لا يزال إيمانويل ماكرون متقدماً في استطلاعات الرأي بعد الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، حتى لو لم تكن الولاية الثانية إجراءً شكلياً كما بدا قبل شهرين.مع مرور العالم بأوقات مضطربة نتيجة للغزو الروسي لأوكرانيا وتداعيات جائحة كورونا، من المرجح أن تلعب حالة الاقتصاد الفرنسي وتوقعاته المستقبلية دوراً رئيسياً في الانتخابات.ولتقييم ذلك، فقد كتب أستاذ الاستراتيجية والأعمال الدولية في المعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD)، نيكولا بيساني، مقالاً يركز فيه على أهم النقاط في أداء اقتصاد فرنسا مؤخراً والتي يجب إلقاء نظرة عليها.
تشير الأرقام إلى أن ماكرون كان يؤدي دوره جيداً، خاصة بالمقارنة مع الاقتصادات الرئيسية الأخرى في العالم، وبالتأكيد أفضل بكثير مما كان متوقعاً في البداية عندما ضرب الوباء.ووفقاً لـ “بيساني”، فإن ماكرون قد استثمر الأموال العامة المستمدة إلى حد كبير من زيادة الديون بذكاء، في محاولة لجعل بيئة الأعمال أكثر جاذبية للمؤسسات القائمة والجديدة، ليس أقلها تلك التي تعمل في مجال التكنولوجيا، وفقاً لما ذكره لموقع “The Conversation”، واطلعت عليه “العربية.نت”.
أسرع 10 اقتصادات
الناتج المحلييظهر الرسم البياني التغيرات في الناتج المحلي الإجمالي الفرنسي مع بعض المؤشرات الأخرى المتعلقة بالطلب، والتي تتراوح من استهلاك الأسرة إلى الطلب الأجنبي على السلع الفرنسية. إذ يمكن رؤية عودة معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات ما قبل كوفيد بحلول الربع الرابع من العام 2021، مما يعني أن الاقتصاد ينمو بشكل كبير.ومن المتوقع أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي للنصف الأول من العام 2022 نحو 3.2%، بعد نمو سنوي قدره 7% في العام 2021.على الجانب الآخر، تعد فرنسا مُصدِّراً رائداً للأدوية والمعدات العسكرية والسيارات، من بين أشياء أخرى، لكن الصادرات هي المؤشر الوحيد في الرسم البياني الذي لا يزال أقل من أرقام ما قبل كورونا.ومن المحتمل أيضاً أن تتأثر بشكل أكبر بفعل عقوبات الاتحاد الأوروبي على روسيا، بالنظر إلى أن روسيا تشتري ما يزيد قليلاً عن 1% من المنتجات الفرنسية.فيما سيتم تعويض هذا الضرر إلى حد ما من خلال التحول المتزايد بعيداً عن العولمة، والذي من المرجح أن يحفز الشركات الفرنسية متعددة الجنسيات على تنمية أعمالها داخل فرنسا نفسها.وعلى الرغم من هذا فإن فرنسا تستورد بالفعل أكثر مما تصدر، ومع اتساع العجز التجاري الفرنسي مؤخراً، أصبحت الواردات أكثر هيمنة، وهي أحد المهام التي ستكون ضمن أولويات رئيس فرنسا المقبل، إذ بات الاكتفاء الذاتي أكثر من فضيلة.وخلال فترة ولاية ماكرون، فإن مؤشري التضخم والبطالة أظهرا أداءً معتدلاً.البطالةانخفض معدل البطالة الفرنسي إلى 7.4% في الربع الأخير من العام 2021، وهو مستوى لم نشهده منذ 2008. وهذا دليل على إصلاحات ماكرون خلال فترة ولايته، ومن أهمها خفض ضريبة الشركات من 33.3% إلى 25% والضغط من أجل تغيير قانون العمل الفرنسي ليسهل على الشركات فصل العمالة الزائدة.وعلى الرغم من أن الإصلاحات أدت إلى زيادة انعدام الأمن الوظيفي للعمال، لكنها عملت أيضاً على خلق سوق عمل أكثر حيوية من خلال تشجيع الشركات على توظيف الأفراد طالما يوجد باب لإخراجهم.وأشاد وزير الاقتصاد برونو لومير بالحقيقة التاريخية المتمثلة في إنشاء ما يقرب من مليون شركة في فرنسا في 2021. وأشار آخرون إلى أن غالبية هذه الشركات كانت في الواقع مشروعات صغيرة يعمل بها موظف واحد فقط أو عدد قليل جداً من الموظفين. في كلتا الحالتين، كان يُنظر إلى رغبة الناس في إنشاء أعمال تجارية جديدة إلى حد كبير على أنها مؤشر على حيوية الاقتصاد.ويدفع ماكرون بهذا باعتباره أحد أكبر انتصاراته خلال فترة ولايته الأولى، وقد يكون أحد العوامل التي قد تجعله يفوز في نهاية سباق اليوم.معدل التضخمارتفع التضخم الفرنسي إلى 4.5% في مارس، وتظهر البيانات نمطا صعوديا مثيرا للقلق منذ الصيف الماضي، إلا أنه لا يزال أحد أقل المعدلات بين الدول الأوروبية، حيث تبلغ النسبة في ألمانيا 7.3% وإسبانيا 9.8%.وأحد الأسباب هو أن فرنسا تستمد معظم قوتها من أسطولها من محطات الطاقة النووية، لذلك كانت معزولة نسبياً عن ارتفاع أسعار النفط والغاز التي تسببت في أزمات بأماكن أخرى.يجب ألا ننسى أيضاً أنه مثل العديد من البلدان الأخرى التي استجابت لتحديات الوباء، ارتفعت نسبة الدين العام الفرنسي إلى الناتج المحلي الإجمالي من 98% في العام 2019 إلى 116% في 2021.