روما – أ.ف.ب
بدأت زعيمة اليمين المتطرف في إيطاليا جورجيا ميلوني وحلفاؤها، الثلاثاء، عملية يرجح أن تستغرق أسابيع، لتشكيل حكومة جديدة وسط أزمات تلوح في الأفق على جبهات عدة.
وليس لحزب «فراتيلي ديتاليا» (إخوة إيطاليا) الذي تتزعمه ميلوني والفائز في انتخابات، الأحد، أي خبرة في الحكم، لكن يتعين عليه أن يجمع فريقاً من مختلف الأحزاب، يعالج أزمة الارتفاع الصاروخي للتضخم وأسعار الطاقة، ومشكلة العلاقات مع أوروبا التي تشعر بالقلق.
وتأمل ميلوني البالغة 45 عاماً أن تكون أول امرأة على رأس الحكومة الإيطالية، لكنها بحاجة إلى حليفيها حزب «الرابطة اليميني المتطرف» بزعامة ماتيو سالفيني، وحزب «فورتسا إيطاليا» بزعامة رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلوسكوني، لضمان أغلبية في البرلمان. وتوزيع الحقائب الأكثر أهمية، لاسيما وزارات الاقتصاد والشؤون الخارجية والدفاع والداخلية، سيكون دائماً مسألة سياسية، لكنه الآن وأكثر من أي وقت مضى «يجب أن يعكس مجالات الاختصاص» وفق صحيفة «لاستامبا».
وفي المرات السابقة كان تولي إدارة جديدة المهام يستغرق ما بين 4 أسابيع إلى 12 أسبوعاً.
لكن الاستحقاق الأول يقترب بسرعة؛ إذ يتعين على إيطاليا المثقلة بالديون أن تقدم لبروكسل مشروع موازنتها للعام المقبل قبل 15 تشرين الأول/أكتوبر.
ولن يبدأ الرئيس سيرجيو ماتاريلا مشاورات تكليف رئيس للحكومة الجديدة إلا بعد انتخاب رئيسي مجلس الشيوخ والنواب من أعضاء البرلمان الذي سيجتمع في 13 تشرين الأول/ أكتوبر. وفيما الأُسر والأنشطة التجارية تواجه صعوبات في تسديد الفواتير الباهظة، بسبب الحرب في أوكرانيا، فإن إعداد ميزانية سيكون «مثل تسلق جبل إيفرست من دون عبوات أوكسجين بالنسبة للحكومة الجديدة»، على ما رأت صحيفة «كورييري ديلا سيرا».
وسعت ميلوني خلال الحملة الانتخابية لطمأنة المستثمرين إلى أنه على الرغم من تاريخها المتطرف يمكن الوثوق بها. لكن فائدة السندات الإيطالية لعشر سنوات ارتفعت إلى أعلى مستوى لها منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2013، الثلاثاء. واتسع الفارق بين أسعار الفائدة الألمانية والإيطالية، التي يرصدها المراقبون، إلى أكثر من 250 نقطة للمرة الأولى منذ ذروة جائحة فيروس «كورونا» في ربيع 2020.
شخص غير مثير للجدل
ووافقت المفوضية الأوروبية، الثلاثاء، على ثانية شريحة من أموال الإغاثة لإيطاليا في مرحلة ما بعد الوباء، بقيمة تصل إلى 21 مليار يورو تقريباً، وفق مصدر حكومي.
لكن ميلوني قالت: إنها تريد إعادة التفاوض على صفقة الإغاثة مع بروكسل، ما قد يعرض باقي المبلغ المقدر بنحو 200 مليار يورو، للخطر.
وقال المفوض الأوروبي لشؤون الاقتصاد باولو جنتيلوني: إنه حض «الحكومة الإيطالية القادمة على ضمان اغتنام هذه الفرصة»، وقال: إنها أساسية لوضع إيطاليا على مسار «نمو قوي ودائم». ورأت المحللة لدى وحدة الأبحاث بمجلة «إيكونوميست»، أنييزي أورتولاني، أنها تتوقع أن تقوم ميلوني «بمواصلة طمأنة الأسواق باختيارها شخصية غير مثيرة للجدل لمنصب وزير المالية».
وكتبت في مذكرة «ستريد أيضاً تجنب الإضرار بسمعتها بتعيين شخص لا تعده الأسواق ذا مصداقية». ويسعى حلفاء ميلوني للحصول على الوزارات المهمة، فسالفيني يريد حقيبة الداخلية، فيما يطمح برلوسكوني لرئاسة مجلس الشيوخ. لكن نتائجهما المخيبة في الانتخابات وعدم وصول أي منهما إلى عتبة 10 في المئة من الأصوات مقارنة بفراتيلي ديتاليا الذي حصل على 26 في المئة، يعني أن ميلوني قد تكون تعتزم تهميشهما.
تجاذبات
ولا يتفق سالفيني وبرلسكوني مع ميلوني في العديد من الجبهات، ومنها إمداد أوكرانيا بالأسلحة. ووسط كل التجاذبات المحتملة في المستقبل، فإن الفوز في الانتخابات «كان الجزء السهل تقريباً»، حسب ما كتب لوتشانو فونتانا رئيس تحرير صحيفة «كورييري ديلا سيرا».
وقلل برلوسكوني من شأن المخاوف من احتمال زعزعة التحالف، وقال، الثلاثاء: إن حزبه مستعد لتقديم تنازلات «في مصلحة البلاد».
وتشير التكهنات إلى احتمال تعيين حليفه أنتونيو تاجاني، رئيس البرلمان الأوروبي السابق، وزيراً للخارجية، وهو ما يمكن أن يرضي برلوسكوني ويهدئ مخاوف دولية إزاء أن يكون حزب ميلوني الشعبوي المشكك في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، يخطط لخوض معركة مع بروكسل.
وربما يكون الوضع مع سالفيني ( 49 عاماً) أكثر صعوبة. وهو يُحاكم حالياً بتهمة استغلال سلطاته كوزير للداخلية في 2019 لصدّ المهاجرين في البحر، ما قد يجعل عودته إلى الوزارة مستبعدة. وقالت صحيفة ريبوبليكا: إن «نزع فتيل سالفيني» دون إثارة رد فعل عنيف يمكن أن يضعف الوافدة الجديدة إلى السلطة التنفيذية هو «أول اختبار لميلوني».