القاهرة، مصر (CNN) — أعلنت الحكومة المصرية، التوصل لاتفاق للحصول على قرض بقيمة 9 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، منهم 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، ومليار دولار من صندوق الاستدامة و5 مليارات دولار من الدول الشريكة للتنمية؛ لتمويل الموازنة المصرية، جاء ذلك بعد إصدار البنك المركزي المصري، صباح اليوم الخميس، حزمة قرارات أهمها؛ زيادة سعر الفائدة 200 نقطة أساس، وتحديد نظام سعر صرف مرن للجنيه مقابل العملات الأجنبية، وإلغاء تدريجي للتعليمات الصادرة بشأن الاعتمادات المستندية في عمليات تمويل الاستيراد، إضافة إلى تطوير سوق المشتقات المالية لتعميق سوق الصرف الأجنبي.
وقررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، في اجتماع استثنائي رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 13.25% و14.25% و13.75% على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 13.75%.
وقالت سارة سعادة محللة الاقتصاد الكلي بإدارة البحوث بشركة “اتش سي”، إن البنك المركزي المصري أصدر عدة قرارات استباقية قبل موافقة صندوق النقد الدولي على إقراض مصر، تؤكد جديته في تبني نظام سعر صرف مرن للجنيه مقابل العملات الأجنبية، وزيادة أسعار الفائدة لتصبح متطابقة مع مستهدف البنك المركزي البالغ 7% (±2%) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2022، وكذلك للحد من التضخم المتوقع مع تحرير سعر الصرف، مضيفة أنه كان من المتوقع أن يتزامن مع إصدار هذه القرارات، موافقة الصندوق على إقراض مصر مثلما حدث عام 2016.
وأقرض صندوق النقد الدولي مصر مرتين خلال آخر 6 سنوات؛ الأولى في عام 2016 بقيمة 12 مليار دولار لتمويل برنامج للإصلاح الاقتصادي، والثاني بقيمة 2.77 مليار دولار لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، واستكملت بقرض جديد بقيمة 5.2 مليارات دولار ضمن برنامج الاستعداد الائتماني.
وأشارت “سعادة”، في تصريحات خاصة لـ”CNN بالعربية”، إلى أن البنك المركزي المصري أصدر قرارًا بإلغاء تدريجي للتعليمات الخاصة باستخدام الاعتمادات المستندية في عمليات تمويل الاستيراد حتى إلغائها بالكامل في ديسمبر المقبل، وهو ما يتطلب توافر مصادر للنقد الأجنبي لإلغاء قيود الاستيراد.
ترى سارة سعادة، أهمية إصدار هذه القرارات في تحقيق نتائج إيجابية على الاقتصاد المصري، موضحة أن هناك عدة قرارات صدرت خلال الفترة الماضية كانت بمثابة “مسكنات” ولكن لم تكن هناك حلولً لمواجهة الأزمة الاقتصادية، وتعتبر هذه القرارات بداية لحل الأزمة، غير أنها أشارت إلى تأثير سلبي للقرارات على مستوى التضخم ليصبح في المتوسط 18% خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، على أن ينخفض إلى 16% بداية من شهر مارس عام 2023 لاختلاف سنة الأساس.
وسجل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية، خلال شهر سبتمبر الماضي، أعلى مستوى له في 4 سنوات وبلغ 15%.
لفتت محللة الاقتصاد الكلي بشركة اتش سي، إلى إجراءات البنك المركزي النقدية للحد من التضخم من خلال زيادة سعر الفائدة 500 نقطة أساس خلال العام، ورفع الاحتياطي الإلزامي لدى البنوك مما يقلل من السيولة في الأسواق، وطرح شهادات ادخار مرتفعة العائد، لتقصير مدة ارتفاع التضخم لأقل فترة ممكنة.
وأصدر بنكا الأهلي ومصر، شهادات ادخار لمدة 3 سنوات بعائد سنوي 17.25%، كما قررا زيادة سعر العائد على الشهادة البلاتينية 3 سنوات لتصبح بعائد 16%، اعتبارًا من اليوم للشهادات الجديدة أو المجددة تلقائيًا.
