سلطت شبكة “ذا أثلتيك” الإنجليزية الضوء في تقرير مطول لها، الإثنين، على تجديد عقد النجم المصري محمد صلاح، وانتهاء الملحمة الطويلة التي استمرت مع مسؤولي ليفربول لعدة أشهر.
وأعلن ليفربول يوم الجمعة الماضي توقيع محمد صلاح على عقد جديد، حيث سيظل بمقتضاه في الأنفيلد حتى يونيو 2025.
شبكة “ذا أثلتيك” الإنجليزية ذكرت أنه لم يكن هناك مفاوضات بين محمد صلاح ووكيل أعماله رامي عباس من جهة، ومسؤولي ليفربول من جهة أخرى، بشأن تجديد عقده منذ ما حدث مطلع العام الحالي.
وأوضحت أن رامي عباس كان متواجدًا في الفندق ذي الخمس نجوم، الذي أقام فيه مالك ليفربول جون دبليو هنري في نهائي دوري أبطال أوروبا أمام ريال مدريد في باريس في نهاية مايو.
ومع ذلك، لم تكن هناك مناقشات حول عقد صلاح، في الواقع لم تكن هناك محادثات وجهًا لوجه مع مُلاك النادي منذ أن سافر عباس إلى ميامي للقاء رئيس مجموعة فينواي الرياضية مايك جوردون قبل خمسة أشهر من ذلك الوقت.
انتهت تلك المفاوضات إلى طريق مسدود بفارق كبير بين ما يريده صلاح وما كان ليفربول على استعداد لدفعه.
تم إرسال مجموعة مطالب مُنقحة بعد ذلك إلى جوردون، صانع القرار النهائي عندما يتعلق الأمر بالشؤون المالية للنادي، عبر البريد الإلكتروني، ولكن المأزق استمر خلال النصف الثاني من الموسم.
عندما سئل صلاح عن مستقبله في يناير، أصر على أنه لا يطلب “أشياء مجنونة”، بينما تزعم مصادر قريبة من المصري أنه كان يبحث عن تمديد يجعله سادس أفضل لاعب على صعيد الأجر في العالم، وأن ما كان مطروحًا على الطاولة في تلك المرحلة بلغ فعليًا زيادة في الراتب بنسبة 15 %، وكان سيجعله في المركز الخامس عشر في القائمة المقصودة، وهنا شعر النجم المصري أنه لا يحظى مكانته في كرة القدم العالمية.
قبل نهائي دوري أبطال أوروبا، أعلن صلاح أنه سيبقى في الأنفيلد بغض النظر عن موسم 2022-23، كان اختيار ليفربول واضحًا، إما الحصول على عقد جديد أو قبول خسارته في صفقة انتقال مجانية الصيف المقبل، وكانت الساعة تدق.
ازدادت المخاطر أكثر الشهر الماضي عندما تبين أن صلاح منفتح على فكرة البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز إذا كان سيغادر في عام 2023، في ظل استقرار عائلته في إنجلترا، واعتبر البعض ذلك بمثابة استعراض لسياسة حافة الهاوية، لكن احتمال خسارة صلاح أمام منافس محلي كان أمرًا غير مستساغ.
وأشارت الشبكة إلى أن برشلونة كان واحدًا من العديد من الأندية الأوروبية الكبرى التي طلبت من رامي عباس إطلاعها على حالة صلاح، وكان من الممكن أن يوقع اتفاقية ما قبل العقد مع نادٍ خارجي في 1 يناير 2023، لكن آمال برشلونة تبددت.
كان ليفربول ينوي تقديم عرض محسّن خلال الموسم المقبل، ولكن حدثت انفراجة مع استعداد كلا الجانبين لتقديم تنازلات أثناء قيامهما بالتوصل إلى صفقة ذات حوافز كبيرة.
مع وجود إطار العمل، سافر وفد النادي بقيادة وارد إلى ميكونوس الأسبوع الماضي لاستكمال الإجراءات، لقد كان سرًا خاضعًا لحراسة مشددة مع بعض الموظفين، الذين عادة ما يكونون في الإطار عندما يتعلق الأمر بالتوقيعات وإعلانات العقود.
بحلول ذلك الوقت، أصبح المشهد أكثر وضوحًا بالنسبة لـ ليفربول، كانوا قد أكملوا صفقة بقيمة 85 مليون جنيه إسترليني مع داروين نونيز من بنفيكا، وكان ساديو ماني في طريقه إلى بايرن ميونخ مقابل 35 مليون جنيه، وتم تخفيض فاتورة الأجور بشكل أكبر بسبب رحيل المهاجم ديفوك أوريجي، الذي كان يتقاضى حوالي 100 ألف جنيه في الأسبوع.
يصر كبار الشخصيات في الأنفيلد على أنهم كانوا سيحاولون أيضًا تجديد عقد ماني هذا الصيف، ولكن على عكس صلاح، كان السنغالي مستعدًا لخوض تحدٍ جديد، وكان الاحتفاظ بصلاح دائمًا أولوية المالكين، ولكن ليس بأي ثمن.
