#أخبار الموضة
سارة سمير
اليوم
لأكثر من قرن ونصف، عُرفت دار «بربري» (Burberry) بالابتكار والقطع الأنيقة، فهذه العلامة البريطانية لا تزال تأسر عشاق الفخامة والتراث من جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من بدايتها المتواضعة، فقد أصبحت اليوم من منارات الأزياء الراقية.. في السطور التالية، نرصد ما مرت به هذه العلامة البريطانية الشهيرة، على مدى 160 عاماً.
من بدايات متواضعة.. إلى تاريخ حافل بالنجاح:
يرتبط اسم العلامة التجارية البريطانية بالأناقة والفخامة في شمال أوروبا، فقد بدأت ملحمة «بربري» عام 1856، عندما قرر الشاب الطموح، توماس بربري، البالغ من العمر 21 عاماً، فتح أبواب متجره الصغير في هامبشاير (بلدة صغيرة في إنجلترا)؛ ليقدم مجموعة من الملابس البسيطة، لتحمي المواطنين من طقس بريطانيا البارد، وغير المتوقع دائماً، فكان هذا النهج هو الأساس الذي قامت عليه علامة «بربري».
عام 1879، حقق توماس بربري اختراعاً، أحدث ثورة كبيرة في عالم الموضة حينها، وأصبح من أهم الأقمشة، التي تعزز أناقة المظهر اليوم، حيث اخترع «الجبردين»، النسيج الذي يتمتع بالقدرة على التنفس، ومقاومة العوامل الجوية، مصحوباً بالمزيد من المتانة والقوة.
وفي 1893، ارتفعت سمعة العلامة التجارية، عندما كان المستكشف القطبي، الدكتور فريدجوف نانسن، في رحلة استكشافية بالقطب الشمالي، وارتدى معطفاً مصنوعاً من «الجبردين» من «بربري»، وأثبتت هذه القطعة متانتها في مواجهة الظروف الجوية القاسية، لتعزز هذه العلاقة مع المغامرة والاستكشاف مكانة «بربري» في سوق الملابس الخارجية.
وفي وقت قصير للغاية، أصبحت هذه المادة الرائدة أساس علامة «بربري»، وسبب نجاحها وسمعتها الرنانة في عالم الموضة والأزياء حينها، حتى أصبح هذا القماش الخيار الأفضل لصنع «معطف بربري» الشهير، الذي يمثل الثوب الأكثر شعبية للعلامة التجارية، بعدما اكتسب شعبية كبيرة خلال الحرب العالمية الأولى؛ بسبب وظيفته ومتانته اللتين لا مثيل لهما.
«معطف بربري».. من ساحة المعركة إلى أسلوب عصري مميز:
عام 1901، تم تصميم «معطف بربري» الشهير، في الأساس، لأغراض عسكرية إبان الحرب العالمية الأولى، وبعد ذلك تحول وانتقل بسلاسة إلى الحياة المدنية.
وبعد انتهاء الحرب وعودة الحياة إلى طبيعتها، بدأ الناس يرتدون «معطف بربري»، المصنوع من «الجبردين» المتين، للحصول على مزيد من التدفئة، ومقاومة الأمطار، والطقس البارد في بريطانيا. هذا التطبيق العملي، حوّل المعطف المميز بألوانه الداكنة إلى عنصر لا غنى عنه في خزانة البريطانيين.
وارتفعت شعبية «معطف بربري» عبر مناحي الحياة كافة، ووجد مكانه بين المستكشفين الطموحين، الذين قدروا متانته وحمايته خلال مغامراتهم، واعتمده الطيارون الذين يدركون صفاته المقاومة للرياح، ومظهره الأنيق، كجزء من مظهرهم المميز في قمرة القيادة وعلى الأرض. ثم انتقل إلى عالم هوليوود المتلألئ، وأصبح عنصراً أساسياً للنجوم الذين أدركوا قدرته على إضافة الغموض والرقي أمام الشاشة، وخارجها.
