#تكنولوجيا
سارة سمير
اليوم
يعتبر 2024 عام ثورة الذكاء الاصطناعي، إذ شهد العديد من التطور ودخول مجالات مختلفة، بما في ذلك الموضة والجمال؛ ليعيد تشكيل ودمج الأفكار الجريئة والمميزة في هذا العالم الإبداعي، ما غير الطريقة التي تتعامل بها العلامات التجارية مع الإبداع، والوصول بشكل أكبر إلى احتياجات المستهلكين، وتعزيز فرص الاستدامة والشمول.
الذكاء الاصطناعي في الموضة.. اتجاه يسير بسرعة البرق:
أحدث عالم الميتافيرس تغييرات هائلة في صناعة الموضة والأزياء، وأثبت قدرته على تغيير كل شيء بأقل التكاليف، وأسرع وقت ممكن، حتى توقعت شركة «ماكينزي» (متخصصة في إجراء تحليلات للقطاعات المتخصصة)، أن الذكاء الاصطناعي سيضيف ما بين 150 إلى 275 مليار دولار كأرباح لصناعة الأزياء بحلول عام 2030.
وعلى مدار عام 2024، تسابقت تجارة التجزئة والأزياء في وضع التكنولوجيا بخططها المستمرة، إذ قيّمت علامات الأزياء الكبرى كيف يمكن للذكاء الاصطناعي تعزيز عملياتها وإبداعها، وقد بدأ العديد منها بالفعل اختبار واستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في مراحل مختلفة من عملياتها، بدءاً من مفهوم التصميم إلى إنتاج الحملات الإعلانية.
وتطور الذكاء الاصطناعي من كونه فكرة مستقبلية إلى حقيقة ملموسة للعديد من الشركات في هذا القطاع، إذ قال دوغ ماكميلون، الرئيس التنفيذي لشركة التجزئة العملاقة «وول مارت»: «أنا متردد بعض الشيء في الحديث عن الذكاء الاصطناعي، لأنني أعلم أن شخصاً ما سيسمع هذا في الأشهر والسنوات المقبلة، ويضحك على مدى قدمه، نظراً لسرعة تغير الأشياء، ولكن من المهم أن ننقل تجربتنا في تعلم وتطبيق الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لحل الفرص العملية أمامنا مباشرة».
استخدامات الذكاء الاصطناعي في الموضة:
لاحظنا، في عالم الموضة والأزياء، أن العلامات التجارية الفاخرة ومتاجر التجزئة، قفزت إلى عربة الذكاء الاصطناعي بسرعة غير مسبوقة في العامين الماضيين، وأحدثت هذه التكنولوجيا طفرات عدة في قطاعات مختلفة داخل عالم الموضة والأزياء، وأفضل الأمثلة على المجالات التي استخدمت فيها العلامات التجارية للأزياء الذكاء الاصطناعي:
1. التنبؤ باتجاهات الموضة:
القدرة على التنبؤ باتجاهات الموضة في المواسم المستقبلية، أصبحت أمراً سهلاً وسريع الحدوث، بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي، إذ قدمت شركات محترفة هذا النموذج، خلال الفترة الماضية، وتمكنت من تحقيق نتائج واعدة، مثل: «Fashion Snoops، وWGSN، وPeclers».
وتستخدم هذه الشركات الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع؛ لتتبع سلوك التسوق، ومعنويات المستهلكين، ووسائل التواصل الاجتماعي، والأحداث العالمية، وما إلى ذلك، للتنبؤ بدقة بالاتجاهات حتى تتمكن العلامات التجارية للأزياء من تصميم المجموعات وفقًا لذلك. كما تستخدم خوارزميات التعلم الآلي؛ لتحليل كميات هائلة من البيانات من مصادر مختلفة، مثل: وسائل التواصل الاجتماعي، والوسائط الرقمية، وعروض الأزياء، وعمليات البحث عبر الإنترنت؛ لتحديد الأنماط، والتنبؤ بالاتجاهات.
