أحدهما استقال، والآخر قد يكون مرشحاً مرة أخرى، بعد 50 عاماً على فضيحة ووترغيت التي كانت قاضية على رئاسة ريتشارد نيكسون، يبدو دونالد ترامب أقل قلقاً من التحقيق في الهجوم على مبنى الكابيتول، طالما أن الملياردير الأمريكي يحتفظ بقبضته على الحزب الجمهوري.
بفارق نصف قرن، أثارت هاتان القضيتان صدمة في العالم وكشفتا هشاشة الديمقراطية الأمريكية.
طوال شهر حزيران/يونيو تسعى لجنة تحقيق برلمانية عبر سلسلة جلسات استماع إلى وضع الرئيس الأمريكي السابق ترامب في صلب «محاولة انقلاب»، متهمة إياه بالسعي إلى الاحتفاظ بالسلطة رغم هزيمته أمام جو بايدن في انتخابات 2020.
عبر استدعاء مؤيديه بالآلاف إلى واشنطن في 6 كانون الثاني/يناير 2021 وتوجيه اتهاماته الباطلة بانتخابات رئاسية «سرقت» منه، وعبر الضغط على نواب لإلغاء الانتخابات، تصرف ترامب بحسب رأي كثيرين بشكل أسوأ مما فعل ريتشارد نيكسون الذي اتهم بالتستر على التجسس على مقر الحزب الديمقراطي في 17 حزيران/يونيو 1972. لكن من غير المرجح أن يتخلى الجمهوريون عن الرئيس السابق، كما فعل كثيرون منهم مع الرئيس نيكسون في 1974 ولم يتركوا له خياراً سوى الاستقالة لتجنب إجراء عزله. فبعد سنة ونصف السنة على هزيمة ترامب، لا يزال الانقسام بين مؤيديه ومنتقديه يطبع المجتمع الأمريكي إلى حد كبير ويحتفظ الرئيس السابق بيد من حديد داخل الحزب الجمهوري. وصف الحزب الذي عقد مؤتمره في الربيع، تظاهرات 6 كانون الثاني/يناير 2021 التي أدت إلى الهجوم على الكابيتول بأنها «تعبير سياسي مشروع»، وتمت معاقبة العضوين الجمهوريين اللذين وافقا على المشاركة في التحقيق البرلماني. كما قلة هم الذين سيتجرأون على قطع الطريق أمام ترامب إذا ترشح للسباق إلى البيت الأبيض في 2024، وهو السيناريو الذي يطرحه الجمهوري بشكل علني.
ولكن هل يمكن أن تغير جلسات الاستماع التي تقوم بها لجنة تحقق في الهجوم على الكابيتول المعطيات؟
بحسب العديد من الخبراء فإن البث التلفزيوني المباشر في كل مساء لجلسات الاستماع التي قامت بها «لجنة ووترغيت» هو الذي أعطى الأمريكيين فكرة عن هذه الفضيحة التي كان يتجاهلها الرأي العام إلى حد كبير حتى ذلك الحين. وتابع حوالى 80 مليون أمريكي شهادة جون دين الذي كان رئيس الجهاز القضائي في البيت الأبيض آنذاك، أمام الكونغرس حين ورط ريتشارد نيكسون في الفضيحة، وهي اتهامات ساهمت في دفع الرئيس إلى الاستقالة بعد سنة. لكن على سبيل المقارنة، تابع 20 مليوناً فقط منهم البث المباشر لأول عرض للجنة التحقيق في الهجوم على الكابيتول، والذي كان مقرراً في وقت الذروة وأرفق بأشرطة فيديو غير مسبوقة عن عنف الهجوم على مبنى الكابيتول. حتى أن المحطات المفضلة للمحافظين الذين لا يزال عدد منهم مثل دونالد ترامب يعتقدون أن الانتخابات الرئاسية عام 2020 قد «سرقت» منه، فضلت عدم بث هذه الجلسات.
ويقول جوليان زليزر أستاذ التاريخ في جامعة برينستون إن عدم الاهتمام بهذه القضية قد يكون جزئياً بسبب ووترغيت. وقال «بشكل ما منذ ووترغيت بات لدى الأمريكيين ثقة أقل بالدولة». وفي الواقع قال 53% من الأمريكيين الذين استطلعت آراؤهم في 1972 إن لديهم ثقة بقادتهم بحسب استطلاع أجراه معهد بيو للأبحاث. وبعد 50 سنة، فإن هذه النسبة لا تتعدى 20%. وأضاف «بالتالي وبطريقة ما، من الأصعب إثارة النوع نفسه من السخط كما حدث عام 1974» وذلك «بكل بساطة لأن الناس لا يتوقعون كثيراً» منها.
(ا ف ب)