صدر هذا العام جهازٌ جديدٌ للألعاب الإلكترونية، يصعب الحصول عليه، فلا يُباع إلا عبر الإنترنت، وربّما لم يسمع به معظم اللاعبين العاديين. وأيضاً ليس «بلاي ستيشن» أو «إكس بوكس».
جهاز ألعاب جديد
الجهاز هو «ستيم ديك» Steam Deck (400 دولار) الذي يُحمل باليد، ويتميّز بهيكلٍ ضخم قليلاً، مصنوع من البلاستيك الأسود، ويضمّ أداة تحكّم مدمجة، ما يجعله أقرب إلى كومبيوتر كبير مزوّد بشاشة تعمل باللمس. ويبدو الجهاز وكأنّه كومبيوتر مخصص للعب أو نسخة مصغّرة من جهاز «نينتندو سويتش».
بدأت شركة «فالف» في بالفيو، بواشنطن، وهي تملك متجر «ستيم» الإلكتروني الشهير لبيع ألعاب الفيديو، باستقبال طلبات شراء «ستيم ديك» منذ العام الماضي، لكنّ الأجهزة لم تصل إلى أصحابها إلّا قبل مدّة قصيرة. ولم تنشر الشركة أرقام مبيعاتها، لكنّ التقديرات ترجّح أنّها شحنت مئات آلاف الوحدات. أمّا الزبائن الذين يطلبون الجهاز اليوم، فلن يحصلوا عليه قبل الخريف المقبل.
بمعنى آخر، أصبح «ستيم ديك» بديلاً واعداً لأجهزة اللعب التقليدية على عكس «ستاديا»، المنصّة التي طوّرتها شركة غوغل، ودعمتها بتقنية السحابة.
يُعتبر «ستيم ديك» ثمرة الجهود الطموحة التي بذلتها شركة «فالف» لجمع مكاسب أجهزة اللعب العصرية، كالكومبيوترات المخصصة للعب، و«نينتندو سويتش» المحمول باليد، الذي يركّز على الألعاب المناسبة للعائلات، و«بلاي ستيشن 5» من «سوني» و«إكس بوكس سيريز إكس» من «مايكروسوفت» المصمّمين لغرفة المعيشة، والمزوّدين برقائق حوسبية أسرع للألعاب القويّة.
منصّة واحدة جامعة
يعمل جهاز «ستيم ديك»، الذي يسعى للتحوّل إلى منصّة واحدة تجمع كلّ هذه الأجهزة، ببرنامج «لينوكس» التشغيلي المفتوح المصدر، الذي يتيح للمستخدم تنزيل عددٍ هائل من الألعاب الجديدة، حتّى العناوين المصمّمة لأجهزة الكومبيوتر و«بلاي ستيشن» و«إكس بوكس». وكما أجهزة الكومبيوتر، يستطيع اللاعب تخصيص «ستيم ديك» لتشغيل ألعاب قديمة، من خلال تنزيل برنامج محاكٍ، وهو عبارة عن مجموعة من التطبيقات التي تشغّل نسخاً رقمية من الألعاب المصمّمة لأجهزة اللعب القديمة.
بعد اختبار وتجربة «ستيم ديك»، توصلنا إلى الحكم التّالي؛ يناسب هذا الجهاز اللاعبين المحترفين الذين لا يمانعون من إجراء بعض التعديلات للاستمتاع بألعاب جديدة وقديمة. ولكنّه في المقابل ينطوي على عيوبٍ كثيرة وبارزة، أي أنّه لا يناسب الأشخاص الذي يبحثون عن تجربة لعب سلسة كتلك التي تقدّمها الأجهزة الشائعة التقليدية.
وعلى عكس أجهزة اللعب الشائعة كـ«بلاي ستيشن» و«نينتندو» اللذين يشغّلان ألعاباً محفوظة على أقراص أو خراطيش، يتميّز «ستيم ديك» بهيكل رقمي بالكامل، أي أنّه يشغّل الألعاب المحمّلة من الإنترنت فقط. يحصل مستخدمو الجهاز على عناوين الألعاب من متجر تطبيقات «ستيم»، لذا يجب أن يملكوا حساب «ستيم» لتحميل الألعاب قبل البدء.
ومن هنا، تصبح الخيارات كثيرة. يستطيع اللاعبون الاختيار من مكتبة «ستيم» التي تحتوي على عشرات آلاف الألعاب، ومن بينها ألعاب شهيرة
كـ«كاونتر سترايك» Counter – Strike و«أمونغ آس» Among Us، بالإضافة إلى عناوين مهمّة أخرى كانت محصورة بأجهزة «بلاي ستيشن» كـ«فاينل فانتازي 7».