وبمرور السنوات، تجاوز «معطف بربري» غرضه الأصلي، وتطور إلى شيء أكبر بكثير من مجرد ملابس، فأصبح رمزاً ثقافياً، ورمزاً للتراث البريطاني بالتحديد، وشهادة على الجاذبية الدائمة للتصميم الكلاسيكي.
نقشة المربعات من «بربري».. ولادة نمط أيقوني:
لم يكن «معطف بربري»، الأيقونة الوحيدة للدار البريطانية الراقية. ففي عشرينيات القرن العشرين، عرفت نقشة المربعات المميزة طريقها إلى العلامة الخالدة، وأصبحت نمطاً مميزاً، أيضاً، من أنماط «بربري» الساحرة، بعدما تم استخدامها كبطانة للمعطف الشهير. وبذلك تميزت العلامة البريطانية بنمطين مختلفين في منتج واحد. وفي عام 1924، تم تسجيل براءة اختراع المعطف من «بربري». وسمحت تنوعات نقشة المربعات، وجاذبيتها الخالدة، لها بتجاوز غرضها الأصلي؛ لتصبح عنصر تصميم مرغوباً في حد ذاته، عبر مجموعة واسعة من منتجات «بربري».
كيف توسعت دار «بربري»؟
شرعت دار «بربري» في رحلة طموح وتطور سريعة وجذابة، وسرعان ما خرجت من حدود بريطانيا؛ لتنقل رؤيتها المختلفة إلى العالم، بما في ذلك شوارع باريس التي كانت اجتذبت سمعة عالية بالاهتمام بالموضة والأزياء، وكذلك شوارع نيويورك الصاخبة، التي ناسبها «معطف بربري» كثيراً، وأصبح منتجاً مهماً، أيضاً، في هذه الثقافة.
ومع تطورها المستمر، منحت الملكة إليزابيث الثانية شركة «بربري» تصريحاً ملكياً عام 1955، أدى إلى تعيين العلامة التجارية كمورد رسمي للملابس الخارجية المقاومة للعوامل الجوية للعائلة المالكة.
وبحلول عام 1965، ارتفع الطلب الاستهلاكي، بشكل كبير، حيث تم تصدير واحد من كل خمسة معاطف من بريطانيا تحمل علامة «بربري» التجارية. ودفع هذا الارتفاع في الطلب الدولي إلى النمو الاستراتيجي، بما في ذلك الاستحواذ على مصنع كاسلفورد عام 1972، ما عزز حضور «بربري» التصنيعي في المملكة المتحدة، وأكد من جديد تفانيها في الإنتاج المحلي.
وتمكنت قوة «بربري» من تعزيز مكانتها كعلامة تجارية فاخرة عالمية، وسط الكثير من العلامات، التي كانت تحقق نجاحاً حينها، وبنت اسماً عالمياً. والآن، تمتلك «بربري» فروعاً وبوتيكات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك المتاجر الفاخرة بعناوين مرموقة، مثل: شارع بوند في لندن، والشارع الخامس في نيويورك.
عصر جديد من «بربري» بعد التحديث.. وإعادة صياغة العلامة التجارية:
أواخر التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كانت نقطة تحول مهمة في تاريخ «بربري». فتحت القيادة الرؤيوية لروز ماري برافو، وفي وقت لاحق، للثنائي الديناميكي: أنجيلا أهريندتس وكريستوفر بيلي، خضعت «بربري» لتحول ملحوظ.
وأعادت العلامة التجارية وضع نفسها استراتيجياً كدار أزياء فاخرة متطورة، ووسعت خطوط منتجاتها؛ لتشمل مجموعة أوسع من العروض، فجذبت جمهوراً أصغر سناً، وأكثر تقدمًا في الموضة. وأعطت هذه الخطوة الجريئة حياة جديدة للعلامة التجارية، ما سمح لها بالحفاظ على تراثها، والبقاء على صلة بمشهد الموضة المتغير باستمرار.