دبي، الإمارات العربية المتحددة (CNN) — كشفت مصر عن تقدم كبير في مشروع ضخم للإنتاج الزراعي بحجم استثمارات 133 مليار جنيه (تعادل 7.3 مليار دولار) لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الاستراتيجية وتصدير الفائض للخارج، ويرى مسؤولون أن المشروع ضمن خطة الدولة للتوسع الأفقي لتحقيق الأمن الغذائي لمجابهة الزيادة السكانية، وطرح فرص استثمارية عديدة أمام القطاع الخاص، علاوة على زيادة صادرات مصر من الحاصلات الزراعية لتوفير النقد الأجنبي.
وافتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، السبت، مشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعي الواقع بطريق القاهرة-الضبعة، وتبلغ المساحة الإجمالية للمشروع مليون و50 ألف فدان، تمثل نسبة 50% من مشروع الدلتا الجديدة، والذي يهدف إلى تعظيم فرص الإنتاج وتوفير منتجات زراعية بجودة عالية وأسعار مناسبة للمواطنين، وسد الفجوة بين الإنتاج والاستيراد وتحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي من السلع الاستراتيجية، بحسب بيان رسمي.
وقال حسين أبو صدام نقيب عام الفلاحين، إن الحكومة المصري تواجه تحديات ضخمة في تحقيق الأمن الغذائي في ظل استمرار الزيادة السكانية والتي وصلت إلى أكثر من 100 مليون نسمة، وحجم تعديات غير مسبوقة على الأراضي الزراعية في الدلتا، وأضيف لذلك مؤخرًا أزمة نقص السلع الغذائية عالميًا بعد الحرب الروسية الأوكرانية مما أثر على حجم تدفقات مصر من النقد الأجنبي، مضيفًا أنه نتيجة هذه العوامل وضعت الدولة خطة للتوسع الأفقي بزيادة حجم المساحة المنزرعة، والتوسع الرأسي بزيادة حجم إنتاجية الفدان.
وأضاف “أبو صدام”، في تصريحات خاصة لـ”CNN بالعربية”، أن مشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعي يعد أهم مشروعات الدلتا الجديدة، التي تستهدف التوسع الأفقي من خلال استصلاح الأراضي الصحراوية معتمدة على توفير مياه للري من محطات معالجة المياه، مشيرًا إلى أهمية مشروعات الاستصلاح الأراضي في زيادة حجم المعروض من السلع الاستراتيجية، وزيادة صادرات مصر من الحاصلات الزراعية لتوفير النقد الأجنبي، علاوة على طرح فرص استثمارية أمام القطاع الخاص وتشغيل العمالة.
وأشار حسين أبو صدام، إلى المزايا التنافسية لمشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعي، سواء قربه من الموانئ والمطارات مما ييسر سهولة نقل المعدات اللازمة لاستصلاح الأراضي وفي الوقت نفسه تصدير الفائض للخارج، وتوافر المياه اللازمة لاستصلاح الأراضي سواء المياه الجوفية أو معالجة مياه الصرف الصحي وتوصيل مياه نهر النيل من خلال ترعة ضخمة لنقل المياه للأراضي، لافتًا إلى أهمية المشروع في توفير فرص عمل ووقف نزيف الدولار من استيراد المحاصيل الأساسية، كما يقلل من ارتفاع أسعار السلع المحلية، ومنع التصحر للحفاظ على البيئة.
من جانبه يرى المهندس محسن البلتاجي رئيس جمعية تنمية وتطوير الصادرات البستانية، أن مشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعي من أهم مشروعات استصلاح الأراضي الناجحة في مصر، والتي تسهم في زيادة حجم المساحة المنزرعة من العديد من السلع الاستراتيجية، منها البنجر والبطاطس، وكذلك توفير منتجات زراعية بجودة عالية وأسعار مناسبة للمواطنين.
وأضاف “البلتاجي”، في تصريحات خاصة لـ”CNN بالعربية”، ردًا على دور مشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعي في تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، أن مصر تستهدف الوصول إلى تحقيق اكتفاء ذاتي من القمح، ويتطلب ذلك زيادة مساحة الرقعة الزراعية مع توفير مصدر لري هذه الأراضي، ولذا تعمل على التوسع الأفقي والرأسي لتحقيق تقدم في حجم ما يتم إنتاجه محليًا من القمح.
ورفعت مصر حجم مساحة الأرض المنزرعة بمحصول إلى 3.6 مليون فدان هذا العام بزيادة تقدر بـ400 ألف فدان عن العام الماضي، ويقدر رئيس الوزراء المصري أن يصل حجم الإنتاج المحلي إلى 10 ملايين فدان لأول مرة في تاريخ مصر يكفي احتياجاتها حتى نهاية 2022.
