إعداد: معن خليليسمع كثر عن الأسطورة ألفريدو دي ستيفانو، لكن القليل يعرف أنه أحد أعظم اللاعبين الذين عرفتهم كرة القدم حتى قيل عنه إنه أفضل من بيليه ومارادونا، لكن بطولة واحدة استعصت عليه، هي كأس العالم، تلك البطولة التي عاندته ولم تطأها قدم «السهم الأشقر» الذي لعب في مسيرته لثلاثة منتخبات هي الأرجنتين وإسبانيا وكولومبيا، في مفارقة نادرة للاعب اتفق الجميع على أنه كان الرقم واحد في زمانه، وأن ما كان ينقصه هو اللعب في المونديال ليتوج بالعرش رسمياً على غرار البرازيلي بيليه والأرجنتيني دييغو مارادونا.رحل دي ستيفانو في 7 يوليو 2014 عن عمر يناهز 88 عاماً عرف فيهم شهرة لا تضاهى، حيث أشعل خلال مسيرته الطويلة حرباً لا تزال قائمة حتى الآن بين غريمي إسبانيا ريال مدريد وبرشلونة، كما امتاز بأنه هو من صنع أسطورة النادي الملكي وجعله «نادي القرن» من خلال 307 أهداف سجلها في صفوفه والفوز معه بثمانية ألقاب دوري وخمسة في دوري أبطال أوروبا.وقد اعترف بورتراغينيو أحد اللاعبين الكبار الذين مروا في النادي الملكي بأن «تاريخ الريال بدأ بـدي ستيفانو، فعند قدومه عام 1953 لم يكن النادي قوياً، ولم يحقق لقب الليجا منذ 20 سنة، وكانت بحوزة الفريق بطولتان وقتها، وبعد ذلك تغير كل شيء».كما يحتفظ دي ستيفانو بسجل باهر على الصعيد الشخصي من خلال الفوز بـ 23 لقباً مختلفا منها 13 لقب دوري مع 3 أندية هي ريال مدريد الإسباني وريفربليت الأرجنتيني وميلوناريوس الكولومبي، إضافة إلى تتويجه بلقب الهداف ثماني مرات في ثلاث دول ومرتين على الصعيد الأوروبي، ونال الحذاء الذهبي لأفضل لاعب أوروبي مرتين، وهي أرقام جعلته أسطورة حقيقية في عالم كرة القدم، لذلك لم يكن غريباً اختياره عام 1989 «سوبر الكرة الذهبية» من قبل مجلة «فرانس فوتبول» خلال استفتاء تفوق فيه على عباقرة في اللعبة مثل الهولندي يوهان كرويف والألماني فرانتس بكنباور والإنجليزي بوبي تشارلتون.لعنة المونديالوقال معاصرون لدي ستيفانو مثل البرتغالي أوزيبيو والفرنسي الراحل عام 2017 جوست فونتين، إنه «لاعب كرة القدم الأكثر اكتمالاً في تاريخ اللعبة».ورغم كل ذلك، إلا أن ما كان ينقص دي ستيفانو هو مشاركة واحدة في كأس العالم، وهذا لم يحصل رغم أنه لعب لثلاثة منتخبات بدأها مع بلاده الأرجنتين التي قادها إلى لقب «كوبا أمريكا» عام 1947، وعندما حان موعد مونديال 1950 رفض منتخب «التانجو» المشاركة، وهو عاد وكرر الأمر نفسه في نسخة 1954.ولعب دي ستيفانو لمنتخب كولومبيا أربع مباريات فقط لم تكن كافية للتواجد في الحدث الدولي الكبير، وعندما انضم إلى صفوف منتخب إسبانيا حيث كانت القوانين آنذاك تسمح بتعدد اللعب الدولي مع فرق مختلفة فشل «الماتادور» في التأهل إلى نهائيات نسخة 1958، وبعدما فعل ذلك عام 1962 تعرض دي ستيفانو للإصابة ولم يخض أي مباراة، ليكون أبرز اللاعبين في التاريخ الذي لم يتمكن من المشاركة في كأس العالم على الإطلاق.