العملات المشفرة
شهدت أسواق العملات المشفرة تقلبات كبيرة خلال العام، مع تسجيل البيتكوين وبعض العملات الرئيسية مستويات قياسية لم تشهدها من قبل، تلاها تراجع ملحوظ أعاد رسم مشهد السوق.
يعكس هذا الصعود والهبوط السريع حركة متسارعة تجمع بين شهية المخاطرة للمستثمرين وتحديات الاقتصاد الكلي، فضلاً عن تأثير السياسات التنظيمية والتشريعات الجديدة، وكذلك قرارات السياسة النقدية.
وعلى الرغم من التراجع الأخير، لا يزال الحديث حول مستقبل الأصول الرقمية نشطًا، مع توقعات مستمرة لموجات صعودية محتملة، ما يجعل السوق مكاناً للتقلبات، لكنه يظل واعداً على المدى الطويل.
في هذا الإطار، يبحث المستثمرون والمحللون عن عوامل الحسم التي ستحدد اتجاه السوق في العام المقبل، بين فرص النمو وتحولات السياسات النقدية والاقتصادية العالمية، ما يضفي على المشهد العام مزيدًا من التشويق والترقب.
إنجازات مهمة
يشير تقرير لشبكة “سي إن بي سي” الأميركية، إلى أن أكبر عملة مشفرة، البتكوين، سجلت “إنجازات مذهلة” خلال العام 2025، فقد ارتفعت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق متجاوزةً 126 ألف دولار أميركي في السادس من أكتوبر، قبل أن تتراجع بعد بضعة أيام.
لكنها خسرت أكثر من 30 بالمئة منذ أعلى مستوى لها في أكتوبر، في مؤشرات على تعمق سوق هبوطية، وتُتداول حالياً دون الـ 90 ألف دولار.
بحسب التقرير، يشير خبراء الصناعة إلى تباطؤ على مرحلتين: موجة بيع أولية مدفوعة بالاقتصاد الكلي، تليها عمليات تصفية إجبارية. مع ذلك، يُجادل المستثمرون على المدى الطويل بأن أسس قصة الأصول الرقمية لا تزال قائمة. ولا يزال بعض المستثمرين يعتبرون البتكوين وسيلة تحوط ضد انخفاض قيمة العملة، والتضخم، والتوسع النقدي طويل الأجل.
ومع الأداء الضعيف في الأمطار الأخيرة من العام 2025 للعملات المشفرة، سادت توقعات بـ “سوق هابطة” تستمر للعام المقبل، غير أن شركة Grayscale ترفض التوقعات بـ “انهيار أسعار البتكوين”، وتتوقع أن الموجة الصعودية التالية قد تدفع الأسعار لتجاوز الأرقام القياسية السابقة.
في تعليقها على السوق لشهر نوفمبر، الصادر يوم الاثنين الماضي، قالت الشركة:
- انخفاض البتكوين بنسبة 32 بالمئة منذ ذروته في أكتوبر يتوافق مع نمط التراجعات المعتادة في الأسواق الصاعدة.
- البتكوين شهد تراجعات بنسبة 10 بالمئة أو أكثر حوالي 50 مرة منذ العام 2010، مما يجعل الانخفاضات الحادة جزءاً متكرّراً من دورة العملة.
- المستثمرون غالباً ما يستهينون بمدى شيوع هذه التحركات، حتى خلال الدورات القوية.
بدلاً من ذلك، أبرزت الشركة أن الهيكل الحالي للسوق يختلف عن الدورات السابقة بسبب تأثير المنتجات المتداولة في البورصات واحتياطيات الأصول الرقمية للشركات.
وقد تؤدي تخفيضات أسعار الفائدة الفيدرالية والتشريعات ذات الصلة بالعملات المشفرة إلى رفع أسواق التشفير حتى عام 2026.
عوامل حاسمة
يقول رئيس قسم الأسواق العالمية في شركة Cedra Markets، جو يرق، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن العام 2026 سيشهد عدة عوامل حاسمة ستحدد ما إذا كنا أمام سوق هابطة أو موجة جديدة من الارتفاعات القياسية.
العوامل الداعمة لتسجيل مستويات قياسية جديدة تتمثل في: عودة شهية المخاطرة لدى المستثمرين، خصوصاً إذا أقدم الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على خفض أسعار الفائدة بشكل إضافي خلال 2026، مع احتمال تعيين كيفن هاسِت رئيساً للفيدرالي واعتماد سياسات نقدية أكثر تيسيراً، ما قد يمنح أسواق العملات المشفّرة دفعة قوية ويساعدها على تحقيق قمم جديدة بفضل زيادة السيولة.