وأشار محسن البلتاجي، إلى أن القطاع الخاص يساهم في تنفيذ مشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعي من خلال آليات عديدة سواء توريد المعدات اللازمة لاستصلاح الأراضي، واستصلاح أراضي صحراوية وفرص أخرى عديدة خاصة وأن مساحة المشروع ضخمة وحجم المحاصيل التي يتم زراعتها متنوعة.
في سياق متصل قال هشام الحصري رئيس لجنة الزراعة والري بمجلس النواب، إن العالم يواجه أزمة في نقص الغذاء منذ جائحة فيروس كورونا المستجد وما تبعها من الحرب الروسية الأوكرانية، وقد تأثرت مصر بنسبة أكبر من هذه الأزمة نتيجة زيادة عدد السكان بنسبة تفوق حجم إنتاجها من الحاصلات الزراعية خاصة الاستراتيجية، ولذا أطلقت الدولة مشروع الدلتا الجديدة لإضافة أراضي جديدة ضمن خطتها للتوسع الأفقي، وذلك ضمن برنامج الرئيس عبد الفتاح السيسي الانتخابي لإضافة 4 ملايين فدان أراضي زراعية.
وبحسب بيانات رسمية، تبلغ المساحة الكلية المنزرعة في مصر 9.7 مليون فدان بإجمالي مساحة محصولية 17.5 مليون فدان، تساهم بنسبة 15% من الناتج المحلي الإجمالي و17% من الصادرات الزراعية، وتستهدف مصر إضافة 4 ملايين فدان جدد من خلال التوسع الأفقي بإقامة مشروعات لاستصلاح الأراضي الصحراوية أبرزها مشروع تنمية جنوب الوادي توشكى، ومشروع تنمية شمال ووسط سيناء، ومشروع الدلتا الجديدة العملاق، ومشروع تنمية الريف المصري 1.5 مليون فدان، ومشروع غرب المنيا ومشروعات التوسع في الوادي الجديد.
وأضاف “الحصري”، في تصريحات خاصة لـ”CNN بالعربية”، أن الحكومة دشنت بنية تحتية ضخمة لإتاحة الفرصة للقطاع الخاص للاستثمار في مشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعي، أبزرها محطات معالجة مياه ضخمة لتوفير مصدر لري الأراضي المستصلحة، مما ييسر على القطاع الخاص وكبار المنتجين والمزارعين البدء في استصلاح الأراضي.
وأشار هشام الحصري، إلى أنه على الرغم من دور مشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعي في زيادة حجم مساحة الأراضي الزراعية وحجم الإنتاج الزراعي، إلا أنه لن يحقق الاكتفاء الذاتي من كافة السلع الاستراتيجية، والتي لم تحققها أي دولة في العالم، ولكن يستهدف زيادة حجم المعروض من السلع، وتحقيق فائض في بعض المحاصيل مثل الموالح لزيادة حجم تصديرها للخارج، لتحافظ على أن مصر أكبر منتج ومصدر للموالح، واستغلال هذه الميزة النسبية في التوسع في زراعة الموالح لتعظيم الإنتاج.
ونجحت مصر العام الماضي في تصدير 5.6 مليون طن صادرات زراعية بزيادة قدرها 486.8 ألف طن عن العام السابق، وضمت قائمة أهم الصادرات الزراعية “الموالح، البطاطس، البصل، فراولة، رمان، بطاطا، فاصوليا، بنجر العلف، جوافة، الفلفل، مانجو، ثوم، عنب، بطيخ، بحسب بيان رسمي لوزارة الزراعة المصرية.
فيما قال مصطفى النجاري رئيس لجنة التصدير بجمعية رجال الأعمال المصريين، إن مشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعي يسهم في زيادة حجم الأراضي الصحراوية المستصلحة في مصر خلال 3 سنوات ليعادل نفس المساحة التي تم زراعتها في مصر سابقًا، كما يسهم المشروع في توفير محاصيل بجودة عالية من خلال استخدام بذور ذات جودة عالية تسهم في زيادة الإنتاجية وتتوافق مع الظروف البيئية المحيطة.
وأشار “النجاري”، في تصريحات خاصة لـ”CNN بالعربية”، إلى المزايا التنافسية لموقع مشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعي لقربه من شبكة الطرق، مما يسهل نقل البضائع منه وإليه، وقربه من مصادر الري، لافتًا إلى أهمية المشروع في تعظيم القيمة الإنتاجية من متر مكعب المياه