بغداد: زيدان الربيعي
واهم جداً من يعتقد أن الأزمة السياسية التي حصلت في العراق، قد تم حلها بعد الخطاب التاريخي الذي ألقاه زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، واستطاع من خلاله تجنيب العراق حرباً أهلية طاحنة، لأنها لو اندلعت وتوسعت يصعب إيقافها.
سبب الوهم، يعود إلى أن الصدر أوقف مفصلاً من مفاصل الخلافات العديدة التي أدت إلى ما سمّي بالانسداد السياسي، وهذا الانسداد لم يزل قائماً، وربما يتوسع إذا بقيت الأطراف المختلفة متمسكة بسقف مطالبها العالي، أو تريد اتّباع سياسة ليّ الأذرع. لذلك على جميع الأطراف السياسية أن تعي جيداً خطورة المرحلة، وتنظر إلى مصلحة البلد وتترك المكاسب الخاصة في هذه المرحلة الحرجة، فالوضع لم يعد يحتمل تهديدات وتشفّي طرف بطرف آخر، أو الاعتقاد بأن اعتزال الصدر للعمل السياسي يعني بقاءه متفرجاً على ما يحصل. لأن الصدر في أية لحظة، إذا ما وجد أن الأمور تسير باتجاه فيه خطورة على البلد، سيتدخل ويقلب الطاولة على الجميع.
وما تهديد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بالاستقالة وترك المنصب شاغراً، إلا ضغط جديد على الكتل السياسية، وكذلك على الشارع العراقي، لأن الكاظمي إذا نفذ تهديده، فإن البلد سيدخل في نفق مظلم، فاستقالة الكاظمي تعني استقالة كل حكومته، وبالتالي يبقى البلد بلا حكومة، وإيجاد حكومة بديلة في ظل هذه الأزمة السياسية الخطيرة أشبه بالمستحيل، خصوصاً أن الرئيس العراقي الحالي برهم صالح، يمارس دوره القانوني والدستوري بشكل استثنائي بناء على قرار من المحكمة الاتحادية.
لذلك، على الحرس القديم للعملية السياسية، ومن كل المكونات، الاتفاق على خارطة طريق تؤدي إلى إيجاد حل سريع يسهم في إعادة الروح للعملية السياسية من خلال التنازل عن مطالبها ذات السقوف العالية.
إن ما حدث مؤخراً، قد يتكرر، خصوصاً بعد البيان الناري الذي أصدره وزير الصدر ضد «الإطار التنسيقي»، إذ إن هذا البيان الذي كتب بلغة منفعلة، أكد أن المشكلة لم تنته، بل كشف أنها قد تتجدد في أي لحظة. لذلك، لابد على منافسي الصدر التعامل معه بليونة وعدم استفزازه، بينما على الصدر أن يحافظ على ما جاء في خطابه الأخير الذي مثّل التوجه الحقيقي له، ما جعله يتحول من زعيم تيار عقائدي وسياسي، إلى زعيم وطني يحظى بالاحترام والتقدير من الجميع.