عواصم – «الخليج»، وكالات:
اغتال الجيش الإسرائيلي، صباح أمس الأربعاء، الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة بإطلاق النار على وجهها مباشرة، خلال تغطيتها عملية للجيش في جنين في الضفة الغربية المحتلة، فيما قتلت القوات الإسرائيلية، في حادثة منفصلة، شاباً فلسطينياً خلال مواجهات في مدينة البيرة قرب رام الله. وبينما حمّل مسؤولون فلسطينيون إسرائيل مسؤولية الاغتيال، حاول مسؤولون إسرائيليون، يتقدمهم رئيس الوزراء نفتالي بينيت، الزعم، من دون نجاح، بإمكانية استهدافها بنيران «فلسطينيين مسلحين»، في وقت توالت الإدانات العربية والدولية لمقتل الصحفية الفلسطينية، وطالبت واشنطن وباريس والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بإجراء تحقيق شامل ومستقل في عملية الاغتيال.
محاولة إسرائيلية للالتفاف
وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل الصحفية برصاص الجيش الإسرائيلي خلال مواجهات في جنين.
وفي بيان أولي، ادعى الجيش الإسرائيلي أنه «يجري تحقيقاً في احتمال إصابة صحفيين، ربما بنيران فلسطينية». وقال إن «قواته وجهاز الأمن العام وشرطة حرس الحدود كانوا ينفذون عملية في مخيم جنين… من أجل اعتقال مشتبه في تورطهم في الإرهاب». وأضاف «خلال العملية الوقائية في المخيم، أطلق العشرات من المسلحين الفلسطينيين النار، وألقوا مواد متفجرة في اتجاه قواتنا مهددين حياتهم. وردّ الجنود بإطلاق النار»، بحسب البيان. وفي وقت لاحق، قال بينيت، في بيان «وفقاً للمعلومات التي جمعناها، يبدو على الأرجح أن فلسطينيين مسلحين كانوا يطلقون النار بشكل عشوائي حينها، يتحملون مسؤولية الوفاة المؤسفة للصحفية» التي كانت تغطي عملية عسكرية في مخيم جنين. وتابع قائلا: «إسرائيل دعت الفلسطينيين إلى القيام بعملية تشريح مشتركة وبتحقيق مشترك بناء على التوثيقات والمعلومات القائمة من أجل التوصل إلى الحقيقة، إلا أن الفلسطينيين يرفضون ذلك حتى اللحظة».
اغتيال بدم بارد
وقال الصحفي علي السمودي الذي كان يرافق أبوعاقلة والذي أصيب برصاصة في أعلى الظهر «ما حصل أننا كنا في طريقنا لتصوير عملية الجيش. فجأة أطلقوا علينا النار، لم يطلبوا منا أن نخرج، لم يطلبوا منا التوقف، أطلقوا النار علينا». وأضاف في تسجيل مصوّر وهو يجلس على كرسي متحرك في المستشفى وتظهر الضمادات على كتفه «رصاصة أصابتني، والرصاصة الثانية أصابت شيرين. قتلوها بدم بارد لأنهم قتلة». وقال السمودي، زميل أبو عاقلة في قناة «الجزيرة» القطرية «لم تكن هناك أي مقاومة، ولو كان هناك مقاومون لما كنا ذهبنا إلى هذه المنطقة».
ودانت الرئاسة الفلسطينية «جريمة إعدام القوات الإسرائيلية للصحفية شيرين أبو عاقلة»، محمّلة «الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة البشعة». وجال مشيّعون حاملين جثمان أبو عاقلة الذي لُفّ بالعلم الفلسطيني، في شوارع مدينة جنين قبل نقلها إلى مركز الطب العدلي في مستشفى جامعة النجاح الجامعي في نابلس. ومن المتوقع تشييع جثمانها، غداً الجمعة، في جنازة رسمية من مقر الرئاسة الفلسطينية (المقاطعة) في مدينة رام الله قبل نقله إلى القدس.
إدانات عربية ودولية
ودان الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، بأشد العبارات، مقتل الصحفية الفلسطينية برصاص القوات الإسرائيلية، مؤكداً أن ما حدث جريمة بشعة في حق الصحافة وحرية الإعلام لا ينبغي السماح بمرورها مر الكرام، وبما يستوجب تحقيقاً شاملاً، محمّلاً المسؤولية للحكومة الإسرائيلية، ومشيراً إلى أن إسرائيل تسعى إلى إسكات الصوت الفلسطيني.
وأعربت مصر عبر وزارة الخارجية عن إدانتها بأشد العبارات لجريمة اغتيال الصحفية الفلسطينية، كما دانت الحكومة الأردنية جريمة الاغتيال البشعة. وأعربت الكويت عبر وزارة الخارجية عن إدانتها واستنكارها الشديدين لاغتيال الإعلامية الفلسطينية. وندد الرئيس اللبناني ميشال عون في برقية إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، باغتيال الإعلامية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة. وندد رئيس البرلمان العربي، عادل بن عبدالرحمن العسومي، بجريمة الاغتيال، معتبراً أنها تمثل انتهاكاً صارخاً لقواعد القانون الدولي.
مطالبات بتحقيق مستقل
وفي تغريدة له على «تويتر»، عبّر السفير الأمريكي في إسرائيل، توماس نيدز، عن حزنه لوفاة أبو عاقلة. وكتب «محزنة جداً وفاة الصحفية الأمريكية والفلسطينية، شيرين أبو عاقلة»، مضيفاً «أشجّع على إجراء تحقيق شامل في ملابسات وفاتها وإصابة صحفي آخر». كما أشار السفير البريطاني في إسرائيل بالحزن العميق إلى مقتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة. وندد البيت الأبيض بقوة، بمقتل شيرين أبو عاقلة، ودعا لفتح تحقيق في وفاتها. وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، لصحفيين «ينبغي النظر في هذا الأمر في شكل شفاف. نشجع الطرفين على المشاركة في هذا التحقيق، بحيث نتمكن من فهم سبب حصول ذلك». وأوضحت أن أبو عاقلة أجرت مقابلة معها في نوفمبر/ تشرين الثاني الفائت، لمناسبة زيارة قامت بها للمنطقة، مؤكدة أنها «تكن لها احتراماً كبيراً». وقالت رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، إن مقتل الصحفية الأمريكية شيرين أبوعاقلة مأساة مرعبة ولابد من تحقيق محايد.
وطالبت فرنسا بفتح «تحقيق شفاف» في مقتل الصحفية الأمريكية الفلسطينية «في أسرع وقت ممكن لإلقاء الضوء الكامل على ملابسات هذه المأساة».
كما ندد الاتحاد الأوروبي بمقتل الصحفية أبو عاقلة، وطالب بتحقيق مستقل حول ملابسات ما جرى، مشدداً في بيان على أنه «لا بد من أن يوضح تحقيق معمق ومستقل في أسرع وقت ظروف هذه الحوادث وأن يحال المسؤولون (عنها) أمام القضاء».
وأبدت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة «استياءها» إثر مقتل الصحفية الفلسطينية، مطالبة بتحقيق مستقل حول ملابسات ما حصل.