درة – أكابر الأحمدي
من قال إن الموهبة تُصنع في الأكاديميات؟ ومن قرر أن الطريق إلى النجومية لا يمر إلا عبر جداول صارمة ومدربين بشهادات؟ الناقد الرياضي عثمان إبراهيم يُشعل النقاش بوجهة نظر تصفع المنظومة الكروية الحديثة: اللاعب الحقيقي لا يُولد في القاعات المغلقة ولا بين الصفوف المنظمة، بل في التراب، تحت الشمس، وسط صراخ الحارة ورائحة العرق. هناك فقط تُختبر الرغبة، ويُصقل الإصرار، وتُولد الأساطير. فهل نحن نقتل الموهبة حين نُدخلها القوالب؟ هل تحولت الأكاديميات إلى سجون تُقيد الخيال وتخنق الشغف؟ عثمان لا يكتفي بالسؤال، بل يضع إصبعه على الجرح، ويطالب بتغيير جذري لا يعترف بالمجاملات ولا يخاف من المواجهة.
“درة “ترصد هذا الحوار في هذا التقرير
الشغف قبل التقنية
بدايه يرى “عثمان” أن لاعب الحارة يتحرك بدافع داخلي، بطموح جامح لا تحكمه جداول أو مواعيد تمرين. يقضي ساعات طويلة في ملاحقة الكرة، يكتسب اللياقة والمهارة تلقائيًا، دون مدرب أو معدات، فقط بالإصرار والتكرار. وعلى النقيض، فإن الأكاديميات تُقيّد الطفل بتدريبات بدنية صارمة، وأحيانًا تُقتل الموهبة حين تغيب المتعة.
أكاديميات تضيق على الحرية
ويضرب “عثمان ” مثلاً حيًا بأساطير مثل بيليه ومارادونا، اللذَين وُلِدت موهبتهما في أزقة الفقر والحرمان، قبل أن تبهر العالم أجمع. الحارة، كما يصفها، ليست مكانًا فقط، بل بيئة تصنع اللاعب الذي لا يعرف المستحيل.
التحول الصعب من الحارة إلى النادي
ولا ينكر “عثمان ” أن التحول من الشارع إلى النادي قد يكون قاتلًا لبعض المواهب، إذا لم تتم إدارتها بعناية. كثيرون ممن أبدعوا في الحارات، فشلوا في الأندية بسبب الضغط، وعدم القدرة على التأقلم، وغياب الدعم النفسي والاجتماعي. الفجوة بين طابع اللعب الحر والانضباط المؤسسي في الأندية، قد تكسر شخصية اللاعب إن لم يُحَصَّن جيدًا.
برامج الدعم النفسي ضرورة لا غنى عنها
ويحذر “عثمان” من دور بعض الإدارات والمدربين الذين يتعاملون مع المواهب بلا فهم حقيقي لتركيبتهم النفسية والاجتماعية، ويطالب بوجود برامج تأهيل نفسي وثقافي متخصصة، تُرافق اللاعبين منذ لحظة دخولهم إلى عالم الاحتراف. فالضغط الإعلامي، وبريق الشهرة، وتحول الأحوال المعيشية، كلها عوامل قد تدمّر موهبة عظيمة إن لم تُدار بحكمة.
تغيير جذري في منظومة الأندية
ويتحدث “عثمان” عن ضرورة تغيير جذري في منظومة الأندية، من خلال دمج برامج شاملة تهتم بالجانب النفسي والاجتماعي والتدريبي للاعبين، خصوصًا أولئك القادمين من خلفيات بسيطة. ويؤكد على أهمية الكشافين في الشوارع، فالعين الخبيرة وحدها من تستطيع أن تميّز الموهبة وسط الغبار والضجيج.
الكشافون..
ويؤكد “عثمان” الكشافون هم العين الساهرة على اكتشاف اللآلئ بين الغبار، وهم المفتاح لاكتشاف المواهب الحقيقية التي قد تغيب عن أعين الآخرين.
محمد صلاح.. نموذج الإيمان والفرصة
ويكمل “عثمان” وعند الحديث عن النماذج الناجحة، لا يمكن تجاهل تجربة محمد صلاح، الذي بدأ من شوارع قرية نجريج، متحديًا كل الظروف، ليصبح أحد أعظم لاعبي العالم. تجربة صلاح، كما يقول، تلخّص كل ما نُؤمن به: أن الموهبة لا تحتاج سوى فرصة، وإيمان، ودعم حقيقي.







