ستظل المملكة المتحدة عالقة مع التضخم الحاد لسنوات بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفقاً للاستراتيجيين في كبرى البنوك في وول ستريت.ويرى كل من سيتي غروب، وبنك أوف أميركا، وستاندرد بنك، المملكة المتحدة على أنها دولة بعيدة عن العالم المتقدم بسبب الضرر الاقتصادي الناجم عن قرار قطع العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. وحتى مع بدء تلاشي ضغوط الأسعار الخارجية، فإن التضخم في المملكة المتحدة سيكون أعلى من المعتاد بسبب ضوابط الهجرة وتعطل سلسلة التوريد.ويعد التضخم سبباً كبيراً وراء تحامل المستثمرين على الجنيه، حتى مع تداول العملة بالقرب من أدنى مستوى لها في عامين مقابل الدولار. كما يرى الخبراء أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ليس سبب أزمة تكلفة المعيشة، ولكنه سيجعل حل المشكلة أصعب في المملكة المتحدة أكثر من أي مكان آخر، وفقاً لما ذكرته “بلومبرغ”، واطلعت عليه “العربية.نت”.
ومع اتجاه معدل التضخم في المملكة المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 40 عاماً، يتوقع الاستراتيجيون المزيد من الارتفاعات.من جانبه، قال رئيس إستراتيجية العملات في سيتي غروب، فاسيليوس جكيوناكيس: “سيكون التضخم في المملكة المتحدة سمة مرتبطة بالاقتصاد على المدى المتوسط إلى الطويل بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي”. ويرى أن الاقتصاد هش للغاية وفي حاجة ماسة إلى مزيد من الدعم المالي، وهو أمر غير مرجح”.وتأتي تصريحاته، بعدما أفاد مكتب الإحصاءات الوطنية يوم الأربعاء أن أسعار المستهلك ارتفعت إلى 9.1% في مايو، وهو أعلى مستوى في 4 عقود، من 9% في الشهر السابق. كما ضعف الجنيه 0.3% إلى 1.2243 دولار.وقال الخبراء إنه من الصعب معرفة إلى أي درجة تنتج المشاكل الاقتصادية في المملكة المتحدة عن الوباء أو في أعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. إذ تشير بعض الأبحاث إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تسبب بالفعل في خسائر فادحة. وأدت الحواجز التجارية إلى زيادة أسعار المواد الغذائية في المملكة المتحدة بنسبة 6%، وفقاً لتقرير صادر عن كلية لندن للاقتصاد.وباتت الروابط بين خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والاقتصاد والتضخم غير واضحة، حيث قال جكيوناكيس، إنه من الممكن أن يؤدي تباطؤ النمو في المملكة المتحدة إلى تخفيف ضغوط الأسعار التي يسببها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على المدى القريب.بدورها، قالت رئيسة حلول العملات في إنسايت إنفستمنت، فرانشيسكا فورناساري: “تفاعل السوق حالياً يشير إلى أن بنك إنجلترا سيرفع الفائدة بقوة كبيرة”. “وإذا لم يكن هذا قراره، خاصة مع الارتفاع الكبير في معدلات التضخم، فسيكون أحد المبررات التي يمكن أن تدفع الجنيه الإسترليني لمزيد من الانخفاض”.ويرى كمال شارما من بنك أوف أميركا، وجود قائمة طويلة من الأسباب التي تؤكد النظرة السلبية على الجنيه الإسترليني. إذ إن الاقتصاد في حالة سيئة وقرارات بنك إنجلترا تتعرض لهجمات مسيّسة.كما لا يزال استبدال الوصول إلى السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي بالعمالة والسلع من أماكن أخرى يمثل تحدياً للحكومة البريطانية، التي كافحت لإحراز تقدم في الاتفاقيات التجارية. بينما وقعت المملكة المتحدة أول اتفاق لها مع دولة أميركية الشهر الماضي، يُظهر النهج المجزأ أن المحادثات تفشل في التقدم.وتوقع المحللون الاستراتيجيون، أن الجنيه سيواصل الضعف، إذ حدد سيتي غروب أن اليورو سيرتفع مقابل الجنيه الإسترليني إلى حوالي 90 بنساً بنهاية الربع الثالث، من 86 بنساً حالياً.وللسيطرة على التضخم، قد يتعين على بنك إنجلترا اتخاذ موقف أكثر تشدداً بشأن أسعار الفائدة، وفقاً لستيفن بارو، رئيس استراتيجية العملة في Standard Bank في لندن.وقال: “عندما نفكر في السنوات الثلاث إلى الأربع المقبلة، وليس فقط الاثني عشر شهراً القادمة، نعتقد أن هناك كل الأسباب لتوقع أن أسعار الفائدة الأساسية في المملكة المتحدة سوف تتفوق على تلك الموجودة في الولايات المتحدة”. “السوق حالياً غير مُسعّرة لهذا”.