دبي – محمد إبراهيم:
أكد عدد من الباحثين والأكاديميين، أن التعليم الإلكتروني جواز مرور اللاجئين إلى التعليم الجامعي، معتبرين إياه الحل الأمثل لضمان مستقبل أفضل لهم؛ إذ يسهم في توفير المعارف والعلوم بكل سهولة ويسر، ويضمن لهم حياة كريمة ومكانة في سوق العمل، لاسيما أن الإحصاءات تشير إلى أن اللاجئ يمكث أكثر من عشرين سنة في مكان اللجوء قبل العودة إلى وطنه.
وقال الباحثون ل«الخليج» إن التعليم الإلكتروني يعد الحل الأمثل لتوفير التعليم الجامعي للاجئين؛ إذ إن بناء جامعات للاجئين، يعد أملاً في الأصل بعيد المنال، والفارق المهم الذي حدث في السنوات الماضية، يكمن في الإنترنت، وإدخاله في مخيمات اللجوء أو مقرات النازحين بكُلفة زهيدة وفي الأغلب مدعومة، الأمر الذي يسهم في إيصال التعليم الجامعي إلى جموع اللاجئين إلكترونياً.
ويدرس اللاجئ على حاسوب في المخيم عبر الإنترنت ليحصل على شهادة جامعية معترف بها أكاديمياً، لتكون لديه القدرة على التقدم لوظيفة محترمة والحصول على أجر مادي يساعده على شق طريق المستقبل، في وقت يعد بناء المدارس مشروعاً صعباً ومكلفاً؛ إذ إن نصف اللاجئين في العالم فقط يتلقون تعليمياً مدرسياً، والنصف الآخر ما زال خارج نطاق التعليم.
جاء ذلك بمناسبة اليوم العالمي للاجئين برعاية المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة الذي يصادف العشرين من يونيو/حزيران من كل عام؛ إذ يتم تسليط الضوء خلال هذا اليوم على تحديات اللاجئين حول العالم، والبحث عن الوسائل لمساعدتهم وتحسين ظروف حياتهم. وتم إقرار هذا اليوم من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، في وقت تجاوز عدد اللاجئين في العالم 100 مليون لاجئ، نصفهم يعدون من النازحين في دولهم والنصف الآخر خرج منها لدول أخرى.
نسبة ضئيلة
وبحسب المفوضية العليا للاجئين، هناك خمسة في المئة فقط من اللاجئين حول العالم يتلقون تعليمياً جامعياً، وهي نسبة ضئيلة جداً ولا تساعد على تحسين أوضاع اللاجئين في العالم، وتعود الأسباب لصعوبة وصول اللاجئ واللاجئة إلى الجامعات أو عدم قبولهم لعدم توفر الأوراق الثبوتية أو الشهادات وجميعها أسباب خارج قدرات اللاجئين.
وفي وقفة معها، قالت ليزا أندرسون، الرئيسة السابقة للجامعة الأمريكية في القاهرة وعضوة مجلس الأمناء في جامعة university of the people، إنه لا يكفي الحديث بشفقة عن اللاجئين وأوضاعهم الصعبة؛ بل يجب العمل بجدية لحل مشاكلهم وأبسطها هو توفير الطعام والتعليم والصحة لهم قبل كل شيء، فالجامعة تعلم أكبر عدد من اللاجئين في العالم و«نسعى إلى مضاعفة العشرة آلاف طالب الذين يدرسون معنا الآن خلال السنوات القليلة القادمة مما يحتاج إلى تكاتف الجهود وتوفير الدعم المالي والطاقم التعليمي لسد الاحتياج الكبير».
ظروف صعبة
وأضافت أندرسون أن قصص اللاجئين الفلسطينيين والسوريين والآن الأوكرانيين دائماً ما تحتل أهمية بسبب ظروفها الصعبة، لكن هناك أيضاً الأقلية المسلمة من الروهينغا التي عانت في ميانمار؛ إذ يتعلم في مراكز اللاجئين المئات منهم، والذين سيحصلون على شهادات جامعية معترف بها أمريكياً بعدة تخصصات. وقالت: إن الحلول لتحسين أوضاع اللاجئين معروفة، وتكمن في إنهاء الحروب والنزاعات ولكن ترك اللاجئين والنازحين في العالم دون أي رعاية حقيقية أو فرص عمل محترمة وتعليم جامعي، يؤدي إلى تصاعد مشاكل اللاجئين، ففي هذا العام حسب إحصاءات مفوضية اللاجئين هناك تزايد في إعداد اللاجئين؛ إذ سجلت الإحصاءات أعلى الأرقام هذا العام، وهنا ينبغي الاستفادة من تطور التكنولوجيا الذي يساعد في تقديم خدمات لتمكين اللاجئين من التعليم الجامعي، بنشر شبكات إنترنت في المخيمات، وتوفير منح جامعية من مختلف جامعات العالم عندها يكون الحديث عن معالجة مشاكل اللاجئين أكثر واقعية.
نماذج اللاجئين
وفي وقفة مع عدد من نماذج اللاجئين، نجد الطالبة الأوكرانية ياروسلافا سيمونينكو اللاجئة، بسبب الحرب في بلدها انقطعت عن جامعتها ولكنها سجلت في جامعة university of the people الأمريكية التي تعّلم بالكامل عبر الإنترنت فتقول: «إن تجربة الحرب تغير الحياة في حد ذاتها، وعلينا أن نبدأ حياتنا من جديد ولا نعرف متى سنحصل على فرصة للعودة إلى المنزل إذا حصلنا على هذه الفرصة على الإطلاق». تدرس الآن ياروسلافا في الجامعة وعملياً تحمل الجامعة معها على حاسوبها المتنقل بين مدينة ومدينة.
6000 سوري
لكن العدد الأكبر من اللاجئين الذين يدرسون في تلك الجامعة هم من السوريين وهم قرابة الستة آلاف ضمن منح جامعية كاملة ومنهم محمد العبيد، فهو لاجئ سوري يبلغ من العمر 24 عاماً يسكن في مخيم الأزرق في الأردن والذي أكمل شهادته الثانوية في سوريا ولكن بسبب الأزمة انتقل إلى مخيم الأزرق وانقطع عن التعليم. والآن يدرس ومعه المئات من المخيم عبر الإنترنت في نفس الجامعة ويقول: «مررنا بأوقات عصيبة، ولم تتح لي الفرصة لمتابعة تعليمي. وبمجرد أن تلقيت المنحة الدراسية من الجامعة شعرت وكأنني كشخص يغرق وتم إنقاذه».
مثال آخر لطالبة جيانا مقدسي، سورية الأصل، وكانت تدرس الهندسة الزراعية في مدينتها حمص، اضطرت لمغادرة المدينة إثر اندلاع الأزمة في سوريا وتوقفت عن الدراسة لخمس سنوات، لكنها أصرت على استكمال دراستها وبالفعل استطاعت عبر الجامعة العودة للحياة الأكاديمية، وتقول: «كنت أبحث عن منحة دراسية لمتابعة أحلامي الأكاديمية، ثم تعرفت إلى هذه الجامعة الإلكترونية، وكنت سعيدة للغاية بالحصول على منحة دراسية ممولة بالكامل ودراسة بكالوريوس في علوم الكمبيوتر».