خاصالذكاء الاصطناعيفي غضون العامين الماضيين، شهدت الأسواق المالية تحولات استثنائية أعادت تشكيل مشهد الاستثمار العالمي، فقد قفزت أسهم إلى قمم غير مسبوقة، مستفيدة من موجة التفاؤل التكنولوجي التي اجتاحت العالم، مدفوعة بالابتكار السريع والطلب المتزايد على الحلول الذكية.تصدرت عديد من الشركات التكنولوجية الكبرى المشهد، حيث عززت من قوتها السوقية وأصبحت محركات رئيسية للنمو الاقتصادي. من بين هذه الشركات، برزت “إنفيديا” كلاعب أساسي في قطاع صناعة الرقائق الذكية، محققة قفزة نوعية، لتشكل نموذجًا رياديًا في العصر الرقمي.
هذا التقدم يعكس الاتجاهات الكبرى التي تعيد صياغة الاقتصاد العالمي، حيث أصبحت الابتكارات التقنية ليست مجرد أدوات دعم، بل محركات رئيسية لنمو قطاعات واسعة، مما يعيد تعريف المنافسة ويعزز مكانة الشركات التي تستثمر في التكنولوجيا المتقدمة.
أبرز الفائزين
بحسب تقرير لشبكة “سي إن بي سي” الأميركية، اطلع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” عليه، فإنه في العامين الماضيين منذ إطلاق ChatGPT، ارتفعت الأسهم إلى مستويات مرتفعة جديدة، وتضخمت أحجام الشركات الكبرى، وأصبحت شركة صناعة الرقائق الذكية “إنفيديا” ثاني أكبر سهم في الولايات المتحدة من حيث القيمة السوقية.
لكن -وفق التقرير- فإن الفائز الأكبر في واقع الأمر كان سهم شركة Vertiv Holdings المتخصصة في تكنولوجيا التبريد والتي مقرها في ولاية أوهايو والتي لا تحظى بشهرة كبيرة.
استفادت الشركة المذكورة منذ ظهور برنامج المحادثة الآلي المتاح على نطاق واسع في أواخر نوفمبر 2022.
قام المستثمرون بدراسة السوق بحثاً عن الفائزين الثانويين من بناء نماذج اللغة الكبيرة ومراكز البيانات العملاقة.
كان أول ما استحوذ على الاهتمام هو الشركات التكنولوجية العملاقة. كانت شركة إنفيديا الشركة الثالثة عشرة الأكبر في الولايات المتحدة عندما انطلقت موجة الذكاء الاصطناعي، وفقًا لمكتب المبيعات في شركة Jefferies.
لكن في حين سيطرت أسهم التكنولوجيا ذات القيمة السوقية الضخمة على اهتمام المستثمرين منذ فجر سوق الذكاء الاصطناعي الشامل، سلطت شركة Jefferies الضوء على شركة Vertiv باعتبارها واحدة من أكبر الشركات الرابحة، حيث ارتفعت بنسبة 861 بالمئة على مدار العامين الماضيين. وفي العام 2023 وحده، ارتفعت أسهمها بنسبة 165 بالمئة وتضاعف حجمها أكثر من ثلاثة أضعاف منذ بداية عام 2024.
تنتج شركة Vertiv معدات التبريد والبنية الأساسية لمراكز البيانات التي تستهلك الكثير من الطاقة والتي تغذي طفرة الذكاء الاصطناعي. وقد ارتفع الطلب مع بحث العملاء عن طرق لإدارة كل جانب من جوانب احتياجات مراكز البيانات.
في تصريحات له في أكتوبر الماضي، في أعقاب أحدث تقرير أرباح لشركة Vertiv، برر الرئيس التنفيذي جيوردانو ألبرتازي عن الارتفاع الكبير في السهم، وسلط الضوء على سبب استمرار الرؤية المستقبلية المشرقة.
وقال: “نعتقد بأننا في وضع قوي للغاية للاستمتاع بالفوائد – تسارع الطلب الذي تقوده الذكاء الاصطناعي إلى صناعة مراكز البيانات بأكملها، ونحن رواد في البنية التحتية لمراكز البيانات.. أنا متفائل جدًا بشأن المستقبل”.
