القاهرة، مصر (CNN)– استمر خروج المستثمرين الأجانب من البورصة المصرية وسجلوا صافي مبيعات بقيمة 7 مليارات جنيه (378 مليون دولار) منذ بداية العام مما أثر سلبا على أداء مؤشرات السوق.
وأرجع محللون الأسباب إلى عوامل خارجية وأبرزها اتجاه الصناديق والمؤسسات الأجنبية للتخارج من الأسواق الناشئة ومنها مصر وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وعوامل داخلية منها القرارات الإدارية المتعلقة بوقف أكواد المتعاملين وإلغاء العمليات على بعض الأسهم، والأهم التباطؤ في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية.
وتعاني البورصة المصرية من تراجع حاد على كافة المستويات سواء على مستوى القيمة السوقية والتي فقدت 71.5 مليار جنيه (3.9 مليار دولار) منذ بداية العام وحتى جلسة الثلاثاء، أو على مستوى أداء المؤشرات، حيث هبط المؤشر الرئيسي (إيجي إكس 30) بنسبة 10.6% ليفقد 1267 نقطة، وانخفض مؤشر الشركات المتوسطة والصغيرة (إيجي إكس 70) بنسبة 17.64% ليفقد 388 نقطة.
وقالت حنان رمسيس خبيرة أسواق المال، إن البورصة تشهد موجة بيعية لافتة من المتعاملين الأجانب منذ نهاية العام الماضي وامتدت خلال الربع الأول من العام الجاري، وأرجعت الأسباب إلى أولًا مناخ الاستثمار في سوق المال المصري، مضيفة أن المستثمرين الأجانب يتخوفون من القرارات الإدارية المتعلقة بإلغاء العمليات على أسهم ووقف أكواد بعض المتعاملين عن الشراء، وهناك سبب آخر وهو تكلفة الفرصة البديلة في الأسواق المجاورة، مشيرة إلى أسواق المال الخليجية التي حققت أداء إيجابيا بعد ارتفاع أسعار النفط وتنوع بدائل الاستثمار أمام المتعاملين الأجانب.
وأشارت رمسيس، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إلى أن الموجة البيعية للمتعاملين الأجانب انعكست على أداء شهادات الإيداع الدولية للشركات المصرية، والتي منيت بخسائر حادة متأثرة بموجة التضخم العالمي والحرب الروسية الأوكرانية، علاوة على تخارج المؤسسات والصناديق الاستثمارية الكبرى من أسواق الأسهم عامة، والاتجاه إلى الملاذات الآمنة.
ولفتت حنان رمسيس إلى ارتفاع وتيرة مبيعات الأجانب بالبورصة المصرية خلال الفترة الحالية، نتيجة تحوط المستثمرين الأجانب قبل بدء إجازة عيد الفطر التي تمتد لأسبوع، حيث يفضل المستثمرين الأجانب التخارج من سوق المال المصري قبل أي إجازة لمدة طويلة، والاحتفاظ بالسيولة تخوفا من حدوث أية أحداث خلال فترة الإجازة تؤثر سلبا على تخارجهم عقب استئناف التداول، مضيفة أن المستثمرين الأجانب أصبحوا يميلون إلى المتاجرة السريعة، والبحث عن الفرص البديلة بأسواق المال المجاورة.
وحددت الحكومة المصرية إجازة عيد الفطر من يوم السبت 30 إبريل/ نيسان حتى يوم الخميس 5 مايو/ آيار 2022.
وحول تأثير انخفاض سعر صرف الجنيه على استثمارات الأجانب بالبورصة، قالت خبيرة أسواق المال، إن القرار ساهم في تنشيط سوق المال لحظيا، حيث ارتفعت المؤشرات في أول يوم لخفض التداول، ولكن تضييق التعامل بالدولار وأنباء عن وجود سعر موازي للدولار أثر سلبا مرة ثانية على المتعاملين الأجانب بالبورصة، مؤكدة على أهمية استئناف برنامج الطروحات الحكومية لجذب سيولة ومتعاملين جدد، مشيرة إلى أن تأجيل الطروحات الحكومية أكثر من مرة أثر سلبا على شفافية البرنامج أمام المستثمرين الأجانب.
وقرر البنك المركزي بشكل مفاجئ، في مارس/ آذار الماضي، رفع سعر الفائدة بنسبة 1% في اجتماع استثنائي، وتلاه تخفيض في سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وتسبب هذا القرار في تحقيق البورصة 31 مليار جنيه (1.7 مليار دولار) وهو أعلى معدل أرباح يومية حققتها البورصة في تاريخها.
وقال وائل عنبة خبير أسواق المال، إن تعاملات المستثمرين الأجانب بالبورصة، سجلت صافي مبيعات خلال الثلاث سنوات الماضية حتى قبل جائحة فيروس كورونا المستجد، بسبب اتجاه الصناديق والمؤسسات الأجنبية للتخارج من الأسواق الناشئة بصفة عامة ومنها مصر، والتي ظهر عليها تأثير هذا التخارج بسبب ضعف أحجام التداول مما أثر سلبا على أداء المؤشرات.
وأضاف عنبة، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن موجة مبيعات الأجانب بالبورصة ارتفعت هذا العام بوتيرة أعلى مع إعلان الدولة تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية على سوق المال، مشيرا إلى أهمية دخول صناديق الاستثمار المحلية لسوق المال لطمأنه المتعاملين الأجانب، من خلال تفعيل مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي باستثمار البنك المركزي 20 مليار جنيه بالبورصة، والتي لم تنفذ منها سوى شراء أسهم بمليار جنيه فقط.
وربط وائل عنبة عودة مشتريات المتعاملين الأجانب بالبورصة، باستئناف الاستثمار الأجنبي غير المباشر في أدوات الدين الحكومية، والأخيرة تقود تحركاتهم في سوق المال، وحتى الآن لم يقرر الأجانب العودة للاستثمار في سوق أدوات الدين الحكومية في مصر، رغم قرار البنك المركزي برفع سعر الفائدة بنسبة 1%.