انشغلت فرنسا منذ مساء السبت بتداعيات الفوضى التي حصلت على مداخل «استاد دو فرانس» في ضواحي باريس قبل انطلاق نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم حيث اتهمها الإنجليز بسوء التنظيم، لكن الرد الفرنسي جاء بتحميل المسؤولية لنادي ليفربول مع الحديث عن «احتيال واسع النطاق» مرتبط بالتذاكر المزورة في وقت قرر الاتحاد القاري «ويفا» فتح «تحقيق مستقل».
وتعرّضت الحكومة الفرنسية لموجة انتقادات من الإعلام والسياسيين في المملكة المتحدة، حيال تعاطي الشرطة مع الأحداث التي سبقت المباراة إذ عانى الألوف من مشجعي ليفربول لدخول «استاد دو فرانس» الشهير حيث أقيم النهائي الذي خسره ليفربول أمام ريال مدريد الإسباني صفر-1.
كان «الأمر مروعاً جداً» حول «استاد دو فرانس» وفقاً لعضو البرلمان البريطاني إيان بيرن الذي كان متواجداً هناك،معتبراً في حديث لشبكة «سكاي نيوز» أن «معاملة الجماهير مثل الحيوانات خلال أكبر مباراة أوروبية لهذا العام، كما فعلوا (الشرطة)، أمر لا يغتفر».
وانتقد بيرن المضيفين بالقول أن «حفظ النظام كان فاشلاً، رجال الأمن كانوا فاشلين، إدارة سيئة حول الملعب وبوابات ملعب مغلقة».
وحتى أن رئاسة الحكومة البريطانية دخلت على خط الانتقاد بالقول إنها «تشعر بخيبة أمل شديدة من الطريقة التي عومل بها مشجعو ليفربول»، معتبرة أن الصور التي نشرت من محيط «استاد دو فرانس» كانت «مزعجة ومقلقة للغاية».
وقال بيرن إن «بعض (المشجعين) اصطفوا في طوابير لمدة ثلاث ساعات ونصف الساعة»، فيما لم يتمكن آخرون من دخول حرم الملعب إلا بعد فترة طويلة من انطلاق المباراة وفقاً لشهادات عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما عجز آخرون نهائياً عن عبور أبواب الملعب الذي يتسع ل79 ألف متفرج.
وردت وزيرة الرياضة الفرنسية أميلي أوديا-كاستيرا في حديث لإذاعة «أر تي أل» أن ليفربول، خلافاً لريال مدريد الذي أحرز اللقب لاحقاً للمرة الرابعة عشرة في تاريخه، فشل في تنظيم مشجعيه القادمين إلى باريس، موضحة «ترك ليفربول مشجعيه، وهذا هو الفارق الكبير».
وأشارت الوزيرة إلى أن بين 30 ألف أو 40 ألف مشجع لليفربول كانوا يحملون تذاكر مزوّرة أو غير مزودين بتذاكر لمشاهدة المباراة النهائية للمسابقة القارية الأولى، مضيفة «يجب أن نرى من أين أتت تلك التذاكر المزوّرة… وكيف تم انتاجها في هذه الأعداد الكبيرة».
وتأخر انطلاق المباراة أكثر من نصف ساعة بسبب التوترات خارج الملعب، ومحاولة العديد من المشجعين تسلّق بوابات السياج والدخول بالقوة ما أدى إلى تصدي عناصر الشرطة لهم وإطلاق الغاز المسيل للدموع في بعض الأحيان، فيما أعلنت وزارة الداخلية الفرنسية السبت عن اعتقال 105 أشخاص ووضع 39 منهم قيد التوقيف الاحتياطي بسبب الشغب.
أضافت ان «أكثر ما يؤسف في ما حدث» كان الغاز المسيل للدموع ضد العائلات والأطفال القادمين لحضور النهائي.
وأكدت ان ليفربول طلب من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا) عدم اعتماد تطبيقات الهاتف بل التذاكر الورقية لدخول الملعب.
وأصرّت الوزيرة على أن فرنسا قادرة على استضافة احداث رياضية كبرى، في وقت تستعد باريس لاستضافة الألعاب الأولمبية الصيفية في 2024 بالإضافة إلى كأس العالم للروجبي 2023، مطمئنة «لست قلقة، أنا ملتزمة بأن نتعلّم كل الدروس مما حصل مساء السبت لتحسين كلّ شيء» قبل تلك الأحداث.
وبسبب البُعد الذي أخذته الأحداث والضغط الإنجليزي بالذات، قرر «ويفا» مساء الإثنين أن يفتح «تحقيقاً مستقلاً للتدقيق في عملية صنع القرار والمسؤوليات وسلوكيات جميع الأطراف المشاركة في المباراة النهائية».
وكشف أنه عهد بالتحقيق إلى شخصية مستقلة هو الوزير البرتغالي السابق للتعليم والشباب والرياضة تياغو برانداو رودريغيز.
وتعهّد «ويفا» ب«تعويض» حاملي 2700 تذكرة «حُرموا» فرصة مشاهدة النهائي وفق ما أعلنت الوزيرة الفرنسية.
وقالت أوديا-كاستيرا «سألنا ويفا الذي اتفق معنا ان يتم تحديد هؤلاء الأشخاص بدقة وان يحصلوا على تعويض فوري بسبب الاحباط الذي عانوا منه».
وكشفت أن 2700 تذكرة «لم يتم تفعيلها» تخصّ مجموعة من الأشخاص اشتروا تذاكر و«حرموا» مشاهدة المباراة التي كانت من المفترض أن تكون احتفالاً كروياً لكنها تحولت إلى فوضى كادت أن تؤدي الى مأساة رغم حشد قرابة 7 آلاف عنصر من رجال الشرطة والدرك والإطفاء، ناهيك عن حراس الأمن.
من ناحيته، أشار وزير الداخلية جيرالد دارمانان إلى «عملية احتيال ضخمة، صناعية ومنظمة للتذاكر المزيفة»، موضحاً بعد اجتماع وزاري ضم وزيرة الرياضة ومنظمي المباراة و«ويفا» والاتحاد الفرنسي للعبة بالإضافة إلى ممثلين عن الملعب وشرطة باريس وشرطة سان دوني ورئيس بلدية سان دوني «وجد ما بين 30 إلى 40 ألف مشجع إنجليزي أنفسهم في استاد دو فرانس إما بدون تذكرة أو بتذاكر مزورة».
وقال رداً على الانتقادات الإنجليزية «نعتقد أن الاحتيال يأتي من الضفة الأخرى للمانش»، في إشارة إلى بحر المانش الذي يفصل بريطانيا عن فرنسا.