وتعد شركة”إنفيديا” هي ثاني أفضل شركة أداءً، حيث ارتفعت أسهمها بنسبة 722 بالمئة منذ إطلاق ChatGPT.
أصبحت الشركة (إنفيديا) نموذجًا لكل ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، حيث تدعم وحدات معالجة الرسومات الخاصة بها نماذج اللغة الكبيرة في التكنولوجيا.
كما استفادت شركتا Advanced Micro Devices (AMD) وBroadcom من هذا الاتجاه، حيث قفزت أسهمهما بنسبة 90 بالمئة و208 بالمئة على التوالي منذ تقديم ChatGPT.
العظماء السبع
تشير شركة Jefferies إلى أن أسهم مجموعة “السبعة العظماء قد قفزت بنسبة 203 بالمئة، بينما ارتفعت أسهم شركات أشباه الموصلات بنسبة 77 بالمئة خلال العامين الماضيين.
ووفقاً للشركة، فإن الإنفاق الرأسمالي على الذكاء الاصطناعي قد تجاوز نظيره في مؤشر S&P 500 بنسبة 230 بالمئة.
إلى جانب Vertiv، تعد Modine Manufacturing من بين الفائزين غير البارزين في سباق الذكاء الاصطناعي. فقد ارتفعت أسهم الشركة المتخصصة في تبريد الهواء بنحو 550 بالمئة خلال العامين الماضيين، وتضاعفت قيمتها أكثر من مرة خلال عام 2024 فقط.
كما سلطت Jefferies الضوء على بعض الخاسرين في مجال الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك العديد من منصات التكنولوجيا التعليمية مثل Chegg، بالإضافة إلى شركات مراكز الاتصال التي تعتبر مهددة الآن بظهور الذكاء الاصطناعي. كما سجلت Intel أداءً ضعيفًا، حيث تراجعت أسهمها بنسبة 19 بالمئة.
يذكر أن “العظماء السبع” هو مصطلح يُطلق على أكبر سبع شركات من حيث القيمة السوقية في قطاع التكنولوجيا في بورصة وول ستريت بالولايات المتحدة، وهي: إنفيديا ومايكروسوفت وأبل وأمازون وألفابت وميتا وتسلا.
طفرة OpenAI
في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، يقول المستشار الأكاديمي وخبير تكنولوجيا المعلومات بجامعة ولاية سان خوسيه الأميركية، أحمد بانافع، إنه بعد مرور عامين على إطلاق ChatGPT، تقود شركة OpenAI سباق الذكاء الاصطناعي، مشدداً على أن الشركة في تقديره هي الفائز الأكبر في مجال الـ AI خلال العامين الماضيين، إلى جانب شركاء استراتيجيين مثل مايكروسوفت.
ويوضح أن OpenAI أظهرت ريادة تقنية لا مثيل لها بفضل ChatGPT، حيث غيّرت المفاهيم حول إمكانات الذكاء الاصطناعي وقدرته على تحقيق نجاح تجاري، مُعدداً أبرز شواهد نجاح الشركة، على النحو التالي:
أسهمت ابتكاراتها في تحويل الذكاء الاصطناعي إلى قوة تجارية واستراتيجية.
من خلال نماذج الاشتراك مثل ChatGPT Plus، ضمنت تدفقات مالية مستمرة لدعم تطوير التقنيات.
شراكتها مع مايكروسوفت مكّنتها من التوسع العالمي والوصول إلى جمهور واسع.. استثمار مايكروسوفت أكثر من 13 مليار دولار في OpenAI كان خطوة استراتيجية لتعزيز موقعها في السوق.
دمج تقنيات OpenAI في منتجات مثل Microsoft 365 وAzure جعلها لاعبًا رئيسيًا في البنية التحتية السحابية.. ساعد ذلك في تقديم خدمات متكاملة تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
ويلفت إلى مساعي شركة غوغل للحاق بالركب، إذ تعزز وجودها عبر تطوير Gemini وتحسين منصات الذكاء الاصطناعي. كذلك في الوقت نفسه ينوه باستفادة شركة مثل “إنفيديا” بشكل واسع من الطلب المتزايد على معالجات الرسومات لتدريب النماذج الذكية، مما أدى إلى تحقيق أرباح قياسية.