لقد كانت هذه ملحمة لمدة عامين، حيث سعى عباس في البداية إلى فتح محادثات بشأن صفقة جديدة لصلاح في صيف 2020 لكنه أصيب بالإحباط بسبب التأثير المالي لوباء كورونا، ولم يكن ليفربول في عجلة من أمره، سيكون هناك 12 شهرا أخرى قبل بدء المناقشات.
نادرًا ما يتحدث صلاح، الذي وقع عقدًا بقيمة 200 ألف جنيه إسترليني أسبوعيًا بالإضافة إلى المكافآت في عام 2018، إلى وسائل الإعلام، لذلك كان الأمر واضحًا عندما أجرى مقابلات مع الصحف الإسبانية خلال موسم 2020-21، ووصف برشلونة وريال مدريد بأنهما من “الأندية الكبرى”.
وعندما سُئل آنذاك عن احتمالية اللعب في الدوري الإسباني قال: “لم لا؟ لا أحد يعرف ما الذي سيحدث في المستقبل “، وكشف صلاح أيضًا أنه شعر “بخيبة أمل كبيرة” لأن كلوب تجاهل منحه شارة القيادة في دوري أبطال أوروبا أمام فريق ميتلاند في ديسمبر 2020.
ورغم التكهنات الشديدة، لم يرغب مهاجم تشيلسي السابق في مغادرة ليفربول، كان يفضل دائمًا البقاء في مكانه، لقد أقام صداقة وثيقة مع إيان راش خلال الفترة التي قضاها في النادي، وحثته أسطورة آنفيلد على التوقيع والحفاظ على إرثه.
كان صلاح يعلم أن العشق الذي يتلقاه من جماهير النادي لن يتكرر في أي مكان آخر، كما أعرب عن تقديره للطريقة التي ارتقى بها العمل مع كلوب في لعبته إلى المستوى التالي، وأنه محاط بمواهب عالمية في فريق قادر على بلوغ المجد على جميع الجبهات.
لكنه شعر أن العقد الذي يليق بمكانته في النخبة مفقود، عندما أبرم فيرجيل فان دايك وأليسون وألكسندر أرنولد وأندي روبرتسون وفابينيو وجوردان هندرسون جميعهم صفقات جديدة في الصيف الماضي، وكان اسم صلاح غائبًا بارزًا.
“آمل أن يشاهدوا”.. كانت هذه هي الرسالة العامة التي وجهها عباس إلى الملاك المقيمين في بوسطن، بعد أن أشعل صلاح فوز ليفربول الافتتاحي في عطلة نهاية الأسبوع على نورويتش سيتي في أغسطس الماضي.
لقد كانوا كذلك، لكن مُلاك ليفربول كانوا مترديين في كسر هيكل الأجور في النادي، وأدت المخاوف بشأن تخصيص مبالغ طائلة من الأموال للاعبين في أوائل الثلاثينيات من العمر إلى رحيل جورجينيو فينالدوم إلى باريس سان جيرمان كوكيل حر.
“إذا سألتني، أود البقاء هنا حتى اليوم الأخير من مسيرتي الكروية، لكن لا يمكنني قول الكثير عن ذلك، إنه ليس في يدي”، قال صلاح في أكتوبر الماضي، وتابع: “هذا يعتمد على ما يريده النادي، وليس أنا”.
بعد شهرين، قال صلاح كذلك: “القرار بيد الإدارة وعليهم حل هذه المشكلة”، وفي مارس الماضي قال كلوب: “إنه قرار مو، لقد فعل النادي ما يمكنه فعله، لم يحدث أي شيء آخر، لا توقيع ولا رفض”.
وسخر رامي عباس مما قاله يورجن كلوب في ذلك الوقت، ورد على تصريحات الألماني برموز تعبيرية ضاحكة عبر موقع “تويتر”، مما أشعل الموقف.
ولكن الحديث المهم من جانب محمد صلاح كان على أرض الملعب، حيث نجح في تسجيل 31 هدفًا في جميع المسابقات الموسم الماضي، وساهم في فوز ليفربول بكأس رابطة الأندية الإنجليزية وكأس الاتحاد الإنجليزي، وتقاسم جائزة الحذاء الذهبي مع سون هيونج مين برصيد 23 هدفًا في الدوري الإنجليزي، وفاز بجائزة أفضل صانع ألعاب بـ13 أسيست.
كما شهد الموسم الماضي صعوده إلى المركز التاسع في قائمة الهدافين على الإطلاق في ليفربول، برصيد 156، وهدفين فقط خلف مايكل أوين، و16 خلف السير كيني دالغليش.
انخفض إنتاجه في الأشهر الأخيرة من 2021-22 بعد معاناة خسارة نهائي كأس الأمم الأفريقية ثم المباراة الفاصلة لكأس العالم أمام السنغال بقيادة ساديو ماني، لكن ذلك كان مفهومًا بسبب التعب والإرهاق.
في النهاية، قرار إدارة ليفربول بدفع ما يزيد عن 350 ألف جنيه إسترليني أسبوعيًا لـ محمد صلاح، للسنوات الثلاث المقبلة حتى عيد ميلاده الثالث والثلاثين، يمثل إنفاقًا يقارب 55 مليون جنيه إسترليني، إنه التزام كبير ولكنه صغير من الناحية المالية، مقارنة بتكلفة محاولة استبداله بشكل مناسب.