تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بجعل الجيش الفرنسي الأول في أوروبا من حيث المعدات، فيما تخوض باريس حالياً غمار مرحلة واسعة لتحديث ترسانة أسلحة الجيش، وتطوير مركباته المدرعة،لكن الحرب في أوكرانيا خلطت الأوراق حتى بين الحلفاء. وفي الوقت ذاته لم تعد ألمانيا تخفي نواياها بالوصول إلى مرتبة أقوى قوة عسكرية أوروبية خلال السنوات القادمة.
الجيش الأقوى
وقال ماكرون، أمس الخميس، «الجيش القوي هو نقطة أساسية في استراتيجيتنا.. لدينا برنامج أسلحة للفترة 2019-2024 سيسمح لنا باستعادة قدراتنا، وكذلك التكيف مع الوضع الحالي في العالم، الأمر الذي سيجعل الجيش الفرنسي الجيش الأول في أوروبا».
تحديات جمة للتطوير
إلى الآن يعتبر الجيش الفرنسي الأقوى أوروبياً والسابع عالمياً، يبلغ عدد أفراده 450 ألف جندي، وعدد الاحتياط 35 ألف فرد،والقوات شبه العسكرية 145 ألف عسكري، فيما تقدر الميزانية الدفاعية لفرنسا عام 2022 بنحو 47 مليار دولار وتعتبر تاسع أكبر ميزانية دفاع في العالم.
ويتجاوز عدد سكان فرنسا 66 مليون نسمة، بينهم 30 مليونا يمثلون قوة بشرية متاحة للتجنيد، فيما يصل 775 ألف شخص سنوياً إلى سن الخدمة العسكرية.
وبحسب بيانات سابقة لموقع «غلوبال فير بور»، يمتلك الجيش الفرنسي أكثر من 1300 طائرة حربية، بينها 296 مقاتلة، و284 طائرة هجومية. ويتجاوز عدد المروحيات 600 مروحية، بينها 49 هجومية. وبرّاً، يمتلك الجيش الفرنسي 406 دبابات، وأكثر من 6800 مدرعة، و325 مدفعاً ذاتي الحركة، و233 مدفعاً ميدانياً، إضافة إلى 44 راجمة صواريخ. أما القوات البحرية، فيضم أسطولها، 118 قطعة بحرية، بينها 4 حاملات طائرات، و11 فرقاطة، و4 مدمرات، إضافة إلى 10 غواصات، و17 سفينة دورية، و18 كاسحة ألغام بحرية.
ويقف المسؤولون العسكريون الفرنسيون أمام تحديات لتطوير هذه القوة وإبقائها عماد الاتحاد الأوروبي بعد انسحاب بريطانيا من التكتل، واعتزام ألمانيا تطوير جيشها.
صعوبات وضعف
وقبل شهرين، كشف المندوب العام للتسليح في فرنسا، جويل بار، أن بلاده تواجه «صعوبات على مستوى مخزونات الذخيرة، وقطع الغيار، وتوفر المعدات، ولا سيما الطائرات المقاتلة». ووفق صحيفة «لوموند» أكد بار، في جلسة استماع بمجلس الشيوخ، أن الصراع الأوكراني ألقى الضوء على «ضعف فرنسا في المجال العسكري». وكشف أن موضوع مخزونات الذخيرة وقطع الغيار هو إحدى نقطتي الصعوبة، اللتين يجب إحراز تقدم فيهما، في ضوء احتمالات نشوب نزاعات شديدة الحدة، وأن النقطة الثانية تتعلق بتوفر المعدات، لا سيما الطائرات المقاتلة.
يقظة ألمانية
وبدورها، دخلت ألمانيا السباق.وبعد أيام قليلة من بدء الصراع في أوكرانيا، أعلن المستشار أولاف شولتز تغييرا في السياسة الدفاعية، يضمن رفع الإنفاق الدفاعي السنوي إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي.وتخصيص صندوق استثمار في تسليح الجيش قيمته 100 مليار يورو.
وقال شولتز، خلال أول مداولات لمجلس الوزراء حول الاستراتيجية الجديدة الشهر الماضي، إن حرب أوكرانيا تجبر أوروبا على زيادة الاستثمار في الدفاع وتوسيع التعاون العسكري، مضيفاً أنه يجب تأسيس دفاع جوي أوروبي مشترك. لأن أوروبا حتى الآن تحت رحمة الصواريخ القادمة من روسيا، لافتاً إلى خطر كبير من الجو ومن الفضاء. لم تكن خطة تقوية الجيش الألماني وليدة الصراع في أوكرانيا، بل كانت من قبل في عهد المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، ففي عامي 2018 و2019، وبتأثير من السياسات الانعزالية للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، طرح الاستراتيجيون أفكاراً جرت مناقشتها حول تحوّل ألمانيا إلى قوة عسكرية عالمية من جديد، وأعلنت وزيرة الدفاع آنذاك أنغريت كرامب كارينباور، تحويل جيش بلادها إلى قوة كبرى فاعلة خارجياً وداخلياً. وبموازاة ذلك، ظهرت صحوة سياسية تفيد بأن ألمانيا التي تؤكد الوقائع أنها قلب الاقتصاد الأوروبي، إلا أنها بعيدة عن امتلاك القوة العسكرية الفاعلة، على الرغم من أن الصناعات الحربية الألمانية مشهود لها عالمياً بالكفاءة والتطور، لا سيما الغواصات والدبابات، فضلاً دور الاستخبارات الألمانية المتصاعد بقوة في العالم. وتأسس الجيش الألماني أواسط خمسينات القرن الماضي بعد سماح الحلفاء لألمانيا بتسليح نفسها مجدداً. ويقدر عديد قواته بحوالي 185 ألف فرد دون الاحتياط، وينقسم إلى 5 فرق قتالية. وبحسب تصنيف «غلوبال فاير باور» لأقوى جيوش العالم، يحتل الجيش الألماني المرتبة 16. ويمتلك 617 طائرة متعددة المهام، و266 دبابة و9 آلاف و217 مدرعة، ويتكون أسطوله الحربي من 80 وحدة بحرية.