زخم الـ AI
ويُبرز بانافع في الوقت نفسه “استمرار الزخم في الذكاء الاصطناعي”، مشدداً على أن الزخم الحالي قد يستمر بفضل عوامل أساسية، منها:
الابتكار المستمر: ضرورة تطوير تقنيات جديدة تلبي احتياجات المستخدمين المتغيرة.
القوانين والتنظيم: رغم أن التشريعات قد تؤدي إلى إبطاء وتيرة التطوير، فإن الشركات الكبرى ستكون أكثر قدرة على الامتثال واستغلال ذلك كمصدر قوة.
توسيع نطاق التطبيقات: دخول الذكاء الاصطناعي مجالات جديدة كالرعاية الصحية والتعليم والصناعة سيزيد من قوته.
ويختتم د. أحمد بانافع حديثه قائلاً: “الشركات التي تجمع بين الابتكار، الالتزام بالقوانين، والتوسع في التطبيقات العملية ستبقى في الصدارة خلال السنوات المقبلة”.
تقرير: ترامب وماسك يسعيان لتطوير الجيش بالذكاء الاصطناعيصعود غير مسبوق
بدوره، يلفت استشاري العلوم الإدارية وتكنولوجيا المعلومات في G&K، عاصم جلال، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن:
السنتان الماضيتان، من نوفمبر 2022 حتى ديسمبر 2024، شهدتا تصاعداً غير مسبوق في أدوات ومنصات وبرامج الذكاء الاصطناعي.
هذه الأدوات أسهمت في إنتاج محتوى جديد وحل المشكلات وتعزيز الأداء الوظيفي والإبداعي للبشر، مما أدى إلى دخول عدد كبير من الشركات إلى هذه السوق المتغيرة بشكل مستمر.
بعض هذه الشركات خرجت من السوق سريعاً، والبعض الآخر تم الاستحواذ عليه من قِبَل شركات أكبر. كما شهدت بعض الشركات تراجعاً بسبب التطورات السريعة التي تقدمها جهات أخرى.
ويوضح جلال أن هذه التغيرات تعكس ثورة الابتكارات التي يشهدها قطاع الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، فإن الربحية في هذا المجال ما زالت تمثل تحدياً كبيراً؛ إذ أن أغلب الشركات تواجه صعوبة في تحقيق أرباح تتناسب مع استثماراتها الضخمة. ويرجع ذلك إلى عوامل متعددة، منها:
المنافسة الشديدة.
كثرة العرض مقارنة بالطلب المدفوع.
بالإضافة إلى التوجه العام نحو الاستخدام المجاني لهذه الأدوات.
ويضيف: “في هذه المرحلة، الأولوية ليست لتحقيق الربحية، بل للسيطرة على أكبر حصة سوقية ممكنة.. ومع نضج السوق وتقليص عدد اللاعبين، ستبدأ الشركات في التركيز على تحقيق أرباح مستدامة”.
وفيما يتعلق بالدول، يؤكد جلال أن الولايات المتحدة تسيطر بشكل واضح على سوق الذكاء الاصطناعي. ورغم العقوبات الأميركية على الصين، فإن الأخيرة أظهرت أداءً تنافسياً قوياً يوازي الأداء الأميركي، على الرغم من الفجوة في الإمكانات التقنية والبنية التحتية. أما أوروبا، فقد وصف أداءها بأنه “موجود لكنه غير منافس بقوة”، مشيراً إلى أن القارة العجوز لم تحقق التوقعات المرجوة في هذا المجال، على الرغم من وجود شركات أوروبية بارزة.
ويختتم جلال حديثه بتحديد المستفيد الأكبر من هذه الثورة التقنية، إذ يشير إلى أن المستهلكين الذين تمكنوا من استغلال أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين إنتاجيتهم وإبداعهم هم الفائزون الحقيقيون حتى الآن. هؤلاء الأفراد استطاعوا تطوير مهارات جديدة وزيادة مكاسبهم، سواء في مجالات الأعمال أو التقدم الوظيفي، مما يثبت أن الاستخدام الذكي لهذه الأدوات يمكن أن يُحدث تحولاً إيجابياً كبيراً على المستوى الشخصي والمهني.
عهد ترامب وماسك قد يحيل أعظم الأسلحة الأميركية إلى التقاعد