تلاشت الآمال، الأربعاء، في العثور على ناجين من بين المفقودين الخمسين في فنزويلا، بعد الانهيار الأرضي الذي حدث قبل أربعة أيام في لاس تيخيرياس، المدينة الصناعية الصغيرة الواقعة في شمال-وسط البلاد، والذي تسبب بمقتل نحو مئة شخص، وفقاً للسلطات، في حين يتتبع المنقذون رائحة الجثث المتحللة للوصول إليها.
وقال الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو عبر التلفزيون الحكومي: إنّه تمّ حتى الآن انتشال 43 جثة، ولا يزال هناك عدد كبير من المفقودين: هناك 56 مفقوداً. نحن نقترب من تسجيل مئة ضحية لهذه الكارثة الطبيعية.
وأعلن الحداد الوطني في البلاد، الأحد، ولمدة ثلاثة أيام.
وأضاف الرئيس، الذي كان قد أدلى بتصريحات مماثلة، الاثنين، عندما زار الموقع: «سوف تولد لاس تيخيرياس من جديد من الألم والمأساة والكارثة وسوف تتألق فيها الحياة ويعم السلام مرة أخرى، الى الأمام يا لاس تيخيرياس!».
وقال نائب الرئيس ديلسي رودريغيز: إن الكثير من أحياء المدينة عادت إليها الكهرباء والاتصالات الهاتفية. وواصل نحو ثلاثة آلاف من رجال الإنقاذ، مساء الثلاثاء، البحث في موقع الانهيار الطيني في ظل تضاؤل الآمال بالعثور على ناجين. وقال عضو في الدفاع المدني فضل عدم الكشف عن هويته: إنه سيكون من «الصعب» العثور على أشخاص على قيد الحياة.
وفي مكان الحادث، وجهت ناتالي ماتوس (34 عاماً) رجال الإنقاذ إلى الغرفة المليئة بالطين، حيث يعتقد بوجود والدتها المفقودة والبالغة من العمر 65 عاماً.
وقالت: «أعلم أنها هنا.. كانت وحيدة. اتصلت بي. قالت لي: ابنتي، أنا أغرق، دخلت المياه الى المنزل، أخرجيني من هنا! أخرجيني! أخرجيني! أنقذيني!».
وتابعت: «حاولت الاتصال بها مرة أخرى، أجابت لكن كانت الضوضاء عالية».
وفي المكان، يحاول خمسة من رجال الإنقاذ إزالة الطين بالمجارف.
وقال أحدهم: «لقد وجهنا الكلب إلى هذا المكان حيث كانت غرفة المعيشة والمطبخ».
وعلى الرغم من الجهود المبذولة، فإن البحث لا طائل منه. تقول ناتالي ماتوس بنبرة يائسة: «لا أعرف إن كان عليّ أن أصرخ، لا أعرف إن كان عليّ أن أجري، ولا أعرف إن كان علي أن أبكي».
وعلى بعد أمتار قليلة، يعمل فريق آخر من رجال الإنقاذ في موقع منزل جرفته مياه النهر. حاول الجيران إعادة رسم مخطط المنزل لمساعدة رجال الإنقاذ في عمليات البحث.
- «تسترشد بالرائحة»
أوضح أحد رجال الإنقاذ، الذي طلب عدم الكشف عن هويته: «نحن نسترشد من خلال رائحة (الجثث المتحللة) واليوم نشم هذه الرائحة في عدة منازل».
في نهاية نهار يوم الاثنين، كان رجال الإنقاذ متشائمين بالفعل من إمكانية العثور على ناجين. وقال أحدهم: «لقد مضى يومان وإذا لم يمت (الضحايا) من خلال الإصابة بالحجارة والأغصان التي جرفها التيار، فإنهم قد ماتوا بسبب انخفاض درجة حراراة أجسامهم».
وشهدت فنزويلا موسماً ماطراً لا مثيل له استمر طوال العام تقريباً بسبب ظاهرة النينيا. وكان شهر أيلول/ سبتمبر، شهراً قياسياً بالنسبة لهطول الأمطار، وفي الأيام الأخيرة، ضربت البلاد الأمطار الغزيرة التي تعزى جزئياً إلى مرور إعصار «جوليا» إلى الشمال. وفي الأسابيع الثلاثة الماضية، لقي 13 شخصاً حتفهم في أماكن أخرى من البلاد بسبب الفيضانات أو الانهيارات الأرضية.
وقال نائب الرئيس، الأحد: إنه في لاس تيخيرياس «أمطرت السماء في ثماني ساعات ما تمطره في شهر كامل عادةً».
وجرف النهر، الذي ارتفع منسوبه لأكثر من ستة أمتار، كل شيء في طريقه: الأشجار والصخور والسيارات وأعمدة الإنارة وأعمدة الهاتف وأجزاء كاملة من المنازل التي تم بناء العديد منها في مناطق معرضة للخطر. وتمتد المدينة التي يبلغ عدد سكانها خمسين ألف شخص على سفوح الجبال.
ويعد الانهيار الأرضي في لاس تيخيرياس، أسوأ كارثة طبيعية تشهدها فنزويلا منذ مطلع القرن. وفي عام 1999، أدى انهيار أرضي كبير في ولاية فارغاس في شمال البلاد إلى مقتل حوالي عشرة آلاف شخص.
وأقامت السلطات الفنزويلية أماكن إيواء للضحايا في ماراكاي، عاصمة أراغوا، الولاية التي تقع فيها لاس تيخيرياس، وأعلنت عن توزيع 300 طن من المواد الغذائية. كما تم إنشاء مراكز لجمع التبرعات في جميع أنحاء البلاد.