ويوفر التنبؤ بالذكاء الاصطناعي رؤى حول تفضيلات العملاء، وسلوك الشراء، وحركات السوق. لكن هذا التنبؤ ليس مخصصاً لشركات التنبؤ بالاتجاهات فحسب، وإنما أيضاً، وعلى سبيل المثال، توظف شركة الأزياء السريعة العملاقة «H&M» أكثر من 200 عالم بيانات؛ لتتبع أنماط الشراء، واتجاهات المتاجر الأخرى؛ لرسم خريطة لطلب العملاء، بالإضافة إلى استخدام شركة «Zara»، أيضاً، خوارزميات الذكاء الاصطناعي؛ لتحديد الأنماط، والتنبؤ بالعناصر التي من المرجح أن تصبح شائعة في المستقبل.
2. التخصيص من خلال الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي:
يعمل التخصيص، المدعوم بالذكاء الاصطناعي، على تحويل الطريقة التي يتسوق بها الناس للملابس تماماً. ففي الماضي، كان التخصيص يقتصر على التوصيات الأساسية؛ بناءً على مشتريات المستخدم السابقة، أو سجل البحث، لكن الذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي، ساعدا العلامات التجارية للأزياء في تقديم تجارب تسوق مخصصة للغاية، من خلال التعمق أكثر في نمط حياة عملائها، ومزاجهم، وتفضيلاتهم، ونوع أجسامهم.
4. تحسين البحث والتعرف على الصور:
«الرؤية الحاسوبية» من التقنيات المنتشرة في عالم الذكاء الاصطناعي، داخل صناعة الموضة لهذا العام، حيث تسهل هذه التقنية عملية البحث عن صورة أو عنصر أعجبكِ في أي مكان. وتقدم لكِ منتجات مماثلة على الفور، وبالفعل تم دمج هذه التقنية في أدوات التجربة الافتراضية داخل العديد من العلامات التجارية، لتسهل على المستهلكين تصور شكل المنتج عليهم، قبل إجراء عملية الشراء.
كذلك في مجال الجمال، يحدث البحث البصري موجات مع الواقع المعزز (AR)، ويسمح تطبيق «ModiFace»، من «L’Oréal»، للمستخدمات بتجربة المكياج افتراضياً، باستخدام التعرف على الوجه والواقع المعزز، ما يمنحهن تجربة تسوق مخصصة للغاية.
5. تحسين تجربة العملاء:
يتيح الواقع المعزز للعملاء تجربة الملابس افتراضياً؛ لمعرفة كيف ستبدو قبل إجراء عملية الشراء، وهذا يعزز التسوق من خلال تمكين العروض التوضيحية التفاعلية للمنتجات والشاشات الغامرة، التي يمكن لأي شخص لديه هاتف ذكي الوصول إليها من أي مكان. وفي الوقت نفسه، تعمل معالجة اللغة الطبيعية على تمكين برامج الدردشة والمساعدين الافتراضيين؛ لتوفير دعم فوري ومخصص للعملاء بطريقة محادثة، مثلما ظهر في تطبيق العلامة التجارية «نايكي»؛ «Nike Fit» الواقع المعزز لمسح أقدام العملاء بكاميرا الهاتف الذكي، وتوفير أحجام أحذية دقيقة من خلال نظام قياس مكون من 13 نقطة.
6. مؤثرو (AI) على منصات التواصل الاجتماعي:
غيرت وسائل التواصل الاجتماعي طريقة تسويق وبيع علامات الأزياء منتجاتها، باستخدام أدوات، مثل: «Sora، وMidjourney، وDALL-E»، إذ تُنشئ العلامات التجارية محتوى وسائط متعددة، يجذب الجماهير بشكل لم يسبق له مثيل. كما يقدم المؤثرون من خلال الذكاء الاصطناعي – الشخصيات الافتراضية، المصممة باستخدام خوارزميات متقدمة تحاكي السلوك البشري – طريقة جديدة وإبداعية للعلامات التجارية؛ للتواصل مع متابعيها.
وقد تعاونت «ليل ميكيلا»، المؤثرة الافتراضية، التي صممت من خلال الذكاء الاصطناعي، ولديها ما يقرب من 3 ملايين متابع على «إنستغرام»، مع علامات تجارية بارزة للأزياء، مثل: «برادا، وكالفن كلاين»، أثناء ظهورها في مجلات مثل «Vogue»، فقدرتها على طمس الخط الفاصل بين الواقع والحياة الافتراضية جذبت الأجيال الأصغر سناً، ما يجعلها أداة تسويق قوية.
