على الرغم من أنها لا تنحدر من دولة منتجة للاعبات التنس العالميات، إلا أنها فرضت نفسها على الساحة العالمية للكرة الصفراء، أنس جابر اسم عربي حفرت حروفه في تاريخ اللعبة.
باتت جابر أول العرب وأول إفريقية في حقبة الاحتراف تبلغ نهائي بطولة كبرى بتأهلها إلى المباراة النهائية لبطولة ويمبلدون الإنجليزية، تسلقت القمة بسرعة في غضون عامين، وتبقى فخورة بتونس، وطنها وبلد نشأتها.
من هي التونسية أنس جابر؟
ولدت التونسية أنس جابر في 28 أغسطس 1994، بمدينة قصر هلال في ولاية المنستير شمال شرقي تونس، وهي أصغر أبناء عائلتها المؤلفة من شقيقين كبيرين هما حاتم ومروان، وشقيقة أكبر منها هي ياسمين.
وبدأت جابر مشوارها في عالم التنس منذ أن كانت طفلة في الـ3 من عمرها، عندما شجعتها والدتها سميرة على اللعب والتي كانت بدورها لاعبة هاوية.
بدأت أنس جابر التي بات الناس يلقبونها باسم “وزيرة السعادة”، خطواتها الأولى بمركز النهوض بلعبة التنس في المدرسة مع مدربها آنذاك نبيل مليكة.
وانتقلت جابر في سن الثانية عشرة إلى العاصمة تونس للتدرب في المعهد الرياضي بالمنزه (حكومي يضم نخبة الرياضيين) وبقيت فيه عدة سنوات حتى تنقلت بين بلجيكا وفرنسا للتدرب هناك.
وتقول أنس جابر عن نشأتها وسر تفوقها: “لقد ضحى والداي بكثير من الأشياء، اعتادت أمي أن تقودني في كل مكان حول تونس للذهاب للعب البطولات، وشجعتني على الذهاب إلى كل حدث خاص بالتنس، كانت تلك تضحية كبيرة لرؤية ابنتها الصغيرة تسعى لتحقيق حلم لم يكن مضمونا بنسبة 100%، لقد آمنت بي ومنحتني الثقة لأكون هناك”.
أنس جابر وزوجها
أما عن حياتها العائلية فإن اللاعبة البالغة 27 عاما متزوجة بالمبارز الروسي-التونسي كريم كمون البالغ 36 عاما، والذي يعمل مدربا للياقة البدنية منذ العام 2017، وقد تزوجا في عام 2015.
ومثل كمون المنتخب التونسي في المبارزة، وحقق العديد من الميداليات، من بينها الميدالية الذهبية في منافسات الفريق بالألعاب الإفريقية 2007 التي أقيمت في الجزائر العاصمة، والميدالية الفضية في بطولة إفريقيا بالدار البيضاء 2008، وميداليتان فضيتان في بطولة إفريقيا 2009 التي أقيمت بالعاصمة السنغالية داكار، والبرونزية في المسابقة ذاتها التي أقيمت بتونس 2010.
وفي مقابلة حصرية، تحدثت النجمة التونسية أنس جابر، المصنفة الثانية عالميا لتنس السيدات، مع “بي بي سي سبورت” عن الإنجاب: “أستطيع أن أتخيل نفسي أعود للعب بعد إنجاب طفل، لكن ليس بعد. أنا أبلي بلاء حسنا في الوقت الحاضر ولا أملك وقتا للتوقف.
وتابعت:”أحببت دائما أن أكون أما لطفل وأعود للعب مجددا بعد الولادة، لكني لا أعرف إن كنت سأفعلها أم لا”.
مضيفة:”أريد أن تكون لي عائلة في مرحلة ما من حياتي، هذا شيء أردته دائما. تزوجت كريم حين كنت صغيرة، وربما نرغب إنجاب أطفال حين يحين الوقت”.