ويضيف: هناك ترابط واضح بين ارتفاع الأسواق الأميركية وزيادة الإقبال على المخاطرة وارتفاع أسعار العملات المشفّرة.
في المقابل، يشار إلى أن احتمال عودة السوق الهابط يرتبط بمخاوف المستثمرين والمؤسسات من تشديد السياسات النقدية، مثل رفع الفائدة في اليابان وزيادة نشاط صفقات الكاري تريد، وهو ما قد يؤدي إلى خروج السيولة من العملات المشفّرة.
ويختتم يرق قائلاً إن الاستثمار في الأصول الرقمية، وعلى رأسها البتكوين، يظل واعداً على المدى الطويل، مدعوماً بالأطر التنظيمية الجديدة والدفع السياسي من إدارة الرئيس ترامب، متوقعاً أن نشهد تصحيحات قصيرة المدى تليها ارتفاعات إضافية، مع إمكانية وصول البتكوين إلى مستويات بين 170 و174 ألف دولار، دون أن تصل الأسعار إلى المستويات “الخيالية” التي يتوقعها البعض البالغة 250 ألف دولار في الوقت الراهن.
تقلبات متسارعة
- انخفضت قيمة بيتكوين، أكبر عملة مشفرة في العالم، إلى أدنى مستوى لها عند حوالي 80,000 دولار أميركي أواخر الشهر الماضي، قبل أن تشهد تقلباً مجدداً هذا الأسبوع.
- عندما انخفض سعر بيتكوين إلى أقل من 81,000 دولار أميركي في نوفمبر، مثّل ذلك انخفاضًا بنسبة 36% تقريبًا عن أعلى مستوى له على الإطلاق عند حوالي 126,000 دولار الذي بلغه في وقت سابق من أكتوبر.
- اعتبارًا من يوم الخميس الماضي، تجاوز سعر بيتكوين 93,000 دولار أمريكي، وفقًا لشركة كوينميتريكس، بانخفاض بنسبة 26% تقريبًا عن أعلى مستوى قياسي له.. قبل أن تُنهي الأسبوع دون مستوى الـ 90 ألفاً.
ارتفاعات جديدة
لكن رغم تلك التقلبات، تقول خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إنها تتوقع أن تشهد سوق الكريبتو، وعلى رأسها البتكوين، موجة ارتفاع جديدة قد تدفعها إلى مستويات قياسية تاريخية.
وتضيف: “العملات المشفّرة الرئيسية كانت قد بلغت خلال العام الجاري 2025 مستويات قياسية، قبل أن تواجه نقاط مقاومة قوية تسببت في تراجعها إلى المستويات الحالية”.
تتداول البتكوين عند مستويات دون الـ 90 ألف دولار –بحلول نهاية الأسبوع الأول من شهر ديسمبر- كما تتداول الإيثر عند مستوى الـ 3 آلاف دولار، وسولانا فوق الـ 130 دولاراً.
وتوضح خبيرة أسواق المال أن من بين أبرز العوامل التي دعمت العملات المشفرة، هو الإجراءات التنظيمية في الولايات المتحدة، علاوة على امتلاك بعض الدول احتياطيات من تلك العملات، ومع التدفقات الخاصة بالصناديق المتداولة.
وتؤكد أن السوق “لن تشهد موجة هبوط متواصلة، رغم أن بعض المستثمرين تكبّدوا خسائر في الأسابيع الأخيرة بسبب سوء تقديرهم للمخاطر، في حين نجح آخرون في تقليص خسائرهم أو انتظار فرص الشراء مجددًا وفقًا للتحليل الفني”.
ومن المتوقع أن يكون لخفض الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في 2026 -كما تشير التوقعات- أثر إيجابي مباشر على أسواق العملات المشفرة؛ إذ يعزز هذا التيسير النقدي شهية المخاطرة لدى المستثمرين ويزيد من تدفق السيولة إلى الأصول الرقمية.
ومن شأن هذا التوجه دعم موجة صعودية جديدة في السوق، والمساهمة في دفع أسعار البتكوين والعملات الرئيسية الأخرى نحو مستويات مرتفعة، مع تعزيز الثقة في الأصول الرقمية كأداة تحوط ضد التقلبات الاقتصادية والتضخم طويل الأمد، وهو السيناريو “الأخضر” الذي يُعول عليه مستثمرو العملات المشفرة في المرحلة الحالية.
ويطلق البعض على العملات المشفرة “الذهب الرقمي” بوصفها “ملاذ استثماري” بالنسبة لبعض المستثمرين -الذين يتمتعون بروح المخاطرة- للتحوط من حالة عدم اليقين التي تشهدها الأسواق.
منصة XPay: بتكوين مرشحة للمزيد من التراجعات إلى 75 ألف دولار





