالات الواعدة للاستمرار فيها أو الانتقال إلى مجالات جديدة.
وأضافت: ينبغي على المدير أيضاً أن يتحكم بحكمة في الموارد المالية للشركة، وأن يبحث عن طرق مبتكرة لزيادة الإيرادات وتقليل النفقات، عبر الاستفادة من القدرات الكامنة للموظفين، وتطوير المنتجات والخدمات، وبناء شراكات استراتيجية.
كما أشارت رمسيس إلى أنه “في حالة المنتجات المادية، يمكن إعادة تصميمها وتطويرها لتلبية احتياجات السوق المتغيرة. أما بالنسبة للخدمات، فيمكن التركيز على تقديم قيمة مضافة للعملاء وبناء علاقات قوية معهم.
- يتعين على المدير أن يتذكر أن الأزمات مؤقتة، وأن الفرص تظهر في أصعب الظروف.
- عليه أن يكون مستعداً للتكيف والتغيير، وأن يتعلم من الأخطاء.
- قرار تصفية الشركة هو قرار صعب للغاية ويجب اللجوء إليه كملاذ أخير.
- يجب على المدير أن يبذل كل ما في وسعه للحفاظ على الشركة وتوجيهها نحو التعافي والنمو.
التعامل مع الأزمات المالية للشركات
وإلى ذلك، قال المحلل الاقتصادي، ياسين أحمد، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:
- الأزمات المالية مثل العواصف التي تأتي فجأة وتُظهر لنا مدى فعالية القيادة.
- للنجاة من الأزمات، تحتاج الشركات إلى خطة مُحكمة وحكمة في التعامل.
- أول خطوة يتعين على المدير اتخاذها هي تحليل الوضع المالي بدقة.. فمن الضروري معرفة أين تذهب الأموال ومن أين تأتي، وتحديد البنود التي يمكن تقليصها أو إيقافها بشكل مؤقت.
- بعد ذلك، يجب ترتيب الأولويات، مع التركيز على ما لا يمكن تأجيله مثل رواتب الموظفين والالتزامات الأساسية للشركة التي تحافظ على سير العمليات الأساسية.
وشدد أحمد إلى أهمية “التركيز على الحلول بدلاً من المشاكل، إذ يتعين أن يدور النقاش مع الفريق حول الحلول والأفكار الجديدة، مما يمنح الفريق دافعاً أكبر للتغلب على الأزمة. كما يتعين أن يكون هناك تواصل شفاف مع الفريق بخصوص التغيرات المحتملة والمصاريف التي ستتقلص، حتى يكونوا مستعدين ويفهموا الوضع.
وأوضح أحمد أن “تخفيض التكاليف بحكمة هو عنصر أساسي، حيث يجب تقليل المصاريف غير الضرورية والتفاوض على شروط أفضل مع الموردين دون التأثير على جودة العمل.. كما يمكن أيضاً البحث عن مصادر تمويل بديلة، مثل مستثمرين جدد أو قروض بشروط ميسرة. وفي بعض الأحيان، توفر الأزمة فرصة لإعادة هيكلة العمليات، مثل أتمتة بعض العمليات أو دمج الأقسام لتقليل التكاليف.”
واستطرد قائلاً: “الحفاظ على العملاء الرئيسيين يكون ضرورياً خلال الأزمات المالية، لذا يجب التأكد من تقديم أفضل خدمة لهم لضمان استمرارهم مع الشركة. وأخيراً، يجب على المدير التخطيط لما بعد الأزمة، والتحضير للانتعاش وإعادة الاستثمار والنمو. القيادة خلال الأزمات ليست مجرد إدارة بل هي فن يتطلب توازناً بين الحكمة والشجاعة والتخطيط المدروس.”