أكد منسّق الأمم المتحدة في أوكرانيا أن المنظمة تجري مفاوضات مكثّفة بعيدة عن الأضواء للسماح بتصدير عشرات ملايين الأطنان من الحبوب الأوكرانية ومنع حدوث أزمة غذاء عالمية، معرباً عن تفاؤل شديد الحذر، في وقت أعلنت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، أن أسعار الغذاء العالمية تراجعت بشكل طفيف في أيار/ مايو للشهر الثاني على التوالي، باستثناء أسعار القمح التي واصلت ارتفاعها.
«إعصار مجاعة»
ويقود المفاوضات خصوصاً نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث والأمينة العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) ريبيكا غرينسبان، حسب ما كشف منسق الأمم المتحدة في أوكرانيا أمين عوض للصحفيين في جنيف خلال مؤتمر صحفي دوري عبر الإنترنت. ولا تزال الأمم المتحدة حتى الآن شديدة التكتّم بشأن هذه الجهود. وقال عوض «هناك كثير من الرحلات المكوكية بين موسكو ودول أخرى تشعر بالقلق، لكنني لا أعتقد أن هناك حلاً يلوح في الأفق بوضوح شديد في الوقت الحالي». وتخشى الأمم المتحدة «إعصار مجاعة» خصوصاً في البلدان الإفريقية التي تستورد أكثر من نصف قمحها من أوكرانيا أو روسيا. وكانت أوكرانيا رابع أكبر مصدّر للذرة في العالم وفي طريقها لتصبح ثالث أكبر مصدّر للقمح، وكانت تمثل وحدها 50 بالمئة من التجارة العالمية في بذور وزيوت عباد الشمس قبل بدء النزاع. كما أن روسيا مصدّر رئيسي للأسمدة لكنها باتت تمنع تصديرها رداً على العقوبات الغربية. وأشار أمين عوض إلى أن «لروسيا تحالفات في الجنوب»، مذكّراً بأن بعض الدول التي يمكن أن تعاني أكثر من غيرها من الوضع هي حليفة لموسكو. لذلك أعرب عن «تفاؤل» بأن الدعوات من تلك الدول النامية قد تدفع موسكو إلى التنازل، ويمكن أن يتحقق «انفراج في مرحلة ما». لكنه شدّد على أن «المفاوضات معقّدة للغاية وتجري على عدة جبهات».
الحلّ السحريّ
تؤكد موسكو أن توقف تصدير الحبوب الأوكرانية ليس خطأها ولا نتيجة لوجود أسطولها الحربي قبالة أوكرانيا، ولكن بسبب الألغام التي زرعتها كييف في موانئها. ووفق الأمم المتحدة، يمكن أن يتأثر 1.4 مليار شخص في أنحاء العالم جراء نقص القمح والحبوب الأخرى.
في هذا الصدد، قال منسق الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي ماثيو هولينغورث للصحفيين في أوكرانيا «إن موانئ البحر الأسود هي الحلّ السحريّ إن صحّ التعبير لتفادي المجاعات العالمية والجوع في العالم». لكنه أضاف أنه بدون هذا الحل، سيتعيّن على الأمم المتحدة إيجاد بدائل للحفاظ على الصادرات الأوكرانية. وأردف منسق الأمم المتحدة في أوكرانيا أمين عوض أن «حلّ هذا المأزق يتطلب دعماً عاجلاً وتوافر إرادة سياسية. ويجب أن تظل الأولوية فتح طرق التجارة في البحر الأسود، وعدم فتح هذه الموانئ سيؤدي إلى مجاعة وزعزعة استقرار وهجرات جماعية في العالم برمته». وأوضح المسؤول الأممي أن تطوير حلول بديلة عبر السكك الحديد أو الطرق البرية يمكن أن يكون مفيداً، ولكنه لن يكون قادراً على مضاهاة حجم النقل البحري.
انخفاض السعار
من جهة أخرى، وبعد ارتفاع قياسي في آذار/مارس بسبب الحرب في أوكرانيا، انكمش مؤشر الفاو لأسعار الغذاء الذي يتتبع التغير الشهري في الأسعار الدولية لسلة من المنتجات الغذائية الأساسية، بنسبة 0.6% تحت تأثير انخفاض سعر الزيوت النباتية. وبعد 100 يوم من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وصل مؤشر منظمة الأغذية والزراعة إلى 157.4 نقطة، مع زيادة بنسبة 22.8% سُجلت على مدى عام واحد منذ أيار/مايو 2021، بحسب المنظمة. وسجل القمح، وهو سلعة استراتيجية، زيادة بنسبة 5.6% في أيار/مايو. وهي زيادة مرتبطة بشكل خاص «بإعلان حظر على صادرات الهند، ومخاوف بشأن ظروف المحاصيل في العديد من البلدان المصدرة الرئيسية» وانخفاض في توقعات إنتاج الحبوب في أوكرانيا. وعلى مدار عام واحد، شهد سعر القمح الذي تبلغ حصة تصدير روسيا وأوكرانيا منه 30% من التجارة العالمية، ارتفاعاً بنسبة 56.2%. وانخفض مؤشر منظمة الأغذية والزراعة للزيوت النباتية في الوقت نفسه بنسبة 3.5% تحت تأثير انخفاض أسعار زيت النخيل أو عباد الشمس أو فول الصويا أو بذور الكانولا، «ويرجع ذلك جزئياً إلى رفع حظر إندونيسيا المؤقت على تصدير زيت النخيل».
مؤشرات سلبية
وقال كبير الاقتصاديين في الفاو ماكسيمو توريرو كولين “إن القيود على الصادرات تولد حالة من عدم اليقين في السوق، ويمكن أن تؤدي إلى ارتفاع الأسعار وزيادة تقلبات السوق. وتتوقع الفاو كذلك ولأول مرة منذ أربع سنوات انخفاض إنتاج الحبوب عالمياً إلى 2.7 مليار طن، أي أقل بمقدار 16 مليون طن من الإنتاج القياسي المقدر عام 2021. وتتوقع أيضًا أن تنخفض أسعار الذرة أكثر من غيرها، يليها القمح والأرز، بينما سيرتفع إنتاج الشعير والذرة الرفيعة. وتستند هذه التوقعات على حالة المحاصيل المزروعة وتلك المتوقع زراعتها. ومن المتوقع أن تشهد أوكرانيا انخفاضاً في إنتاجها من القمح بنسبة 40% خلال موسم 2022-23 وأن تنخفض صادراتها بمقدار النصف إلى حوالي 10 ملايين طن، وفقاً لجمعية الحبوب الأوكرانية. أما محصول الذرة فيتوقع أن ينخفض بنسبة 30%، مع قدرة تصدير متوقعة تبلغ 15 مليون طن.
(أ ف ب)