وتتعاون «شودو غرام» (أول عارضة أزياء رقمية في العالم)، مع علامات تجارية فاخرة، مثل «بالمان»، وزينت صفحات المجلات المرموقة، حيث إن حضورها يُظهِر كيف يمكن لشخصيات الذكاء الاصطناعي أن تجسد التنوع والرقي المطلوبين في عالم الموضة الراقية.
مزايا وعيوب الذكاء الاصطناعي في عالم الموضة:
أحدث الذكاء الاصطناعي تأثيراً كبيراً في عالم الموضة، حيث قدم الفرص والتحديات. وبينما تفكر العلامات التجارية في تبني هذه التكنولوجيا، فإنها تبدأ في تقييم جميع مزايا وعيوب تطبيقها. في ما يلي، نظرة على النقاط الرئيسية.
المزايا:
– زيادة الإبداع: الذكاء الاصطناعي تكنولوجيا إبداعية للغاية، تسمح للعلامات التجارية بالتقدم خطوة إلى الأمام، وتوليد المزيد من الأفكار، مقارنة بعملية الإبداع التقليدية. وبفضل هذه التكنولوجيا، يمكن للعلامات التجارية إنشاء مجموعات وحملات بشكل أسرع وتصميمها، وهو ما لم يكن متاحاً باستخدام طرق الإنتاج التقليدية.
– الابتكار: تطبيق تكنولوجيا جديدة، كالذكاء الاصطناعي، يجعل العلامات التجارية رائدة ومبتكرة، فكل تلك العلامات التجارية التي تجرؤ على استخدام مثل هذه التكنولوجيا الثورية مثل الذكاء الاصطناعي، ستتمتع بميزة كبيرة في المستقبل عن تلك التي تخشى استخدامها، أو تقاومها.
– السرعة: عادة تكون عملية إنشاء العلامات التجارية بطيئة، لكن مع تنفيذ الذكاء الاصطناعي؛ يسمح للعلامات التجارية تسريعها بإنشاء المجموعات إلى إنتاج الحملات. وتساعد هذه الأداة العلامات التجارية في إنشاء الملابس والحملات بشكل أسرع بكثير، دون الحاجة إلى مغادرة المكتب.
– الاستدامة: يساعد الذكاء الاصطناعي التوليدي العلامات التجارية على أن تصبح أكثر استدامة لسببين: أولاً: مساعدته في تقليل البصمة الكربونية الناتجة عن السفر لالتقاط صور الحملة. وثانياً: يسمح الذكاء الاصطناعي للعلامات التجارية، التي تبيع عند الطلب، بإنشاء حملات من تصميماتها ثلاثية الأبعاد، دون الحاجة إلى إنتاج الملابس.
– خفض التكلفة: كما هو واضح، فإن جميع الفوائد السابقة تؤدي إلى إدراك العلامات التجارية لتوفير التكاليف في حملاتها.
العيوب:
كل ما له مزايا، له أيضاً بعض العيوب أو التحديات.. منها ما يلي:
1. استبدال الوظائف: تؤدي الأتمتة، التي يقودها الذكاء الاصطناعي، إلى فقدان الوظائف في قطاعات معينة بصناعة الأزياء، خاصة في مجالات، مثل: التصنيع وتجارة التجزئة وخدمة العملاء، إذ إن المهام التي يقوم بها البشر تقليدياً، مثل: التصميم وإدارة المنتجات وحتى تفاعلات العملاء، أصبحت تتم أتمتتها بشكل متزايد، وبالتالي قد تقل فرص العمال في العمل.
2. الاعتماد المفرط على البيانات: تعتمد نماذج الذكاء الاصطناعي على البيانات؛ لاتخاذ القرارات والتنبؤات، بينما قد تكون البيانات المستخدمة متحيزة، أو غير كاملة، أو غير تمثيلية، وبالتالي تظهر نتائج غير دقيقة، أو منحرفة.
3. الافتقار إلى الإبداع واللمسة الإنسانية: في حين يولد الذكاء الاصطناعي التصاميم واقتراح الاتجاهات، فإنه يفتقر إلى الحدس والفهم الثقافي والذكاء العاطفي، التي يجلبها المصممون البشريون إلى مدارج عروض الأزياء، خاصة أن الموضة شكل فني يزدهر بالإبداع، والتعبير، والابتكار.