وتوقعت سارة سعادة، أن يشهد سعر صرف الجنيه تذبذبًا على المدى قصير الأجل، على أن يستقر عند مستويات بين 22-23 جنيه أمام الدولار خلال الربع الأول من العام المقبل، وربطت ارتفاع الدولار بسرعة موافقة صندوق النقد الدولي على إقراض مصر.
وسجل سعر صرف الدولار 22.5 جنيه للشراء، و22.6 جنيه للبيع بالبنك الأهلي المصري.
وقال خبير أسواق المال وائل عنبة، إن البنك المركزي المصري يعيد تكرار تجربته السابقة مع صندوق النقد الدولي عام 2016، موضحًا أن البنك أصدر نفس القرارات وقت حصول على قرض الصندوق في نوفمبر عام 2016 وهي تحرير سعر صرف الجنيه للقضاء على السوق الموازية، وزيادة سعر الفائدة، وإصدار شهادات ادخار بفائدة مرتفعة للحد من السيولة.
وأضاف “عنبة”، في تصريحات خاصة لـ”CNN بالعربية”، أن قرارات البنك المركزي انعكست إيجابيًا على أداء سوق المال المصري، والتي حققت صعودًا قويًا لكل المؤشرات، وعودة مشتريات الأجانب مرة ثانية، لثقتهم في أداء الاقتصاد المصري بعد موافقة صندوق النقد الدولي المرتقبة على إقراض مصر.
وارتفع مؤشر البورصة المصرية الرئيسي بنسبة تجاوزت 4% في أول ساعة تداول ليصل إلى مستوى 10985 نقطة، وتجاوزت التداولات حاجز المليار جنيه.
وأرجع وائل عنبة، أسباب قرارات البنك المركزي إلى أولًا محاولته القضاء على وجود سعرين للدولار في السوق، حيث بلغ سعر الدولار في البنوك أكثر من 19 جنيهًا، مقابل أكثر من 22 جنيهًا في السوق الموازية، وهو ما يؤثر سلبًا على جذب استثمارات أجنبية، والتي تتأثر سلبًا بوجود سعرين لصرف الدولار، ثانيًا محاولة السيطرة على معدل التضخم من خلال زيادة سعر الفائدة وطرح شهادات ادخار مرتفعة العائد.
وقال خبير أسواق المال، إن نتائج قرارات البنك المركزي ستسهم في جذب استثمارات أجنبية مرة ثانية تعيد بناء الاحتياطي النقدي الأجنبي مثلما حدث عام 2016، وانتعاش سوق المال مرة ثانية مما يسمح للحكومة باستئناف برنامج الطروحات الحكومية، وتحقيق عائد مرتفع منها، في المقابل سترتفع معدلات التضخم لمستويات قياسية مما يتطلب من البنك المركزي التدخل للسيطرة عليه.
وقال الخبير الاقتصادي هاني جنينة، إن قرارات البنك المركزي تستهدف معالجة اختلال ميزان المدفوعات بهدف الحصول على موافقة صندوق النقد الدولي على إقراض مصر، وهي نفس القرارات التي سبق أن اتخذها منذ 6 سنوات وقت الحصول على القرض الأول من الصندوق، مضيفًا أن
نتائج هذه القرارات تسهم في الحد من المتاجرة في الدولار “الدولرة”، والحد من التضخم من خلال طرح شهادات ادخار مرتفعة العائد، متوقعًا في هذا الصدد أن يطرح بنكا الأهلي ومصر شهادات ادخار بعائد سنوي يصل إلى 20%.
وتوقع “جنينة”، في تصريحات خاصة لـ”CNN بالعربية”، أن ينفلت سعر صرف الجنيه أمام الدولار على المدى قصير الأجل، نتيجة تراكم الطلبات على الدولار بسبب تطبيق الاعتمادات المستندية، على أن يهدأ عقب وصول الدفعة الأولى من القرض وانخفاض الطلب على الدولار ليصل إلى مستويات بين 20-22 جنيه.