مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي في نوفمبر، تستعد العديد من الشركات في الولايات المتحدة لزيادة محتملة في الرسوم الجمركية، مع توقع حدوث اضطرابات اقتصادية.
ولم تعد الرسوم الجمركية من المحظورات في واشنطن، فإدارة نائبة الرئيس والمرشحة الديموقراطية كامالا هاريس، لم تحافظ فحسب على الرسوم التي فرضها منافسها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب على السلع الصينية، بل أضافت عليها المزيد من الرسوم.
أما ترامب، فيعتزم في حال فوزه زيادة الرسوم الجمركية على مجمل الواردات بنسبة لا تقل عن 10 بالمئة بحسب المنتجات، وصولا إلى 60 بالمئة للواردات الصينية.
وقال في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز الأحد إن الرسوم الجمركية “ستجعل بلادنا غنية من جديد” مضيفا أنه بدونها سيكون “لدينا بلد مترنح”.
لكن بالنسبة لرجال الأعمال وبينهم روبرت أكتيس، فإن ذلك سيزيد الوضع تعقيدا.
منذ 2020، ومع فرض الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم، وجد أكتيس صعوبات متزايدة في العثور على موردين للمواد الخام، ولم يتحسن الوضع مع تدابير جو بايدن الأخيرة.
وقال “سوف يسرني شراء منتجات أميركية ولكن لا أحد يصنعها”، في إشارة إلى الشبكة المعدنية المستخدمة في البناء والتي يتعين استيرادها.
وإن كان استفاد من الإعفاءات الجمركية حتى الآن، إلا أنه ينبغي تجديدها سنويا بدون أي ضمانة، ما يحتم عليه على حد قوله تكاليف إضافية تسببت بارتفاع أسعاره تدريجيا.
نقص في اليد العاملة
وانعكس ذلك على العديد من الصناعات، وقدرت جمعية الملابس الأميركية أن أسعار التجزئة ارتفعت بشكل سنوي من 5 إلى 10 بالمئة منذ 2020.
واوضح نائب رئيس الجمعية نيت هيرمان أنه “في البداية، خفض أعضاؤنا هوامش ربحهم”، لكن الصعوبات التي يواجهها القطاع لم تعد تسمح بذلك، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ولا تستفيد الصناعة المحلية بالضرورة من الرسوم الجمركية، فقد أغلق 14 مصنع نسيج أبوابه في السنوات الأخيرة ولم تعد بعض المنتجات تُصنع محليا بسبب نقص اليد العاملة المؤهلة والآلات.
وأشار هيرمان إلى أن “متوسط العمر في المصانع الأميركية بلغ حوالى 50 عاما لأننا لا نستطيع توظيف الأقل عمرا”.
وقال راي شارا المدير العام لشركة ستريملايت لتجهيزات الإضافة إن الرسوم الجمركية المشددة تتسبب بتكاليف إضافية “تقدر بملايين الدولارات لشركات صغيرة مثلنا”.
وأضاف “علينا أن ندفعها وفي النهاية تقع على عاتق المستهلك، وهذه مشكلة أي رسوم جمركية”.
مع اقتراب الانتخابات في الخامس من نوفمبر، يزداد انعدام اليقين الذي يمثل أسوأ كابوس يراود رجال الأعمال.
وأظهر مسح أجراه فرع الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند أن 30 بالمئة من الشركات أعلنت إرجاء أو تقليص أو حتى إلغاء الاستثمارات المخطط لها بسبب الانتخابات.
“التضخم سيعود”
وأوضح شارا أن “هذا يعيق نشاطنا واستثماراتنا ويخلق بشكل عام أثرا مخففا للتنمية الاقتصادية”.
وهو يحاول مع شركائه نقل تصنيع أحد المكونات الأساسية إلى الولايات المتحدة، لكن “الوقت الذي نقضيه في العمل على سلاسل التوريد يأتي على حساب تطوير شركتنا”.
ويضاف إلى ذلك البحث عن مصادر جديدة للإمدادات، وهو ليس بالأمر اليسير، بحسب جمعية الملابس الأميركية التي تتوقع أن تقوم الشركات بالاستيراد بشكل أكبر لتأمين مخزونها قبل الزيادة المحتملة في الرسوم الجمركية، كما حدث في 2018.
وبغض النظر عن نتيجة الانتخابات، تتوقع الشركات الإبقاء على الرسوم الجمركية.
ورأى أكتيس أنه “لا يوجد أي احتمال بأن يتخلى أي من المعسكرين عنها. فالاتجاه نحو الزيادة”.
واعتبر ويل توماس رئيس شركة “كولونيال ميتال برودكتس” أن الشركات لا تستطيع أن تفعل الكثير حيال ذلك لأن “المرشحين يلعبان على العواطف. ولكن إذا لم تعد المنتجات متوفرة وكل ما تفعله هو زيادة تكاليف الإنتاج فماذا يحدث؟ عندها يعود التضخم”.
وقال كولبي ماكلولين، رئيس شركة “تريم إيلوجن” لاستيراد قطع غيار السيارات “أنا لست ضد الرسوم الجمركية، طالما أن هناك خطة أو دعما لمساعدة الشركات على الإنتاج، لكنني لم أسمع شيئا بهذا الصدد”.
وكناخب، يبدو منقسما بين تطلعاته كرجل أعمال ورؤيته كمواطن. وبانتظار أن تتوضح الأمور، ينوي تكثيف استثماراته لتسريع ايراداته.