أمّا المغامرون فيمكنهم التوسّع خارج «ستيم» للحصول على ألعاب أكثر. يتطلّب هذا الأمر منهم الانتقال إلى وضع سطح المكتب، الذي يحوّل «ستيم ديك» إلى كومبيوتر «لينوكس» مصغّر، يمكن التحكّم به بواسطة لوحة مفاتيح وشريحة تتبّع صغيرة افتراضيتين مدمجتين في أداة التحكّم.
هنا، يتيح لكم الجهاز فتح متصفّح لتحميل بعض الملفّات الخاصّة بضبط «ستيم ديك» للعمل مع «إكس بوكس غيم باس» وتشغيل ألعاب «إكس بوكس»، أو تثبيت محاكيات لتشغيل ألعاب مصمّمة لأجهزة قديمة كـ«أتاري» الكلاسيكية من السبعينات و«بلاي ستيشن بورتابل» من عام 2005.
مزايا ونقائص
خلال الاختبارات، وجدنا أنّ استخدام «ستيم ديك» مع ألعاب «ستيم» ممتعٌ جداً، لأنّ الجهاز يشغّل الألعاب العصرية ذات الرسوميات القوية كـ«مونستر هانتر رايز» بسلاسة، فضلاً عن أنّ أداة التحكّم التي تتضمّن محفّزات وعصي لعب وأزراراً مريحة جداً أثناء الاستخدام.
لكنّ العبث بالجهاز لتشغيل ألعاب من خارج متجر «ستيم» كان مهمّة منهكة ومثيرة للجنون في بعض الأحيان. لقد شاهدنا عدّة فيديوهات تعليمية لتشغيل «إيميو ديك»، السيناريو الذي يثبّت المحاكيات على الجهاز، وتطلّبت العملية أكثر من ساعة، واضطررنا أخيراً إلى استخدام لوحة مفاتيح وشريحة تتبّع من خارج الجهاز، لأنّ شريحة التتبع ولوحة المفاتيح الخاصتين بـ«ستيم» لم تسجّلا النقرات وضربات المفاتيح في معظم الأحيان.
من جهتها، اعترفت شركة «فالف» بأنّها تعمل على تحسين ملاحة سطح المكتب، وأنّ المستخدمين احتاجوا في بعض الحالات إلى وصل لوحة مفاتيح وفأرة طرف ثالث.
بعد النجاح أخيراً بتشغيل المحاكيات، حصلنا على إعداد جيّد يشغّل الألعاب القديمة والجديدة والعصرية كـ«فامباير سورفايفرز» و«بيرسونا 4» و«كرايسيس كور… فاينل فانتازي 7».
والخلاصة، يفتقر جهاز «ستيم ديك» إلى الصقل والعملانية التي تتميّز بها أجهزة الألعاب المنتشرة، لذا لن نوصي به للاعبين العاديين.
يصلح استخدام «ستيم ديك» في المنزل، لكنّنا لا ننصح بحمله خلال رحلة ما أو في مقهى، الأمر الذي يتعارض مع وظيفته جهازاً محمولاً. علاوةً على ذلك، يعاني الجهاز من عيب فادح، هو بطاريته التي دامت بالكاد 90 دقيقة خلال الاختبارات، قبل الاضطرار لشحنها، رغم أننا شغّلنا لعبة «فامباير سورفايفرز» القليلة الرسوميات.
من ناحية أخرى، يعاني الجهاز من ثقل الوزن (نحو 0.5 كيلوغرام تقريباً) والعرض المبالغ به (12 بوصة) بالنسبة لجهاز ألعاب محمول، ما يرجح الكفّة لصالح «نينتندو سويتش» الأصغر حجماً والأقلّ وزناً، والذي يعمل لمدّة 4 ساعات متواصلة قبل الحاجة لشحنه من جديد.
قد تكون فكرة العبث وتعديل الإعداد اختيارية، ولكنّها واحدة من أبرز نقاط الترويج التي يعتمد عليها الجهاز، ومقارنة باستخدام كومبيوتر للعب، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ تخصيص «ستيم ديك» ليس ممتعاً ولا سهلاً مع لوحة المفاتيح والفأرة وبرنامج سطح المكتب.
وأخيراً، قد لا يمانع البعض بمقاربة الحصرية الرقمية التي يعتمدها «ستيم ديك» لشراء الألعاب، إلّا أنّ آخرين كثراً أيضاً ممن يفضّلون امتلاك أقراص وخراطيش – لمشاركتها بسهولة مع الأصدقاء أو بيعها – سيرون فيها سبباً يمنعهم من شراء الجهاز.
* خدمة «نيويورك تايمز»