د.سعيد مصبح الكعبي
لم تكن ليلة كغيرها، فقد انتظرها عشاق المستديرة بلهف وشوق فهي البطولة الغالية، وهي الكأس الأولى في عهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، ما ضاعف أهميتها، وهي البطولة التي غابت عن الملك الشرجاوي 19 سنة.
جمهور متعطش ملأ استاد هزاع بن زايد، والكل يهتف لفريقه، وفي النهاية انحازت البطولة لعاشقها الأبدي، وحمل الشرجاوية الكأس وعادوا بها إلى الشارقة للوالد الرياضي العاشق الناصح المتابع، ولأولاده ولأهل الشارقة كلها.
لما هذا العشق؟ ولما هذا الشوق؟
أثارت انتباهي تعليقات الجمهور الملكي قبل البطولة، فبعضهم وضع صورة رئيس الدولة مع أخيه حاكم الشارقة وثالثهما الكأس، صورة معبرة عن القيمة المعنوية، لهذه البطولة لأنها ارتبطت باسم قامات عظيمة لها من الحب في نفوس شعبها ما لا يقاس.
«من أجل سلطان».. عبارة تكررت كثيراً وكأن أهل الشارقة اجتمعوا على تقديم الكأس لسموه نظراً لما يقدمه من دعم لشأن المواطن بصفة عامة والرياضة بصفة خاصة، ويعلمون حجم الفرح الذي سيحمله هذا الانتصار له، فكأنهم يقولون: والدنا نحب أن نرى البسمة على محياك فأنت تستحق ذلك وفرحنا من فرحك.
انتقد كثر الإنفاق في الانتدابات الصيفية وربما بنظرة مالية بحتة هم محقون، ولكن بتعمق قليل، نرى أن الفوائد غير المباشرة لهذه الصفقات، تفوق ذلك الصرف، فالصيت الذي حصلت عليه الإمارة من هذه التعاقدات لا يقدر بثمن، فربما تعودنا على انتشار اسم الشارقة في الميدان الثقافي والعلمي، ولكن العام الماضي وهذا العام نستطيع أن نلاحظ كيف تصدرت الشارقة الأخبار الرياضية، وكيف ذاع صيتها في الكثير من وسائل الإعلام العالمية، وهذا بحد ذاته لا يقدر بثمن، ناهيك عن المتابعين لهؤلاء النجوم، والذين يزيدون على سبعة ملايين متابع، ومن شأن ذلك أن يعزز سمعة الإمارة عالمياً، أضف إلى ذلك، قيام بعض الأندية بانتدابات عالمية أسوة بالشارقة، وكأن الشارقة من فتح الباب وتبعه الآخرون.
قبل سنوات كانت الرياضة في الشارقة لها اعتبارات قيمية وسلوكية، ولم يكن الحصول على البطولات أمراً ذا أولوية، ولكن منذ سنوات تغيرت النظرة فبعد أن نجحت الإمارة في تحقيق أهداف الاستدامة وتوفر المرافق الرياضية وانتشارها وتنوع الألعاب في كل مدن الإمارة، بدأ تحقيق النتائج والفوز بالبطولات، ليطبق الشارقة حقيقة مفادها «ازرع وستحصد ولو بعد حين»، فأضحت تجربة الشارقة في كل الرياضة منهجاً يدرس.
في الختام، الفوز بالكأس هو بداية وليس ختاماً، لا يمكن للشرجاوية أن يتنازلوا عن تحقيق البطولات والفوز بها.