ويقال إن هذه «اللعنة» في كأس العالم هي من جعلت دي ستيفانو يحل في المرتبة الثالثة بين أساطير كرة القدم حسب اختيار «فيفا» بعد بيليه ومارادونا، إلا أن ذلك لم يمنع من نيله شبه إجماع على أحقيته بالريادة، والمثير أن بعض المدح جاء من بيليه ومارادونا نفسهما.وبالنسبة لبيليه فإن دي ستيفانو «يبقى اللاعب الأفضل على مر التاريخ»، أما مارادونا فيقول «لا أعرف إذا كنت أفضل من بيليه أم لا، ما أعرفه أن دي ستيفانو كان أفضل من بيليه، ومجرد ذكر اسمه أمامي يشعرني بالفخر».وتتوالى الشهادات من عباقرة في كرة القدم ممن عاصروه فيقول الإنجليزي بوبي تشارلتون «لقد كان يتحكم بكل مباراة يلعبها، فعندما تشاهده تسأل نفسك: كيف يمكنني إيقاف لاعب كهذا»، وأكد الأسطورة البرتغالية أوزيبيو أنه أفضل لاعب شاهده في حياته، في حين قال الفرنسي ميشال بلاتيني «لا يمكن تصور تاريخ اللعبة بدونه».أما المدرب الأسطورة لناديي الإنتر ميلان الإيطالي وبرشلونة الإسباني هيلينو هيريرا فقد اختصر كل الكلام عندما صرح ذات مرة «إذا كان بيليه عازف الكمان، فإن دي ستيفانو هو الفرقة الموسيقية بأكملها».وامتد المدح إلى وسائل الإعلام التي كتبت إحداها عنه يوماً «لا يمكن أن تجد لاعباً واحداً كفريق، لكن رغم ذلك ألفريدو دي ستيفانو كان قريباً من أن يكون فريقاً بذاته متفرداً عن أي لاعب آخر في تاريخ كرة القدم».متعدد الجنسياتفي 4 يوليو من عام 1926 ولد الأسطورة في بوينس آيرس من أبوين إيطاليين هاجرا إلى الأرجنتين واستقرا هناك، ليكون دي ستيفانو وبعد أن لعب لاحقاً لمنتخبي كولومبيا وإسبانيا اللاعب المتعدد المواهب والجنسيات أيضاً.حب كرة القدم اكتسبه دي ستيفانو بالوراثة من والده الذي كان لاعباً معروفاً، وهو الذي علمه لاحقاً أفضل ميزة عنده وهي التسديد بالقدمين.ويعطي دي ستيفانو الفضل لوالده في قوة قدمه اليسرى عندما قال في كتاب مذكراته «أنا كنت ألعب بالقدم اليمنى، لكن أبي لم يتركني ألعب ما لم أسدد الكرة بكلتا قدميّ».أما الوالدة فقد لعبت دوراً أيضاً في شهرته من خلال مفارقة حدثت عندما جاء أحد عمال الكهرباء ليحصل الفاتورة من العائلة، وأخذ يتحدث مع والدته التي أخبرته عن ابنها وعشقه للـكرة، وبما أن الكهربائي سبق له اللعب مع فريق ريفربليت الشهير قرر اصطحاب الصغير إلى النادي، ليكون ذلك بمثابة وضع اللبنة الأولى في تكوين اللاعب الذي عرف بعد ذلك بـ «السهم الأشقر».وثالث الأشياء التي اكتسبها دي ستيفانو من عائلته ليصبح لاعباً عظيماً، كان عملها في مزرعة بإحدى ضواحي العاصمة الأرجنتينية، وبما أنه الولد الأكبر بين أشقائه كان يتوجب عليه مساعدة والديه مما أكسبه قوة بدنية ولياقة عالية.