أدت المخاوف المتزايدة من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يلجأ إلى استخدام الأسلحة النووية لوقف خسائره في أوكرانيا، إلى إثارة الجدل حول ما هي «الخطوط الحمراء» الحقيقية لدى كل من موسكو وواشنطن.
لم يوجه الرئيس بوتين سوى تهديدات عامة باستخدام الأسلحة النووية إذا تعرضت روسيا للهجوم، على الرغم من أنه من غير الواضح ما يعنيه ذلك بالنظر إلى توسعات موسكو المتزايدة في الأراضي الأوكرانية.
ورداً على ذلك، تعهدت الولايات المتحدة ب «عواقب وخيمة» في حال استخدم بوتين السلاح النووي، لكن الرئيس الأمريكي جو بايدن رفض تقديم أي تفاصيل حول ماهية الرد الأمريكي.
تهويل أمريكي من جهته، قال وزير الدفاع الأمريكي السابق ليون بانيتا، إن على بايدن أن يكون واضحاً بأنه في حال اختار بوتين السلاح النووي، فإن الولايات المتحدة لن تشعر بأنها مقيدة لتقديم الدعم المباشر للأوكرانيين حتى يتمكنوا في نهاية المطاف من الانتصار في هذه الحرب وهزيمة بوتين.
وانضم إلى سلسلة التحذيرات الأمريكية الجنرال الأمريكي المتقاعد، ديفيد بتريوس، الذي قال إن الولايات المتحدة وحلفاءها سيدمرون الجيش الروسي في أوكرانيا ويغرقون أسطول البحر الأسود التابع له في حال استخدام روسيا السلاح النووي لضرب الأوكرانيين.
وفي مقابلة مع شبكة «آي بي سي نيوز» مؤخراً، قال بتريوس: «لنفترض أن بوتين استخدم السلاح النووي، فإن الولايات المتحدة سوف تقود جهوداً مشتركة يقوم بها الناتو لتحييد القوات الروسية التي يمكن تحديد مكانها في ساحة المعارك في أوكرانيا وشبه جزيرة القرم بما في ذلك تدمير كل سفينة في البحر الأسود».
واقترحت موسكو مراراً وتكراراً خطوطاً حمراء أثناء الحرب، محذرةً من أن أي هجوم على شبه جزيرة القرم من شأنه أن يؤدي إلى رد عنيف، ما يشير أيضاً إلى أنه لن يتم التسامح أبداً مع أي هجمات على الأراضي الأوكرانية التي ضمتها روسيا مؤخراً.
مزيد من الأسلحة وتجنب الغرب إلى حد كبير الخطوات التي يمكن أن تؤدي إلى مواجهة مباشرة مع روسيا، حيث رفضت الولايات المتحدة الدعوات لفرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا، على الرغم من أن الناتو أعلن أنه سيواصل تقديم المساعدات العسكرية لأوكرانيا بما في ذلك مئات من الطائرات المسيرة وأنظمة مضادة للطائرات.
في سياق متصل، يضغط القادة الأوكرانيون على الولايات المتحدة والحلفاء الغربيين من أجل تزويدها بالمزيد من أنظمة الدفاع الجوي والصواريخ بعيدة المدى للحفاظ على الزخم في هجومها المضاد على روسيا والرد على هجمات موسكو المكثفة.
وقد قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، إن الحلفاء ملتزمون بإرسال الأسلحة بأسرع وقت ممكن، موضحاً أن قادة الدفاع في حلف الأطلسي يعملون على إرسال مجموعة واسعة من الأنظمة، تتراوح من الدبابات والعربات المدرعة إلى الدفاع الجوي والمدفعية.
ولكن لا يزال هناك عدد من الأسلحة المتقدمة رفيعة المستوى التي تريدها أوكرانيا ولن توفرها الولايات المتحدة، بسبب الحساسيات السياسية أو التكنولوجيا السرية أو المخزونات المحدودة.
وقدمت الولايات المتحدة بالفعل 20 عتاداً من أنظمة الصواريخ المدفعية «هايمارس»، ووعدت بتقديم 18 نظاماً صاروخياً آخر. وقالت وزارة الدفاع الأمريكية إنها ستسلم أول نظامين متقدمين من أنظمة الصواريخ أرض-جو NASAMS إلى أوكرانيا في الأسابيع المقبلة، لتزويد كييف بالسلاح الذي ضغطت للحصول عليه منذ وقت سابق من هذا العام. وستوفر الأنظمة الجديدة دفاعات متوسطة إلى بعيدة المدى ضد الهجمات الصاروخية الروسية.
وإجمالاً، أرسلت الولايات المتحدة لأوكرانيا 16.8 مليار دولار من الأسلحة والمساعدات الأخرى منذ بدء الحرب في 24 فبراير/شياط. وشملت تلك المساعدات مئات المركبات المدرعة، و142 مدفعاً من طراز «هاوتزر» و 880 ألفاً من الذخائر، بالإضافة إلى الآلاف من مدافع الجافلين المضادة للدبابات، و60 مليون طلقة من الرصاص.
وأوضح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مراراً وتكراراً أن بلاده بحاجة إلى أسلحة أكثر تطوراً لمواصلة القتال. ومع ذلك، لم تتم الاستجابة حتى الآن لنداءاته بشأن بعض الأسلحة.
ويطالب زيلينسكي بأنظمة الصواريخ التكتيكية للجيش والتي تعرف باسم «ATACMC»، حيث تسمح هذه الصواريخ للقوات الأوكرانية بضرب أهداف روسية على بعد 300 كيلومتر، ويستخدم النظام نفس قاذفات صواريخ «هايمارس» التي استخدمتها كييف بنجاح في هجومها المضاد، ولكن لديه مدى يصل إلى 3 أضعاف مدى صواريخ «هايمارس».
وقد حذر ألكسندر فينيديكتوف، نائب أمين مجلس الأمن الروسي، من خطورة دعوة الرئيس الأوكراني لشن ضربات وقائية ضد روسيا ومن العواقب الوخيمة على العالم إذ نشبت حرب نووية، موضحاً «يجب أن نتذكر أن أي صراع نووي سيؤثر بالتأكيد في العالم بأسره، ليس فقط روسيا والغرب، لكن في كل دولة على هذا الكوكب. والعواقب ستكون وخيمة على البشرية برمتها».
ويقول براد بومان، المحلل في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بواشنطن، إن أحد المخاوف الرئيسية للولايات المتحدة هو إمكانية استخدام القدرة الصاروخية طويلة المدى ضد أهداف داخل روسيا، ما يؤدي إلى زيادة استفزاز بوتين.
وبالمثل، من غير المحتمل أن ترسل الولايات المتحدة إلى أوكرانيا نظام صواريخ «باتريوت» أرض-جو المتطور للغاية، والذي لديه القدرة على إسقاط الصواريخ الباليستية.
كما ضغط زيلينسكي على الولايات المتحدة منذ مارس/آذار الماضي لتقديم طائرات مقاتلة مثل «إف –16»، لكن الولايات المتحدة رفضت مراراً وتكراراً الفكرة، لتجنب المزيد من التصعيد مع روسيا.
ورفضت الولايات المتحدة إرسال طائرات من دون طيار أكثر تطوراً وأطول مدى إلى أوكرانيا، مثل «جراي إيغل»، والتي ستمنح أوكرانيا قدرة ضرب أهداف بعيدة المدى. وهنالك أيضاً مخاوف بشأن وصول روسيا إلى مثل هذه التكنولوجيا المتقدمة في حال تم إسقاط إحدى هذه الطائرات.