فاقمت عاصفة الاستقالات أزمة الحكومة البريطانية، أمس الأربعاء، ووضعت مزيداً من الضغوط على رئيس الوزراء بوريس جونسون، إثر سلسلة الفضائح التي هزت الحكومة والحزب معاً، ويبدو أنها ستدفع إلى انهيار الحكومة سريعاً، بعد أن سئم البريطانيون من الفضائح وخرق القوانين على يد رموز السلطة الحاكمة.
ويبدو أن جونسون ليس في وارد رفع «المنديل الأبيض» ويصر على مصارعة هذه الانتكاسة السياسية، بعدما أعلن أمام مجلس العموم أنه سيبقى على رأس السلطة، وقال إن حكومته «لن ترحل»، بينما وجهت صحيفة «التايمز» في افتتاحية نارية انتقادات لاذعة لجونسون، وقالت إن عليه أن يستقيل الآن؛ لأن اللعبة انتهت.
الاستقالات الجماعية للوزراء والمسؤولين يبدو أنها منسقة، وبعضها من الواضح أنه سيدق المسمار الأخير في حكومة جونسون، وجاءت تعبيراً ليس فقط عن غضب حزب المحافظين؛ بل عن غضب أغلبية واسعة من البريطانيين تطالب برحيله. ووجه المستقيلون كلمات قاسية لرئيس الوزراء، وكتبت وزير العدل فيكتوريا أتكينز: «النزاهة والاحترام والمهنية قيم مهمة»، لكنها «تمزقت» تحت قيادة جونسون الذي كان حتى وقت قريب يحلم بالبقاء في منصبه حتى 2034، ربما سيواجه خروجاً مثيراً من «داوننغ ستريت»، بعدما «طغت عليها الأخطاء والتساؤلات حول النزاهة»، وفي ظل مؤشرات كثيرة تؤكد أن لن ينجوَ بسهولة، وإن حصل، فسيكون ذلك أشبه ب«معجزة».
ومع زيادة الجدل واللغط في لندن بسبب الفضائح حول رئيس الوزراء، أصبح حزب المحافظين الذي يقود المملكة المتحدة منذ سنوات، يواجه معضلة كبيرة، وتعرض مؤخراً لهزيمتين انتخابيتين في الجنوب والشمال خسر خلالهما أهم معاقله في الجنوب والشمال، وهي مناطق كان يهيمن عليها المحافظون تاريخياً، وذهبت في الانتخابات الأخيرة إلى حزب «العمال». وفي الشارع البريطاني تدور أسئلة كثيرة عن جدوى بقاء جونسون في السلطة، وأخذت هذه الأسئلة في التدفق بعد أن نجا الشهر الماضي من تصويت على الثقة أجراه نواب محافظون، وربما ستتحول في القريب العاجل إلى احتجاجات، في وقت يعاني فيه الملايين ارتفاع أسعار الغذاء والوقود، وتأثيرات الأزمة في أوكرانيا التي حاول جونسون أن يستخدمها للهروب من مشاكله الداخلية، ولكن من الواضح أن الضغوط ستتزايد عليه بعد هذه الاستقالات إلى حد يصعب ترميمه، وسيدفع على الأرجح إلى انهيار حكومته التام، وهو أمر لا يبدو بعيداً في ضوء حالة الغضب داخل حزب المحافظين، وفي الشارع البريطاني الذي يرى 69% منه أن على جونسون الاستقالة من منصبيه في الحزب والحكومة.