فبعد سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر، التي تعد إحدى أهم المدن الاستراتيجية في غرب السودان، دخلت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع مرحلة جديدة، مما أثار مواقف إقليمية ودولية متزايدة تحذر من انزلاق البلاد نحو مجاعة شاملة.
وأكد مستشار قائد قوات الدعم السريع عضو الهيئة القيادية لتحالف السودان التأسيسي الباشا محمد طبيق، أن السيطرة على مدينة الفاشر “صاحبتها مآسٍ إنسانية”.
وقال طبيق لـ”سكاي نيوز عربية”، إن “مدينة الفاشر شهدت انتهاكات بسبب عناصر الجيش والحركات المتحالفة معه التي استخدمت المدنيين دروعا بشرية”، متهما الجيش بـ”منع وصول المساعدات الإنسانية وقصف القوافل الإغاثية المتجهة إلى المدينة”.
وأوضح طبيق أن “قوات الدعم السريع فتحت ممرات آمنة لإجلاء المدنيين، وتمكنت من نقل نحو 70 ألف مواطن من مناطق القتال”، مضيفا أن قواته “تعمل حاليا على إعادة الأمن إلى المدينة وإزالة مخلفات الحرب”.
كما استنكر طبيق قرار حكومة البرهان طرد برنامج الغذاء العالمي، معتبرا أن “من يستخدم الغذاء كسلاح لمحاربة الشعب السوداني لا يمكن أن يدّعي حماية المدنيين”، على حد تعبيره.
وأكد أن تحالف السودان التأسيسي “يمد يده لكل المنظمات الدولية والإنسانية من أجل تسهيل وصول المساعدات”، مشددا على أن “القوات ملتزمة بمحاكمة أي عنصر يثبت تورطه في انتهاك ضد المدنيين”.
وأشار إلى أن الرباعية الدولية (مصر والإمارات والسعودية الولايات المتحدة) تشكل إطارا مدعوما دوليا لاستعادة الاستقرار في السودان، داعيا إلى الاعتماد عليها لتجنب مزيد من العنف وإراقة الدماء.
دعوات لوقف إطلاق النار
من القاهرة، شدد الباحث في مركز الأهرام للدراسات صلاح خليل، على ضرورة اتخاذ جميع الإجراءات لتحقيق هدنة إنسانية فورية، وصولا إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وقال خليل: “هناك أكثر من 30 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات، بينهم 15 مليون طفل يعانون سوء التغذية، و24 مليون شخص يواجهون أزمة حادة في الأمن الغذائي، مما يجعل الوضع الإنساني في السودان مزريا ويستدعي تدخلا عاجلا”.
وأشار خليل إلى أن الأزمة الإنسانية معقدة وتشمل أطرافا متعددة، بما فيها بعض الميليشيات المسلحة، وأن تأثير التمويل الإقليمي والدولي على المنظمات الإنسانية يزيد من تعقيد الأزمة.
التأكيد على الحل السياسي
وفي سياق التهدئة، أكد كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والإفريقية مسعد بولس، أن تفاهم جدة يشكل أساسا للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السودانية، مع التركيز على الأولوية الإنسانية.
وقال: “نحن منكبون بشكل كامل على الموضوع الإنساني ونتعاون مع المؤسسات والمنظمات الدولية لضمان وصول المساعدات بأسرع وقت ممكن”.
وفي السياق ذاته، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأربعاء، خلال استقبال وزير خارجية السودان محيي الدين سالم، على التزام القاهرة بمواصلة جهودها الرامية لتحقيق الاستقرار والسلام في السودان.
وصرح المتحدث باسم الخارجية المصرية في بيان، أن عبد العاطى “أشار إلى انخراط مصر بفاعلية في المسارات الساعية إلى وقف إطلاق النار وإقرار هدنة إنسانية شاملة تتيح نفاذ المساعدات الإنسانية وتخفيف معاناة المدنيين”.
ويرى خليل على أن الحل العسكري وحده لا يكفي، وأن المسار السياسي يبقى الخيار الوحيد لإنهاء الحرب الأهلية في السودان، مع الالتزام بوقف إطلاق النار واحترام الاتفاقيات الإنسانية.
أزمة المساعدات
واجهت الحكومة السودانية انتقادات بعد طرد برنامج الغذاء العالمي وقسم العمليات في البلاد، وهو ما اعتبره طبيق إجراء يفاقم الأزمة الإنسانية ويعيق إيصال المساعدات.
وأشار إلى أن الوضع لا يقتصر على الفاشر فقط، بل يشمل ولايات أخرى، مع تسجيل نقص حاد في الأمن الغذائي وفق تقارير الأمم المتحدة.
وأوضح طبيق أن قوات الدعم السريع تعمل على تقديم المساعدات بالتعاون مع المجتمع الدولي، رغم التحديات الكبيرة في تغطية احتياجات المواطنين من الدواء والغذاء، مع استمرار المخاطر على المدنيين بسبب استمرار النزاعات.