ويروي المدرب الأرجنتين هيلينو هيريرا صانع مجد «الإنتر العظيم» أن دي ستيفانو كان لاعباً شاملاً قل نظيره بين أقرانه ويقول «ألفريدو كان أفضل لاعب كرة قدم على مر العصور، أفضل بكثير حتى من بيليه، هو كان باختصار، الثقل في الدفاع وصانع الألعاب في الوسط، والهداف الأكثر خطورة في الهجوم».أما ميغيل مينوس الذي درب دي ستيفانو في ريال مدريد ويعتبر الأكثر نجاحاً في إسبانيا من حيث البطولات فامتدح «السهم الشقر» بطريقة غريبة وقال عنه مذكراً بخصاله الشاملة ولياقته العالية «إذا كان بجانبك في الملعب فسوف تحس بثقله وتأثيره وتشعر بأنك أينما اتجهت سوف تجد حولك لاعبين في لاعب واحد هو ألفريدو».وبالعودة إلى مسيرة دي ستيفانو، فقد نجح في اجتياز امتحان دخول أكاديمية نادي ريفربليت بفضل مكتشفه «الكهربائي»، وهو شارك في الفئات الصغرى قبل أن يلتحق وبفترة زمنية قصيرة بالفريق الأول وخاض معه أول مباراة رسمية عام 1945 وعمره لا يتجاوز 19 سنة.بدأ سحر دي ستيفانو يظهر سريعاً فقاد ريفربليت إلى لقبي الدوري عامي 1945 و1947 وتربع على قائمة الهدافين برصيد 27 هدفاً في 30 مباراة، وبالنظر إلى سرعته الفائقة في الهجوم وشعره الأشقر أطلق عليه المشجعون والصحفيون لقب «السهم الأشقر».فتح التألق هذا المجال لدي ستيفانو للعب مع المنتخب الأرجنتين وقاده في عام السعد 1947 للفوز ببطولة كوبا أمريكا التي جرت في الإكوادور حيث سجل ستة أهداف في المباريات الست التي خاضها منتخب التانجو.كان عام 1949 مفصلياً في مسيرة دي ستيفانو بعدما توقفت البطولة الأرجنتينية إثر إضراب اللاعبين ليضطر على غرار العديد من زملائه إلى البحث عن فرصة خارجية وجدها مع نادي ميلوناريوس الكولومبي، وقد نجح معه بشكل كبير وسجل له 16 هدفاً توج على إثرها بلقب الدوري الذي عاد وناله عامي 1951 و1952.العداوة التاريخيةانقضى عام 1952 ودي ستيفانو في القمة بعدما سجل «السهم الأشقر» 267 هدفاً في 294 مباراة خاضها في الأرجنتين وكولومبيا وهذا كان يعني أن الأبواب الأوروبية أصبحت مفتوحة أمامه، وهذا ما حصل عام 1953 بانضمامه إلى ريال مدريد في «سيناريو» سيغير وجه كرة القدم الإسبانية بأكملها.القصة بدأت عندما لعب ريال مدريد مباراتين وديتين مع فريق ميلوناريوس وأعجب جداً إلى حد الهوس بدي ستيفانو، لكن غريمه برشلونة كان قد سبقه إلى ذلك وكسب توقيع اللاعب، والذي حصل لاحقاً كان شرارة العداوة التاريخية بين قطبي «الليجا».يقال إن مشاكل في ملكية اللاعب بين ريفربليت الأرجنتيني وميلوناريوس الكولومبي هي التي أخرت انضمام دي ستيفانو إلى برشلونة فاستغل ريال مدريد الوضع القائم وتعاقد معه أيضاً فتم رفع الأمر إلى «فيفا» والاتحاد الإسباني لكرة القدم، اللذين أفتيا بأن يلعب «السهم الأشقر» سنتين مع النادي الملكي ومثلهما مع «البلاوغرانا»، لكن السلطة السياسية الداعمة لريال ولأمور تتعلق بالكره لإقليم كتالونيا إضافة لما يقال عن رشاوى تم تلقيها من بعض مسؤولي برشلونة أو مورست عليهم ضغوط أسهمت في النهاية ليتخلوا عن اللاعب للفريق الملكي.