هجمات روسية على العاصمة كييف_أرشيف
كشف تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية، أن الجيش الروسي بات يتقدم على جبهات القتال كافة في أوكرانيا، في وقت لن يتراجع فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن مطالبه لحل الصراع.
وأوضحت الصحيفة في تقريرها الذي نشر، السبت، أن القوات الروسية حققت مؤخرا تقدما على عدة جبهات، في وقت أشار فيه بوتين، عقب محادثات مع مسؤولين أميركيين، إلى أنه غير مستعد للتراجع عن مطالبه.
وأعلن بوتين أن قواته سيطرت على مدينة بوكروفسك الأوكرانية الاستراتيجية بعد قتال استمر أشهر، لكن الخرائط العسكرية والجيش الأوكراني أكدا أن أجزاء من المدينة لا تزال محل نزاع.
وأشارت الصحيفة، إلى أن بوتين يتبنى نهجا متصلبا في المفاوضات يقوم على أساس مواصلة القوات الروسية تقدمها على الأرض.
وقال المحلل العسكري في مجموعة “بلاك بيرد” الفنلندية، إيميل كاستيهلمي، إن الروس يملكون اليد العليا، وإن أوكرانيا لم تبلغ بعد مرحلة الانهيار، لكنها باتت “ضعيفة بما يكفي ليعتقد الروس أنهم قادرون على فرض مطالبهم”.
وشنت روسيا هجوما واسعا استخدمت فيه أكثر من 650 طائرة مسيرة و51 صاروخا ضربت مدنا وبلدات أوكرانية منذ ليل الجمعة وحتى صباح السبت، بحسب مسؤولين أوكرانيين.
في الأسابيع الماضية، تقدمت القوات الروسية على محاور عدة، وباتت على مشارف السيطرة على بوكروفسك في دونيتسك، وتكاد تطوق ميرنوهراد المجاورة، كما استعادت الزخم في زابوريجيا جنوبا، واقتربت من كوبيانسك شمال شرق البلاد، وحققت مكاسب قرب سيفرسك شرقا، وفقا لبيانات المحللين والخرائط العسكرية.
ورغم أن هذه التقدمات مكلفة وبطيئة، فإن محللين ومسؤولين أوكرانيين يقولون إن بوتين ما زال بعيدا عن تحقيق أهدافه الإقليمية، وأبرزها السيطرة على كامل منطقة دونيتسك، التي تمثل جوهر إقليم دونباس.
لكن وتيرة التقدم الروسي تسارعت، إذ استولى الجيش الروسي على نحو 505 كيلومترات مربعة في نوفمبر، مقابل 267 كيلومترا في أكتوبر، بحسب منصة “ديب ستيت” المتصلة بالجيش الأوكراني.
وقال كاستيهلمي: “المستقبل يبدو قاتما للغاية بالنسبة لأوكرانيا. لا أرى مسارا واضحا للخروج”.
وتظهر المؤشرات انهيارا يلوح في الأفق للقوات الأوكرانية، حيث تعاني من نقص في القوة البشرية، وغموض في مستقبل الدعم الغربي، ما دفع بوتين للحديث عن أن كييف يجب أن ترضخ قبل أن يزداد الوضع سوءا.
وأكد في مقابلة مع وسيلة إعلام هندية، أن روسيا ستواصل السيطرة على مزيد من الأراضي في دونيتسك بأي وسيلة ضرورية.
منذ سبتمبر، يقول مقاتلون أوكرانيون إن الخطوط الدفاعية في بوكروفسك بدأت تنهار من الإرهاق، وسط هجمات روسية مكثفة بطائرات مولنيا المسيرة والطائرات الانتحارية الصغيرة التي تحمل متفجرات، وهي قدرات لا تملك كييف ما يماثلها على نطاق واسع.
ويؤكد جنود أوكرانيون أن الحديث عن خطة سلام مجرد خداع، وأن روسيا ستواصل الضغط طالما تستطيع ذلك.
في موازاة ذلك، تواصل القوات الروسية الهجوم على كوستيانتينيفكا وليمان في دونيتسك.
ويقول ضباط أوكرانيون إن الهجمات الروسية في تلك المناطق مستمرة على مدار الساعة، مع ارتفاع ملحوظ في وتيرة القتال خلال الشهرين الماضيين.
أما بوكروفسك، فالوضع فيها أكثر مأساوية، إذ يصف جنود أوكرانيون المدينة بأنها أصبحت مزيجا من جثث المدنيين والعسكريين من دون إمكانية لانتشالهم، وسط ضباب كثيف وروائح احتراق الفحم والبارود.
وترى موسكو في المدينة بوابة نحو سلوفيانسك وكراماتورسك، وهما من أهم المدن المحصنة التي لا تزال تحت سيطرة أوكرانيا.
ويقول محللون إن كييف قد تكون مصممة على التمسك بالقتال في بوكروفسك لتجنب تعزيز رواية روسيا التي تتحدث عن نصر حتمي مع اشتداد زخم محادثات السلام، إضافة إلى رفع الكلفة البشرية على القوات الروسية.
في الوقت الذي كرست فيه أوكرانيا موارد كبيرة لمعركة بوكروفسك، استغلت روسيا ثغرة في جبهة زابوريجيا، وتقدمت بسرعة، واستولت على عشرات الكيلومترات، وأرسلت أوكرانيا احتياطيات إلى المنطقة لإبطاء التقدم، لكن المحللين يرون أن وتيرة التقدم الروسي هناك مقلقة.
ورغم الخسائر الفادحة، تمتلك روسيا تدفقا مستمرا من الجنود، وتخوض حرب استنزاف على نحو يشبه المفرمة، وفق قول كاستيهلمي.
وفي جبهة ميرنوهراد، يقول ضباط أوكرانيون إن الطائرات المسيرة حولت الطرق إلى مصائد موت، وإن الروس يتمتعون بتفوق عددي هائل: “إذا كان لدينا ثلاثة جنود، فلديهم ثلاثون”.





