دعا المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، الأوروبيين، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، إلى «تعلّم الدروس» من ترحيبهم بالنازحين الأوكرانيين من أجل الترحيب أيضاً باللاجئين الآخرين، في وقت تزداد الأزمات الإنسانية في العالم.
وقال الدبلوماسي الإيطالي في باريس، حيث استقبله الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يوم الثلاثاء الماضي، للحديث عن الاستجابات الإنسانية للنزاعات المختلفة التي تسببت بنزوح أشخاص، «لا تنسوا الآخرين». وأكّد المفوض الأممي أنه شعر باهتمام ماكرون «المدرك» أن الجهود المبذولة لاستقبال المئة ألف أوكراني الذين وصلوا إلى فرنسا منذ مارس/ آذار، يجب ألا «يعاقب الاستجابةالإنسانية للأزمات الأخرى».
وقال غراندي «هذا لا يعني أننا يجب أن نعطي الأوكرانيين أقلّ. الجميع يفهم سبب فرارهم. لكن هناك لاجئون آخرون أيضاً يفرون من القنابل. الخوف الذي يشعرون به والمعاناة التي تسببها الحرب للمدنيين وانتهاكات حقوق الإنسان لها التأثير نفسه في أوكرانيا، وسوريان واليمن، وأي مكان آخر». وتتجسد هذه الجهود أيضا في «الموارد التي نخصصها» للأزمات، بحسب غراندي. وتابع «أُعطيت الأولوية لهذه الموارد للأزمة الأوكرانية. والآن يتعين علينا تعبئتها» في ساحات الأزمات الأخرى التي تكافح من أجل تأمين ما يلزم من التمويل للاستجابة الإنسانية.
واعتبر أن على الاتحاد الأوروبي «تعلّم الدروس» من الحماية المؤقتة التي منحها للفارين من أوكرانيا، وحسن ضيافة الأوروبيين، لهم والإجماع حول توافدهم، قائلًا «لقد أظهرنا أن ذلك قابل للتنفيذ، لذلك دعونا نفعل ذلك».
ورأى غراندي أن الفرص ستتكرر، متحدثاً عن نزاعات ستزيد «تعقيداً» و«متعددة العوامل» وتتسبب بنزوح ملايين الأشخاص، من أفغانستان مرورا إلى القرن الإفريقي. وأوضح «في منطقة الساحل الإفريقي مثلًا، لدينا مزيج من العوامل التي تدفع الناس إلى الفرار. النزاعات بالتأكيد، ذات طابع إرهابي أحياناً. تداعيات حالة الطوارئ المناخية وعدم المساواة. هم لاجئون يفرّون لأسباب متعددة، لكن يجب ألّا يثبط هذا التعقيد عزيمتنا، بل يجب أن نتعامل معها من خلال مزيج من العمل الإنساني والتنموي والسياسي والدفاع عن حقوق الإنسان».
ولفت إلى أن الاحترار العالمي الذي أصبحت تداعياته محسوسة «في أشدّ تجلياته مثل الفيضانات في باكستان» التي تسببت بنزوح عشرات ملايين الأشخاص، «يزيد من تعقيد» الوضع عندما تُزاد آثاره إلى عوامل أخرى. وقال «ما يثير القلق هو العلاقة بين تغير المناخ والنزاعات. هذا المزيج من العوامل سيزيد بالتأكيد من عدد السكان النازحين».
وحذّر غراندي من أن العالم «يواجه صعوبات في إيجاد الموارد اللازمة قبل نهاية العام» للأزمات التي تهزّ مثلاً أمريكا اللاتينية، أو أقلية الروهينغا المسلمة في بورما، معرباً عن «قلقه بالنسبة للعام المقبل». ويُضاف إلى التحديات المالية «غياب في الحل السياسي» في أوروبا، بحسب المسؤول الإيطالي.
وتساءل غراندي «إلى متى يمكننا توفير المأوى والأدوية والأغذية (للاجئين)؟ علينا التفكير إلى أبعد من المدى القصير، لكن الأزمات تستمر، وإيجاد الحلول صعب إذا لم يكن هناك إطار سياسي ملائم» لاستقبال جميع اللاجئين، معتبراً أن النقاش الأوروبي حول آلية للتضامن «معطل».
وأضاف غراندي أنه عندما يفهم الرأي العام الغربي «الذي يشار إليه دائماً بأنه مناهض للاجئين، الصلة بين الحرب والعنف والنفي والهروب، سيكون من السهل جداً عليه قبول فكرة أن اللاجئين يحتاجون إلى الحماية».