عادي
24 أكتوبر 2022
16:28 مساء
إعداد – محمد ثروت
يبدو أن العالم «على حافة الهاوية»، بعد مرور أكثر من 8 شهور على الحرب الروسية الأوكرانية، والتصعيد الخطير بين روسيا من جهة، والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي «الناتو» من جهة أخرى، مع مخاوف الدخول في «حرب نووية».
منذ فترة قصيرة استخدم الرئيس الأمريكي جو بايدن مصطلح حرب نهاية العالم «هرمجدون»، في التحذير من الصدام النووي بين روسيا والقوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، مروراً بوصول قوة «النسور الصارخة» الأمريكية المحمولة جواً إلى رومانيا، والتدريب على محاكاة المعارك في أوكرانيا، وأخيراً تحذير روسيا من أن أوكرانيا تستعد لاستخدام «قنبلة قذرة» في المعارك ضد الجيش الروسي، كي يتم اتهام موسكو باستخدام أسلحة الدمار الشامل في الصراع.
خلفيات أزمة الصواريخ الكوبية
لا يختلف المشهد الحالي كثيراً، عما كان عليه العالم منذ 60 عاماً، إبان أزمة الصواريخ الكوبية، التي وضعت العالم على حافة الحرب النووية، وبالتحديد في الرابع عشر من أكتوبر 1962.
وتعود أزمة الصواريخ الكوبية إلى عملية «خليج الخنازير»، التي قامت بها عناصر تعمل لصالح وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي آي إيه»، من أجل الإطاحة بحكومة الزعيم الكوبي الشيوعي فيدل كاسترو، الموالي لروسيا، والذي أطاح بالرئيس الكوبي السابق الجنرال باتيستا، الموالي للولايات المتحدة في هذا الوقت.
وبعد فشل المحاولة الأمريكية للإطاحة بالرئيس كاسترو، تصاعدت حدة المواجهة النووية بين روسيا وأمريكا، في أزمة «الصواريخ الكوبية»، إلا أن الرئيس الأمريكي جون كينيدي ونظيره الروسي نيكيتا خروتشوف عملا في نهاية الأمر على نزع فتيل الحرب النووية، التي كان العالم مقبلاً عليها، وحبست أنفاسه على مدار 13 يوماً.
محاور التصعيد
الآن وبعد مرور أكثر من 8 شهور على الحرب في أوكرانيا، ودون الوصول إلى تسوية سلمية، فإن التصريحات النارية المتبادلة بين قادة دول الصراع تهدد بإشعال الموقف في أي وقت.
وفي ظل التهديد النووي الذي يواجهه العالم الآن، فإن هناك 5 محاور رئيسية في المشهد العالمي الحالي، يمكنها تفسير حقيقة الخطر، والدوافع التي تقود البعض إلى إقحام السلاح النووي في الصراع، والتصعيد القاتل:
أولاً: أساء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تقدير مدى ضلوع الناتو في الحرب، بعد بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، وأصبح في مأزق، كونه لن يقبل هزيمة روسيا، وبالتالي، فإن استخدام الأسلحة النووية الروسية في الصراع لا يمكن استبعاده، خاصة مع التعبئة العسكرية التي وصل قوامها إلى 300 ألف جندي، وتصريحات بوتين بأنه «إذا تعرضت وحدة أراضي بلادنا للتهديد، فسنستخدم بلا شك كل الوسائل المتاحة لحماية روسيا وشعبنا. هذه ليست خدعة».
ثانياً: الحكومة الأوكرانية التي يهيمن عليها اليمينيون المتطرفون، والتي يمكن أن تخرج أفعالها عن السيطرة، يمكن أن تشنّ في أي لحظة عملاً استفزازياً تصعيدياً، على نطاق أكبر من اغتيال داريا دوغين، ابنة المفكر الروسي البارز، ألكسندر دوغين، المعروف بلقب «عقل بوتين»، والتفجير الذي استهدف جسر القرم، ما يمكن أن يؤدي إلى خروج الأمور عن السيطرة.
ثالثاً: تعاني قوى حلف شمال الأطلسي «الناتو» أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، لا تملك أي حلول لها، ورغم ذلك فإنها تلجأ إلى تصعيد دورها في الصراع.
رابعاً: تدفع القوى المهيمنة على السياسة في الولايات المتحدة الناتو نحو التدخل المباشر في الحرب الروسية الأوكرانية، وتسعى لإيجاد ذريعة من أجل ذلك، وهو ما كان واضحاً على سبيل المثال في تصريحات ديفيد بترايوس، المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي آي إيه»، والتي قال فيها: «ما هو الخط الأحمر الذي ينتظره حلف شمال الأطلسي كي يلعب دوراً مباشراً في الصراع؟»، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة وأوكرانيا والناتو يمكن أن ترد بشكل جماعي على أي تصعيد روسي جديد.
خامساً: حتى إذا لم يحدث تصعيد في الحرب، ومع دخول الشتاء، فإن المعاناة لن تقتصر على القوات المتحاربة في أوكرانيا، ولكن سوف تمتد تهديدات البرد والجوع والمجاعة للطبقات العاملة في جميع أنحاء العالم، والتي تواجه ارتفاع أسعار الغذاء والوقود.
الأمل في السلام
ومع التصعيد الواضح، والذي يهدد باشتعال الموقف في أي لحظة، تبدو هناك بعض المؤشرات، ولو كانت ضئيلة، حول إمكانية الوصول إلى تسوية سلمية للحرب في أوكرانيا، بأسرع وقت ممكن، قبل أن يسقط العالم في الهاوية.
فقد أجرى وزيرا الدفاع الأمريكي والروسي لويد أوستن وسيرغي شويغو اتصالين هاتفيين في أقل من 48 ساعة، وهو ما يعكس خطورة الأمر، مع تأكيد الجانب الأمريكي على ضرورة استمرار الاتصالات العسكرية مع موسكو.
وفي نفس الوقت، أجرى شويغو اتصالات مع وزراء دفاع بريطانيا وفرنسا وتركيا، بينما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في تصريحات خلال الساعات الأخيرة، أن هناك فرصة للسلام في أوكرانيا، قائلاً: «هناك احتمال للسلام، سيظهر في وقت ما».
https://tinyurl.com/2xnxhppj