الدخول لعالم الكبار ومشاركتها في أول بطولة دولية كبرى
دخلت جابر التي يبلغ طولها 1.67 م وترتكز في لعبها على يدها اليمنى، عالم الكبار في التنس بعام 2013، عندما حلت في المركز الـ200 بتصنيف كرة المضرب، إلا أن تحولها الحقيقي كان في عام 2017، بعدما أصبحت ضمن قائمة الـ100 الأوائل عالميا، عقب وصلوها إلى الدور الثالث من بطولة “رولان غاروس”، وفوزها على المصنفة السابعة حينها دومينيكا سيبلكوفا.
وفي عام 2018، تمكنت أنس جابر من الوصول إلى النهائي في كأس الكرملين، عقب التغلب على 3 لاعبات من المصنفات الـ25 الأوائل عالميا، لتواصل بعدها النجمة التونسية المشاركة في الجدول الرئيسي لبطولات “الغراند سلام” منذ عام 2019.
وتوالت بعد ذلك الانتصارات، حتى أصبحت النجمة التونسية مصنفة ضمن الـ50 الأوائل عالميا، وذلك عقب الفوز على جوهانا كونا وكارولين غارسيا وكارولين فوزنياكي، في أستراليا المفتوحة عام 2020، لتصبح بذلك أول لاعبة عربية تتمكن من الوصول إلى ربع نهائي بطولة “الغراند سلام”.
في صيف عام 2021، كانت اللاعبة على موعد لدخول تاريخ التنس من أوسع أبوابه، عندما اكتسحت في نهائي برمنغهام، النجمة الروسية داريا كاستكينا، لتحصد لقب برمنغهام، وتصبح أول لاعبة من منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، تفوز ببطولة في رابطة المحترفات، لتعوض اللاعبة ما فاتها، بعدما أضاعت فرصة الفوز ببطولة “تشارلستون”، عندما خسرت نهائي المسابقة.
أما في بطولة ويمبلدون التي شاركت فيها لاحقا من هذا العام أيضا، فقد وصلت إلى الدور ربع النهائي عندما خسرته أمام المصنفة الثانية البيلاروسية أرينا سابالينكا، لترفع تصنيفها العالمي إلى المرتبة الـ22.
التألق في المرتبة الثانية عالميا
عام 2022 كان عاما تاريخيا بالنسبة للبطلة التونسية التي بدأت موسمها في بطولة سيدني وخرجت منها في الدور ربع النهائي.
ومن ثم شاركت في بطولة دبي، فهزمت المصنفة ثانية سابقا الروسية فيرا زفوناريفا، قبل أن تخرج على يد المصنفة أولى السابقة سيمونا هاليب في الدور الربع النهائي، وهو الدور ذاته الذي وصلت إليه أيضا في بطولة قطر المفتوحة.
ودخلت إلى بطولة مدريد للماسترز بصفتها المصنفة العاشرة، فوصلت إلى المباراة النهائية بعد أن هزمت الروسية إيكاترينا ألكسندروفا في لنصف النهائي، وتبعتها الأمريكية جيسيكا بيجلا في النهائي، لتتوج أنس جابر بالبطولة وتنال جائزة الألف نقطة كأول عربية وإفريقية تحقق هذا الإنجاز، ولتصل إلى المرتبة الـ3 عالميا.
وبعد إحرازها لقبها الثاني على الملاعب العشبية، عندما حسمت نهائي بطولة برلين المفتوحة للتنس عقب انسحاب البطلة الأولمبية السويسرية بليندا بنتشيتش بسبب الإصابة في يونيو 2022، ارتقت إلى التصنيف الثاني على العالم، خلف البولندية إيجا شفياتيك.
وستكون التونسية جابر، على موعد السبت مع التاريخ حين تخوض نهائي بطولة ويمبلدون الإنجليزية ، ضد الكازخستانية إيلينا ريباكينا في مباراة تجمع بين لاعبتين تصلان إلى النهائي الكبير الأول في مسيرتيهما.
وكالات