مسقط: راشد النعيمي
بعد قصة صمود مذهلة، امتدت لعشرة أيام، بدأت أحداثها في منطقة الأشخرة في سلطنة عمان، وانتهت في كراتشي عاصمة باكستان، عاد المواطنان العُمانيان اللذان فُقدا في عرض البحر بولاية جعلان بني بوعلي منذ التاسع من يونيو الحالي، حيث وصلا مطار مسقط الدولي قادميْن من باكستان، بعد إنقاذهما من قبل إحدى السفن العابرة في بحر العرب.
وقبل أن يروي الناجيان قصتهما مع الموت، كانت مبادرات الشعب العماني لافتة، بدأت بتقديم 10 آلاف دولار وقارب إلى الباكستاني ربان السفينة التي أنقذتهم، فيما انهمرت عليهما هدايا بمناسبة سلامتهما شملت رحلات حج وعمرة وقارب وإقامات فندقية وأثاث وأموال. وعمت الاحتفالات منطقة الأشخرة، حيث توافدت جموع غفيرة، لتقديم التهنئة لذويهما.
وكان الشابان علي وسالم الجعفري، قد خرجا فجر الخميس 9 يونيو للصيد بقارب صغير، حيث كانت الأمواج والرياح شديدة. وتعطل محرك القارب في عصر اليوم نفسه وباءت محاولاتهما لإصلاحه بالفشل، بينما كانا يبعدان 60 ميلاً بحرياً عن نقطة الانطلاق. وحاول الشابان الاتصال والاستغاثة، لكن لم تكن هناك تغطية لإرسال الهاتف، حينها أدركا أن الوضع ينذر بالخطر، فقاما بإفراغ حمولة القارب من الأسماك ضماناً لصموده وقاوما 3 أيام من الرياح الشديدة المصحوبة بالبرد والخوف الذي تسلل إليهما، بينما كانا يشيران للسفن التجارية والعسكرية والخاصة بالصيد دون جدوى أو تجاوب منها، وكانت حصيلتهما 4 لترات من مياه الشرب، نفذت في صباح اليوم العاشر.
ويشير الناجيان إلى أن التيار واصل سحبهما إلى السواحل الباكستانية، وبينما كانا يتشبثان بالنجاة، اقتربت منهم 3 سفن صيد باكستانية من دون أن تنتبه إليهما، غير أن سفينة تابعة للبحرية الباكستانية اكتشفت محنتهما وسارعت إلى تقديم المساعدة ونقلتهما إلى كراتشي، حيث وفر لهما ربان السفينة هاتفاً للاتصال بذويهما لطمأنتهم.
وكانت مكالمة هاتفية قد حملت الخبر السار بعد عشرة أيام مضنية وطويلة وشاقة من البحث والمسح الجوي والبحري من الطائرات والقوارب الحكومية والخاصة بالمواطنين وقبل أن يتسلل اليأس إلى أهالي نيابة الأخرة في سلطنة عمان من عودة الشابين عاد الأمل فجأة عبر مكالمة هاتفية. وكان المشهد عاطفياً عند ساحل البحر، حيث جرت تلك المكالمة، فقد خر ذووهم سجداً من فرط المفاجأة وجرى عناق بين الجميع وحملت البشرى إلى البيوت فرحاً بهذا الخبر السار بعد أن شهدت الأيام السابقة جهوداً في البحث عن المفقودين من قبل شرطة عمان السلطانية ممثلة بطيران الشرطة وزوارق شرطة خفر السواحل بمشاركة هيئة الدفاع المدني والإسعاف وسلاح الجو السلطاني والجهود المبذولة من قبل المواطنين. وقبل أن يتناقل البعض إشاعة مفادها، العثور عليهما متوفيين، حيث تم نفيها في حينها.