ويروي دي ستيفانو أن اهتمام برشلونة به بدأ مبكراً لكنه كان مرتبطاً مع ميلوناريوس ومطالباً بالعودة إلى ريفربليت في 1955 فضلاً عن أنه لم يكن يرغب في الرحيل إلى أوروبا، في هذا الوقت نجح سانتياغو برنابيو رئيس ريال مدريد وقتها في إقناع إدارة ميلوناريوس بالتعاقد معه.ويتابع دي ستيفانو: لم أتوقع مطلقاً اللعب في إسبانيا، كنت أميل للانتقال إلى إيطاليا لأن هناك أصدقاء كثيرين سبقوني، وحين انتقلت إلى إسبانيا كنت أعتقد أنني في طريقي إلى برشلونة، ولكن الريال حسم الصفقة في الدقائق الأخيرة، وأعتقد أن مسؤولي ميلوناريوس أعادوا لبرشلونة الأموال التي دفعها.بدأ دي ستيفانو مسيرته في صفوف ريال في 23 سبتمبر عام 1953 في مباراة ودية مع فريق نانسي الفرنسي، وقاد أثناء موسمه الأول ريال إلى انتزاع ثالث لقب للدوري الإسباني بعد 21 عاماً من القحط، وفي المحصلة أحرز اللاعب خلال 11 سنة قضاها في صفوف النادي الأبيض ثمانية ألقاب للدوري ولقباً واحداً للكأس وتصدر قائمة الهدافين في خمسة مواسم.إلا أن المجد الأكبر والشهرة على الصعيد العالمي تحققا بفضل انتزاع ريال مدريد لكأس أبطال أوروبا في نسخها الخمس الأولى، ما بين 1956 و1960، وهو إنجاز لم يحققه حتى الآن أي فريق آخر.وكانت آخر مباراة خاضها دي ستيفانو مع ريال مدريد هي مباراة نهائي كأس أوروبا عام 1964 التي خسرها الفريق الملكي ضد إنتر ميلان، بعد ذلك لعب دي ستيفانو موسمين في صفوف فريق إسبانيول قبل أن يعتزل نهائياً عام 1967 على إثر مباراة تكريم نظمها له ريال مدريد لعب فيها ضد سلتيك غلاسكو الاسكتلندي على ملعب سانتياغو برنابيو، حيث خرج بعد ربع ساعة من بداية اللقاء ولوح له 130 ألف متفرج بمناديلهم البيضاء وذرفوا الدموع وهم يودعون أبرز أساطير ناديهم الأبيض الذي ازداد نصاعة بوجود الداهية الأرجنتيني الذي عاد إلى النادي مدرباً عام 1991 وقاده للقب الدوري، كما شغل منصب الرئاسة الشرفية لريال مدريد منذ عام 2000.
أخبار شائعة
- روسيا تنذر برد "قريب" على "ضربة صاروخية أوكرانية ضخمة"
- ارتفاع عدد المصابين إلى 16 جراء إطلاق الصاروخ من اليمن
- الجيش الإسرائيلي يعلن فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن
- أوكرانيا وروسيا تتبادلان طرود عيد الميلاد لأسرى الحرب
- "مراسم تأبين" في ماغدبورغ بعد الهجوم على سوق عيد الميلاد
- مجلس النواب الأميركي يقر مشروع قانون لتجنب "الإغلاق"
- خليجي 26: تصريحات المدربين واللاعبين قبل انطلاق البطولة
- صالح الصقري ومحمد الخراشي ينضمان لتحليل مباريات خليجي 26